إلغاء الصلاة عند حدوث أى مخالفة.. إجراءات تعجيزية لإقامة الجمعة بمساجد مصر

- ‎فيتقارير

يحظرون صلاة الجمعة ثم يمنحونها لك مشروطة بشروط إن خالفتها يحظرونها للأبد، هذا ما عليه الحال في مصر تهديد ووعيد من وزير الأوقاف بسلطة الانقلاب للمسلمين، مقارنة بمشهد آخر يثير التساؤل وسط غياب تام من حكومة واعلام الانقلاب، يحتشد مئات المسيحيين دون قيد أو شرط للمشاركة في ما يسمى زفة أيقونات السيدة العذراء بدير أسيوط.

ولعل حملات تكسير الرموز الإسلامية في نفوس المصريين مثل الجامع وخطب الجمعة، تبدو مهمة لعصابة الانقلاب العسكري، التي تتبنى نموذجا مشوها عن الإسلام، يسعى من خلاله السفاح عبد الفتاح السيسي وعساكره نحو خلق بيئة دينية يترعرع فيها مفاهيم الإسلام المنزوع الفعالية من المجتمع المصري، وإبقاء معالم الدين عند مجرد عبادات وشعائر فقط.

وذلك وفق المشروع الإماراتي الصهيو أمريكي لإسلام استسلامي منزوع الفعالية الاجتماعية، كنموذج مضاد للصحوة الإسلامية وحركات الإسلام السياسي بالمنطقة العربية، التي تراها الأجندات الغربية والإماراتية والنظم القمعية في الخليج والكيان الصهيوني خطرا محدقا بهم وبكراسيهم.

المندوب السامي

محمد مختار جمعة، أو المندوب السامي للعسكر في وزارة الأوقاف، يهدد المسلمين المصريين ونسبتهم تتخطى 90 % من تعداد السكان والبالغ عددهم 110 ملايين نسمة، إنه فى حال عدم التزام المصلين بالإجراءات الصحية والاحترازية والتباعد بأى مسجد خلال صلاة الجمعة لن يتم إقامة صلاة الجمعة به نهائياً.

بينما انتشرت صور نشطاء ترصد مئات الأقباط وهم يشاركون في ما يسمى زفة أيقونات السيدة العذراء المعروفة بموكب "الدورة" بدير أسيوط، بينما شدد "جمعة" في نبرة عسكرية تلقاها عمن جاء به لمنصب وزير الأوقاف، على أن: "المساجد فتحت لأداء الصلاة مع الحفاظ على الصحة وعدم التهاون فى الحفاظ على صحة المصلين".

وأضاف "جمعة"، خلال اتصال هاتفي ببرنامج "التاسعة"، الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي، أنه فى حال امتلاء المسجد خلال صلاة الجمعة سوف يتم غلقه، وعلى المصلى أن يذهب لمسجد آخر أو أن يصلى فى بيته.

وأكد وزير الأوقاف أنه جارٍ دراسة السماح بأداء صلاة الجمعة فى الساحات المفتوحة أمام المساجد، بما لا يعطل حركة السير، وتابع: "الجماعات الإرهابية تشوه كل شىء وتبث اليأس والإحباط فى نفوس المصريين"، لافتاً إلى أن الأمل هو الذى سيفشل كافة مخططاتهم إلى جانب وعى وحذر المصريين!

وكانت وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب الأكثر تشددا في تطبيق الإجراءات الاحترازية، حيث تابع المصريون إقالة أئمة مساجد بسبب إقامة الصلوات خلال فترة الحظر، كما تداول مغردون هروب المصلين بعد سماع صوت سيارت الشرطة، وذلك أثناء إقامة صلاة الجمعة وعيد الفطر الماضي.

وتعليقا على شرط الأوقاف (حال حدوث مخالفة سيتم عدم إقامة الجمعة فى المسجد )، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي وائل قنديل: "هذا النص بهذه الصيغة يعني أن المستهدف الأول بالعقوبة هو المسجد، وليس من يخالف التعليمات يساوي بالضبط إذا صدم السائق شخصًا بسيارته، سيتم منع السيارات من السير وإغلاق الشوارع".

ومع إعلان حكومة الانقلاب تخفيف القيود تدريجيا وعودة التجمعات قررت أيضا عودة الصلوات اليومية في المساجد، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، لكنها لم تعلن بعد عودة صلاة الجمعة، مما تسبب في غضب المصريين. لكن الغضب تصاعد بحدة لافتة بمشهد احتشاد مئات المسيحيين دون قيد او شرط للمشاركة في زفة أيقونات السيدة العذراء بدير أسيوط، ودون اتخاذ إجراءات وقائية، وتساءل الكثيرون عن فرض الشروط التعجيزية على المساجد بينما يتم التراخي مع هيئات وانشطة أخرى مثل الكنائس والمصالح الحكومية والمقاهي وكافة الأنشطة اليومية.

تقول الناشطة ياسمين عطية: "اهدوا الصورة للسيد وزير الأوقاف الذي يهددنا بإلغاء صلاة الجمعة في حال عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي وكأن المساجد ملكا لأهله.. مئات الأقباط يشاركون في زفة أيقونات السيدة العذراء المعروفة بموكب "الدورة" بدير أسيوط".

ويقول صاحب حساب دكتور شديد أوي: "وزير الأوقاف عن عودة صلاة الجمعة إذا المصلين لم يلتزموا بالإجراءات الاحترازية في الصلاة لن يكون في صلاة جمعة نهائياً… ده تهديد ولا رغبه يا مختار ؟".

