صراع روسي تركي إيراني.. ناجورنو كاراباخ التحرير قادم بجهود أردوغان

- ‎فيعربي ودولي
GULABIRD, AZERBAIJAN - OCTOBER 18: Azeri soldiers feed ammunition belts while another assembles a rocket as they prepare themselves for their next fighting encounter in the village of Gulabird in the southern part of the embattled Armenian enclave of Nagorno Karabakh 18 October 1992. (Photo credit should read MAXIMOV/AFP/Getty Images)

مع تصاعد المعارك على كل الجبهات وإعلان الهام علييف رئيس أذربيجان أن الحرب لن تتوقف حتى تحرير اقليم ناجورنو كاراباخ بالكامل وعودته إلى الوطن الأم.. يبدو أن التحرير قادم بالفعل خصوصا مع موقف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الداعم لأذربيجان ضد أرمينيا ومطالبته بانسحاب الأرمن من  ناجورنو كاراباخ بالإضافة إلى التطورات التى شهدها الموقف الإيرانى من احتلال أرمينيا للإقليم حيث دعت طهران أرمينيا إلى الانسحاب من ناجورنو كاراباخ.

كانت اشتباكات قد اندلعت بين جيشى أرمينيا وأذربيجان وفي 27 سبتمبر الماضي على خط الجبهة بين البلدين إثر إطلاق الجيش الأرميني النار بكثافة على مواقع سكنية في قرى أذرية، مما أوقع قتلى وجرحى وألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية للمدنية،
ويعود الصراع على ناجورنو كاراباخ إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما انفصل الإقليم ذو الأغلبية الأرمنية عن أذربيجان، وتسبب فى اشتعال حرب أوقعت 30 ألف قتيل.
وأكدت أذربيجان مرارا أنها لن توافق على وقف إطلاق النار ما لم تسحب أرمينيا قواتها، وهو موقف كرره وزير خارجيتها جيهون بيراموف بقوله "سنقاتل حتى الرمق الأخير".

تاريخ وجغرافيا
يقع إقليم ناجورنو كاراباخ في الجزء الغربي من أذربيجان، على بعد نحو 270 كيلومترا من عاصمتها باكو، وتقدر مساحته بنحو 4400 كيلو متر مربع، أي ما نسبته 15% من مساحة البلاد ويعترف به كجزء من جمهورية أذربيجان من قبل المجتمع الدولي وفقا لأحكام القانون الدولي.
ويتألف اسم الإقليم من مقطعين، هما: " ناجورنو " وتعني باللغة الروسية "الجبلية"، و" كاراباخ " ومعناها باللغة التركية "الحديقة السوداء". لكن الأرمن يطلقون على الإقليم اسم "آرتساخ" ومعناها "غابة آر"، و"آر" هو "إله الشمس" عند الأرمن القدماء.

وعاصمة الإقليم هي "ستيباناكرت" وتقع على قمة جبلية ترتفع 750 مترا فوق سطح البحر، وأُنشئت بعد الثورة البلشفية في أكتوبر 1917 على موقع قرية خان كندي، وتغيَّر اسمها إلى "إستبانا كيرت" تيمنا بالزعيم الشيوعي البلشفي إستبانا شاهوميان، الذي يتوسط تمثاله ميدانا رئيسيا في المدينة ويحمل اسمه.
يبلغ عدد سكان ناجورنو كاراباخ (طبقا لإحصاء أجرته السلطات الأرمنية في يناير 2016) 148.1 ألف نسمة، وتشير تقديرات إلى أن نسبة الأرمن من السكان تمثل 95% والباقي من أعراق أخرى.

