ورقة تحليلية: رابعة جريمة ضد الإنسانية وشبحها سيظل يطارد الانقلاب

- ‎فيتقارير

"على رغم كل محاولات السيسي ونظامه في محو مذبحة فض رابعة داخل مصر وخارجها، فإن شبح رابعة يطارده في كل مكان؛ ورغم البطش والقتل والتنكيل الذي يواجهه المعارضون في الداخل والخارج إلا أن مازالت رابعة في قلوبهم حية لم تمت"… بهذه المفردات ردت ورقة تحليلة نشرها المعهد المصري للدراسات بعنوان "الجريمة الكاملة والعدالة الغائبة 7 سنوات بعد مذبحة رابعة" للباحثة أسماء شكر، على نفسها وهي تشير إلى أن "هناك مخاوف مبرَّرة من تحول ضحايا رفض الانقلاب العسكري في مصر لـ “مجرد رقم”، ضمن أرقام متناثرة هنا وهناك، خاصة مع إصرار نظام السيسي على محو أي ذكرى لمذبحة رابعة وما تلاها من مذابح".

وأضافت الورقة في خلاصتها أنه "رغم كل العقبات التي تواجههم على مدار سبع سنوات، فالتاريخ يؤكد بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب"، في حين أن أبدت تخوفا من "حالة الضعف التي تعيشها المعارضة بالخارج وخاصة في حالة عدم التنظيم والتنسيق الكافي في العمل الحقوقي".
غياب العدالة

وأضافت الورقة البحثية أنه رغم قسوة مشاهد الفض ووحشية قوات الأمن المصري بالتعاون مع قوات الجيش المصري، إلا أن غياب العدالة والإفلات من العقاب طوال هذه السنوات هو سيد الموقف حتى بعد مرور سبع سنوات على ذكرى الفض.

وأوضحت أن النهج الأمني الذي اعتمد عليه السيسي منذ بداية الأحداث كان له تداعيات واضحة فى بث روح اليأس على ذوي الضحايا عن تقديم أحد إلى العدالة، وعلى رأس هذه الممارسات التصفية الجسدية دون محاكمات، ثم تصفهم داخلية  الانقلاب بـ "الإرهابيين" الذين تُلحقهم تارة بولاية سيناء أو تنظيم الدولة أو حركة حسم وغيرها، ثم التأكيد على أن الضحايا كانوا إرهابيين قُتلوا في أثناء الاشتباك مع قوات الأمن.

وشددت الورقة أن فض ميداني رابعة والنهضة بهذا الشكل الدموي الذي شاهده العالم كله عبر اقتحام الجيش والشرطة لساحات التظاهر، ليست جريمة سياسية وحسب؛ وإنما هذه الجريمة ترقى إلى “جريمة ضد الإنسانية”، معتبرة أنها الجريمة الأبشع في تاريخ مصر الحديث؛ فلا بد من التعامل معها بحسب قدرها والتأكيد المستمر في المحافل الدولية بأن جريمة الفض جريمة لن تسقط بالتقادم، أو بسن تشريعات جديدة لمعافاة المسئولين من المُساءلة والعقاب.

مبررات التضارب

وفي تفنيد لأرقام الضحايا التي تختلف من منظمة وموقع لآخر، لفض اعتصام رابعة العدوية، فأشارت إلى تفسير يقول بعدم وجود توثيق دقيق لأعداد القتلى بسبب احتراق سجلات المستشفى الميداني أثناء الفض، وامتناع عدد من الأهالي لضحايا الفض عن إيصال الجثث للمشرحة أو المستشفيات، بالإضافة لحرق وتجريف جثث أخرى فكل إحصائية تحدثت عن المعلومات التي وصلت لها فقط.

وأضافت في هذا الإطار إلى دور القبضة الأمنية المشددة التي فرضتها سلطات الانقلاب على أهالي الضحايا وعلى الصحفيين وعلى المنظمات الحقوقية، فهذه الممارسات كانت سببا رئيسيا في تضارب البيانات لأعداد ضحايا الفض.