وتقول هدير عباس :" المشكله مش في اجتماعهم المشكله في التضييق الذي يحدث على المساجد من قبل الحكومه وزير الأوقاف وعدم السماح بصلاه الجمعه يعني كل شي رجع عادي اشمعنا المساجد والا انتم عاوزين تكرهوا الناس في الصلاه والمسجد ومانع ليه صلاه الجمعه والا سيدك لم تعطيك الإذن".

وتقول سحر محمود :" يامثبت العقل فى النافوخ يارب وزارة الأوقاف تشدد على أن قرار فتح المساجد لصلاة الجمعة بداية من 28 أغسطس الجارى، خاص بالمساجد الكبرى والجامعة فقط ولن يتم السماح بإقامة صلاة الجمعة فى الزوايا والمساجد الصغيرة أصل كورونا التارجت بتاعها الزوايا والمساجد الصغيرة بس للغباء ناس".

وتداول نشطاء آخرون صور تجمعات في المقاهي أثناء متابعة مباريات دوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمام أسوار المساجد المغلقة، وتحدث بعضهم عن الزحام والتكدس في المواصلات العامة، فضلا عن إصرار حكومة الانقلاب على تنظيم امتحانات الثانوية العامة ومسرحية انتخابات مجلس الشيوخ رغم تحذيرات كثيرة من المختصين.

غضب من تأخر عودة الصلاة

ومع تصاعد الغضب تقدمت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في برلمان الدم بدعوة وزراء الأوقاف والصحة والتنمية المحلية، لمناقشة تلبية رغبة المواطنين لإقامة صلاة الجمعة بعد نجاح تجربة صلاة الجماعة بالمساجد وتحقيق الإجراءات الاحترازية كاملة، ولم تنجم عن ذلك أي سلبيات تذكر.

ومنذ انقلاب الجنرال السيسي على الرئيس الشهيد محمد مرسي  في صيف 2013، لم تتوقف محاولات النظام العسكري، من شن حملات على رموز الإسلام، سواء أكانوا شخصيات مثل الدعاة والشيوخ والعلماء الرافضين للانقلاب أو مؤسسات مثل الجامع أو آراء ثابتة تاريخيا وفقهيا أو منظومات تشريعية مستقرة، يراها المشروع العسكري عائقا أم ترسيخ أركانه في عقول وممارسات الجماهير.

ومع مطلع شهر رمضان الماضي شنت صحف الانقلاب حملة موسعة ضد الإمام “البخاري” وشيخ الإسلام “ابن تيمية”، شارك فيها شخصيات عامة وإعلاميون وكتاب علمانيون، تلك الحملة التي تقوم على تشويه تاريخ الرمزين الإسلاميين الكبيرين والتشكيك في آراء كل منهما إلى جانب الهجوم على مؤسسة الأزهر.

ولعل  حملة تسييس الدين التي يسعى من خلالها السفاح السيسي لتثبيت أركان الحكم العسكري بمصر، دفعت شيخ الأزهر – الذي شارك في انقلاب 3 يوليو 2013- ضد الحملة التي يقودها الجنرال لما يسميه تارة “تجديد الخطاب الديني”، وتارة أخرى “تنقية النصوص الدينية”، وتارة ثالثة “تنقية السنة النبوية وإعادة قراءة تراثنا الفكري”، فهذا معناه إدراك الرجل الذي دعم الانقلاب الدموي أن القصة ليست فقط تجديد الخطاب الديني، وإنما خطة لهدم الدين وتقليص دور الأزهر باعتباره عقبة تقف ضد هذه الخطة الشيطانية، بما يضمه من آلاف العلماء الذين يعارض أغلبهم سياسات السفيه السيسي.

ولعل هجوم السفاح السيسي على الاسلام في الكثير من المناسبات الاسلامية، ووصفه المسلمين بالإرهاب ويخاطبهم بأنهم يهدفون لقتل غير المسلمين في العالم، قائلا: "يعني الـ1.6 مليار هيقتلوا الدنيا اللي فيها 7 مليار عشان يعيشوا هما؟"!!، وحديث السفيه السيسي في أكثر من مناسبة عما أسماه “التطرف والإرهاب” المنسوب للمسلمين ومهاجمته الإسلام والمسلمين، مدعيًا أن “هناك نصوصًا تم تقديسها على مدار مئات السنين تعادي الدنيا كلها”، كانت مدعاة لردود واضحة ومباشرة من شيخ الأزهر على تلك الأطروحات، مهاجما الارهاب المسيخي والغربي والارهاب اليهودي، وعدم اقتصاره على المسلين.

وفي مارس 2017 وخلال مؤتمر بالأزهر عن المواطنة، رد شيخ الأزهر على السفاح السيسي بطريقة أحرجته، حين هاجم ضمنًا تصريحات السيسي وتصريحات قيادات الكنيسة والغرب بشأن ادعاءات “الإرهاب الإسلامي”، بينما يتغاضون عن الإرهاب المسيحي واليهودي، فقد هدم شيخ الأزهر بكلمته نظرية الإرهاب الإسلامي التي ظل السيسي يروج لها لينال الدعم من الغرب.

وقال الطيب إنه لا يوجد إرهاب إسلامي، واتهم الغرب ومجموعات مسيحية ويهودية وعلمانية بتبني الإرهاب وتغاضي الغرب عنهم، وقال في كلمته: إن”الإرهاب والعنف المسيحي واليهودي ضد المسلمين يمر في بقاع الدنيا بردًا وسلامًا على العالم الغربي”، ومع هذا كرر السفاح السيسي هذا في العام 2018- وللمرة الخامسة- مزاعمه عن أن الإسلام مرتبط بالإرهاب في أذهان العالم!