وتعود جذور النزاع إلى القرن التاسع عشر عندما أبرمت معاهدة جولستان (1813) للسلام ومعاهدة تركمانشاي (1828) للسلام بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية الفارسية واللتان تم بموجبهما توطين جماعي سريع للأرمن من إيران وتركيا في المنطقة وتغير التكوين العرقي تمامًا. ثم تأسست جمهورية أذربيجان الديموقراطية وجمهورية أرمينيا عام 1918، وكان إقليم ناجورنو كاراباخ تابعا لجمهورية أذربيجان.
في 1920، تأسس الحكم السوفيتي في البلدين وفي 1921 أكد المكتب القوقازي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي بقراره الصادر في 5 يوليو 1921 على بقاء ناجورنو كاراباخ داخل جمهورية أذربيجان، الأمر الذي يؤكد أن الإقليم كان جزءا من أذربيجان.
في عام 1993 بعد الاستيلاء المسلح على الأراضي الأذربيجانية، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرارات 822 (1993) و 853 (1993) و 874 (1993) و 884 (1993)، التي تدين استخدام القوة ضد أذربيجان واحتلال أراضيها و إعادة التأكيد على سيادة ووحدة أراضي أذربيجان وحرمة حدودها المعترف بها دوليا.

وأكد مجلس الأمن من جديد في هذين القرارين أن منطقة ناجورنو كاراباخ جزء من أذربيجان ودعا إلى انسحاب فوري وكامل وغير مشروط لقوات الاحتلال الأرمنى من جميع الأراضي المحتلة بأذربيجان.

تركيا
مع اندلاع الحرب بين أذربيجان وآرمينيا أعلن رجب طيب أردوغان رئيس تركيا دعمه الكامل لأذربيجان معربا عن استعداده لارسال قوات تركية لو كانت أذربيجان فى حاجة لذلك من أجل تحرير اقليم ناجورنو كاراباخ
وربط تطبيع العلاقات التركية مع أرمينيا باتفاقها مع أذربيجان حول منطقة ناجورونو كاراباخ المتنازع عليها، مؤكدا أن أرمينيا هي أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة.

كما انتقد إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية الاعتداء الأرمني على أذربيجان، وقال -في تغريدة على تويتر- إن هجوم أرمينيا على المدنيين في ناجورنو كاراباخ انتهك وقف إطلاق النار وأظهر مرة أخرى معارضتها للسلام والاستقرار.
ودعا قالن المجتمع الدولي إلى أن يوقف فورا الاستفزاز الخطير في ناجورنو كاراباخ معبرا عن دعم تركيا الكامل لأذربيجان في ظل هذه الظروف.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن موقف أرمينيا العدواني يمثل أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في منطقة القوقاز، وإن عليها التراجع عن العدوان.
وأضاف أن تركيا تدين الهجوم الأرمني وستقف إلى جانب الأذريين في الدفاع عن وحدة أراضيهم.

وأكد حامي أقصوي المتحدث باسم الخارجية التركية في بيان له ان الهجوم الأرمني انتهاك واضح للقانون الدولي، وإن أرمينيا أثبتت بهذا الهجوم الذي سقط المدنيون ضحاياه أنها أكبر عقبة أمام السلام والاستقرار في المنطقة.
وأكد أحمد إشجان نائب مدير مركز الشؤون الدبلوماسية والدراسات السياسية في إسطنبول اهتمام تركيا بمنطقة القوقاز اقتصاديا واستراتيجيا، واتهم روسيا وإيران بدعم أرمينيا، ما يخرج الصراع من طابعه "الثنائي" بين الأخيرة وأذربيجان.
واعتبر "إشجان" أن اشتعال جبهة ثالثة مع روسيا في هذا التوقيت سيضع تركيا في موقف أكثر صعوبة من منظور جيوسياسي، في وقت تواجه فيه ضغوطا في سوريا وليبيا وشرق المتوسط.

إيران
دعت إيران أرمينيا إلى الانسحاب من المناطق الأذرية المحتلة، وقال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني إن على أرمينيا العودة إلى الحدود المعترف بها دوليا، مؤكدا أن بلاده تقف ضد احتلال الأراضي الأذرية بنفس القدر الذي ترفض فيه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأضاف ولايتي أن إيران توصي أصدقاءها في تركيا بعدم صبّ الزيت على النار، والمساعدة على إعادة الأراضي الأذرية المحتلة دون إراقةٍ للدماء.