وأشارت إلى أنه من بين الأسباب، اعتقال ضحايا الفض ممن بقي حيا، لافتة إلى أنه بعد مذبحة الفض مباشرة قام القضاء المصري بفتح تحقيق في الواقعة التي هزت العالم كله، لكن لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها المؤقت آنذاك عدلي منصور والمعيَّن من قبل السيسي والمؤسسة العسكرية، كان نهجها بألا أحد من الجيش أو الشرطة يُحاكَم في هذه الجرائم.

وقالت "تحول المعتصمون من ضحايا إلى متهمين في محاكمات أُلقي فيها اللوم على قادة الاحتجاجات بعد وقوع الضحايا في رابعة، وقُبِضَ على مئات ممن حضروا الاعتصامين، ومن بينهم بعض الصحفيين والمصورين الذين كانوا يزاولون عملهم في تغطية الأحداث، وقُدِّمُوا إلى محاكمة جماعية جائرة.

ورأت أن "هذه الثغرة الواسعة في تطبيق العدالة لقوات الأمن بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها استخدام القوة المفرطة بشكل مميت، وتنفيذ عمليات إخفاء قسري، دون حسيب أو رقيب".

وتابعت "بالإضافة إلى أحكام الإعدام واستهداف المعارضين في الخارج والداخل وتلفيق الاتهامات لهم، الأمر الذي من شانه أن يهدم أي استنتاجات أو تحليلات بشأن أنه كان هناك احتمالية حدوث أي مصالحات في هذا الوقت بين النظام وجماعة الإخوان".


أرقام "رسمية" انقلابية
وتعددت التقديرات حول أعداد الشهداء والضحايا والمصابين، فالتقارير الرسمية من الدولة زعمت أن:

في 13 سبتمبر 2013، قال المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي هشام عبد الحميد، إن إجمالي عدد الوفيات في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية بلغ 333 حالة، بينهم 247 حالة معلومة (هويتها) و52 حالة مجهولة، و7 حالات من الشرطة.

وفى 5 نوفمبر 2013، أعلن الطب الشرعي فى بيان رسمي جديد له، أن إجمالي عدد ضحايا رابعة 377 قتيلاً، منهم 31 جثة مجهولة الهوية.

أما المجلس القومي لحقوق الإنسان المعيَّن من قبل حكومة الانقلاب قال إن أعداد القتلى 632 قتيلاً.

وفي 25 نوفمبر 2014، أصدرت لجنة تقصي الحقائق المعروفة باسم لجنة تقصي 30 يونيو برئاسة الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض تقريرها النهائي بشأن أحداث رابعة والنهضة، وقال التقرير إن إجمالي الضحايا 860 قتيلاً.

"الإخوان" و"دعم الشرعية"

وأشارت إلى أنه في 15 أغسطس 2013، قال التحالف الوطني لدعم الشرعية إن إجمالي ضحايا فض رابعة العدوية وحدها بلغ 2600 شخصا، وهو نفس العدد الذي تحدثت عنه المستشفى الميداني في رابعة في ذلك الوقت.

ونبهت "شكر" إلى تصريحات مختلفة عن قيادات بجماعة الإخوان المسلمين منهم الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان في توقيتات سابقة ترفع عدد القتلى إلى ثلاثة آلاف، في حين ذهب آخرون من أعضاء الإخوان وقياداتهم إلى أن الضحايا بلغوا خمسة آلاف، وهو ما فسرته مصادر من داخل جماعة الإخوان في تصريحات لوكالة الأناضول.

رصد حقوقي

واهتمت الورقة بما اوردته المنصات والمنظمات الحقوقية المختلفة، قال موقع "ويكي ثورة" إن عدد القتلى في أحداث رابعة العدوية والنهضة وصل إلى بـ 1542، فيما قدرتهم "هيومن رايتس ووتش" بـ337 قتيلاً على الأقل. أما آخر تقرير لـ “هيومن رايتس ووتش”، والمكون من 188 صفحة والذي أعلن رسمياً يوم 12 أغسطس 2014، تحدثت فيه عن قتل 1150.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان أصدرته يوم 16 أغسطس 2013، إن “عدد الضحايا تعدى ستمائة شخص بعدما استخدمت قوات الأمن القوة المميتة غير المبررة ونكثت بوعدها بالسماح للجرحى بمغادرة الاعتصام بأمان”. وتحدثت "مؤسسة الكرامة" فى 17 أكتوبر 2013 عدد الضحايا بـ 985 شخصا.