900 حالة وفاة منذ الانقلاب.. لماذا يموت المعتقلون في سجون العسكر؟

- ‎فيتقارير

لا يكاد يمر يوم على مصر فى عهد الانقلاب الدموي، إلا ويُعلَن عن شهيد أو أكثر في سجون العسكر.

حالات الوفاة الكثيرة لا تسترعي انتباه دولة العسكر وتمر مرور الكرام بالإعلان عن وفاة المعتقل أو السجين لأسباب مفبركة، كأزمة قلبية أو تناول الكحول أو أي أسباب أخرى، ثم التصريح بالدفن.. هكذا ينتهى الأمر دون إجراء أي تحقيق أو الكشف عن المسئولين عن هذه الوفيات .

ورغم الإدانات الدولية والمطالبات الحقوقية بإجراء تحقيقات حول هذه الحالات والإعلان عن أسباب الوفاة، إلا أن نظام الانقلاب الدموى يتجاهل كل ذلك؛ لأنه اتخذ قرارات بالقتل والتصفية لأى معارض منذ انقلابه الدموي، فى 3 يوليو 2013، على أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ البلاد الشهيد محمد مرسى .

وشهد شهر يونيو الجاري حتى الآن استشهاد 4 معتقلين، آخرهم المعتقل معوض محمد السيد سليمان ) 65 عاما)، الذى توفي داخل قسم أول المحلة الكبرى بعد تدهور حالته الصحية بشكل بالغ، وسط تردد أنباء عن إصابته بفيروس "كورونا" المستجد .

وسبق معوض سليمان الذي توفى في 9 يونيو، المهندس ناصر أحمد عبدالمقصود (55 عاما) في محبسه بسجن طره، والدكتور حسن زيادة" (54 عاما) بقسم أول المحلة، ورضا مسعود أحمد عبدالله (71 عاما) نتيجة الإهمال الطبي داخل سجن طره.

غياب الرعاية الطبية

يشار إلى أن سجون ومعتقلات العسكر تعانى من تقاعس سلطات الانقلاب عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للحفاظ على حياة السجناء، رغم انتشار وباء "كورونا" في السجون ومقار الاحتجاز .

ونتيجة الإهمال الطبي في السجون ومراكز الاحتجاز توفي 8 معتقلين في مايو الماضي، ومعتقل واحد في أبريل، فضلا عن وفاة 6 معتقلين في مارس، و5 في فبراير، و7 في يناير الماضي، ليصل عدد الذين استشهدوا فى معتقلات العسكر خلال العام الحالي 2020 إلى  33 شهيدا، فيما وثقت منظمات حقوقية قرابة الـ900 وفاة بسبب الإهمال الطبي وسوء المعيشة والتعذيب في السجون، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 حتى الآن .

سياسة الحرمان

كانت 9 منظمات حقوقية قد أعربت عن قلقها البالغ من تصاعد عدد الوفيات داخل سجون العسكر، منذ مطلع العام الجاري، ونددت باستمرار نظام الانقلاب فى سياسة الحرمان من الرعاية الصحية وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن.

وقالت المنظمات الحقوقية، فى بيان مشترك، إن عدد المعتقلين السياسيين في مصر يفوق الـ60 ألف معتقل منذ الانقلاب الدموى على الرئيس الشهيد محمد مرسي، أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ البلاد في 3 يوليو 2013.

وأشارت إلى أن العديد من المعتقلين السياسيين يواجهون في سجون العسكر خطر الموت؛ بسبب الإهمال الطبي المتعمد وغياب الرعاية الصحية التي فاقمتها جائحة "كورونا".

وقال "مركز الشهاب لحقوق الإنسان"، إن الوفيات في سجون العسكر تشير إلى تصاعد خطير للإهمال الطبي المؤدي للموت داخل المعتقلات .

وأكد "الشهاب" أن معدل الوفيات فى السجون يتجه إلى التصاعد فى ظل تفشى فيروس كورونا المستجد، معربا عن قلقه من عدم اتخاذ نظام الانقلاب أيّ إجراء حقيقي لمواجهة انتشار الفيروس فى السجون، ما يجعل أعداد وفيات المعتقلين مرشحة للزيادة .

وأشار إلى أن بعض الدول سارعت إلى الإفراج عن السجناء خوفا من انتشار الوباء بينهم. بينما ينتشر الوباء، فعليا، داخل سجون وأماكن الاحتجاز في دولة العسكر، ويرفض نظام الانقلاب الإفراج عن المعتقلين أو توفير رعاية صحية لإنقاذ حياتهم من الموت والهلاك .

انتشار كورونا 

وكشفت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" عن أنباء مؤكدة عن انتشار عدة أعراض داخل سجن تحقيق طره، من أهمها ارتفاع درجة الحرارة، وآلام في الجسم، ورشح وصداع والتهاب في الحلق والأذن وفقدان حاسة الشم، بالإضافة إلى وجود سعال عند بعض المعتقلين ما ينذر باحتمالية انتشار فيروس كورونا بين المعتقلين.

وقالت "التنسيقية"، إن الأعراض تظهر بالتتابع، وقد تكون أعراض فيروس كورونا أو عدوى بكتيرية يجب التعامل معها فورا، محذرة من هذه الأوبئة ستؤدى إلى زيادة أعداد المتوفين فى السجون .

وأكدت عدم وجود استجابة من إدارة السجن، بالإضافة إلى الإهمال المتعمد ومنع دخول الأدوية، مطالبة بسرعة عمل فحوص وعزل المرضى والمصابين، والإفراج عنهم على غرار جميع دول العالم، قبل تفشي المرض بشكل كامل، مما قد ينذر بكارثة مع انهيار المنظومة الصحية في مصر ووصول الوباء لذروة انتشاره خلال هذه الأيام .

استمرار جرائم التعذيب

وأرجعت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تزايد أعداد الشهداء فى سجون العسكر إلى استمرار جرائم التعذيب في أماكن الاحتجاز بشكل ممنهج .

وقالت المفوضية، إنها نجحت فى توثيق عدد من الحالات على مدار سنتين، في إطار مبادرة "خريطة التعذيب" التابعة للمفوضية، بالإضافة إلى الاستعانة ببيانات إحصائية أصدرها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية حول حالات التعذيب في العامين الأخيرين، وعجز التشريعات القانونية عن حماية الضحايا أو إنصافهم في حالات التقاضي.

وكشفت "خريطة التعذيب" عن تنوع وسائله التي تستخدم بشكل أساسي في مقرات الأمن الوطني، وفي أقسام الشرطة والسجون وغيرها من مقرات الاحتجاز، ما بين التعذيب الجسدي بشكل مباشر مثل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من اليدين أو القدمين، أو بشكل غير مباشر مثل الحرمان من تناول الطعام أو من النوم أو من الزيارة أو الحبس الانفرادي لفترات طويلة، أو التهديد بخطف وتعذيب أفراد أسرة الضحية.

وأكدت أنه في بعض الحالات كان هناك التهديد بالاغتصاب خاصة مع النساء، أو التحرش الجسدي أو الإجبار على مشاهدة ضحية تعذيب أخرى، أو الاستماع لصوت صراخ الضحايا أثناء التعذيب. كل هذا تنتج عنه آلام جسدية ونفسية عميقة الأثر، لا يتخلص منها الضحية حتى بعد الإفراج عنه، فيظل الضحايا في ألم جسدي ونفسي عميق يمنعهم من العودة إلى مزاولة الحياة الطبيعية وقد تؤدى بهم الى الوفاة .