وشدد على أن الطريقة التي تتدخل بها فرنسا في قضية ناجورنو كاراباخ مدانة وغير مقبولة، وقال إن أرمينيا دولة جارة لإيران ولها معها تاريخ طويل من العلاقات، ولا تريد لها أن تتعرض لخسائر غير ضرورية.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الحرب بين أذربيجان وأرمينيا لا يمكن أن تحلّ الأزمة القائمة بينهما. وأضاف روحاني أن حلّ الأزمة يتم عبر الحوار، وأن طهران مستعدة لتقديم المساعدات اللازمة لحل الخلاف بين باكو ويريفان. ودعا سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إلى احترام وحدة أراضي أذربيجان
وطالب أرمينيا بانهاء احتلاللها لإقليم ناجورنو كاراباخ، مشيرا إلى أن إيران تريد أن تحلّ هذه القضية بشكل دائم لا مؤقت. وذكر أن بلاده أعدّت مشروعا لحل الأزمة مؤكدا أنها ستتابع المسألة بالتشاور مع أطراف النزاع ودول المنطقة والجوار.

روسيا
فى المقابل أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استعداد بلاده للوفاء بالتزاماتها كحليف لأرمينيا في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وقال بوتين إن أرمينيا عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ولدينا التزامات معينة تجاه أرمينيا في إطار هذه المعاهدة معربا عن أسفه لاستمرار العمليات القتالية.

وأضاف: لكن الحرب لا تدور حاليا على أراضي أرمينيا، في إشارة إلى أن تفعيل معاهدة الحماية يتعلق بتعرض الأراضي الأرمنية للخطر. وتابع بوتين: فيما يتعلق بتنفيذ روسيا لالتزاماتها بموجب المعاهدة، فلقد أوفينا دائما ونفي وسنواصل الوفاء بالتزاماتنا مؤكدا أنه على اتصال دائم مع رئيس وزراء أرمينيا، وليس لدى أرمينيا أي شك بمدى وفاء روسيا بالتزامات الحلفاء.
وأعرب عن أمله في أن ينتهي هذا النزاع "المأساوي" في أقرب وقت، وجدد دعوته لطرفي النزاع إلى وقف الأعمال القتالية.

وحول دور موسكو فى الحرب اعتبر المحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، أن قرار وقف الحرب الدائرة في " ناجورنو كاراباخ " بين أذربيجان والانفصاليين الذين تدعمهم أرمينيا، "تركي بامتياز"، في اتهام لأنقرة بلعب دور في استمرار المواجهة.
وشدد أونتيكوف على أن روسيا لا يمكنها الاكتفاء بمراقبة ما يجري على حدودها الجنوبية، رغم التزامها الحياد بين طرفي الصراع. وقال: رغم حديث أذربيجان عن إصرارها على خروج القوات الأرمنية من ناجورنو كاراباخ فإن الحل لن يكون على ساحة القتال، ولن يكون في باكو أو يريفان، بل في أنقرة.

وأضاف أونتيكوف: كلنا نعلم أن تركيا أعلنت دعمها الواسع لأذربيجان، وما دامت الأخيرة تشعر بوجود هذا الدعم فإنها ستواصل العمليات القتالية في ناجورنو كاراباخ.
وشدد على ضرورة إقناع الجانب التركي بالتوصل إلى حل وسط وعدم إمكانية استمرار ما يحصل حاليا في ناجورنو كاراباخ.

وقال أونتيكوف: تركيا تدرك أن روسيا متورطة بأزمة في بيلاروسيا، واستغلت هذا لتقوية نفوذها في أذربيجان مشيرا الى انه لا يستبعد في نهاية المطاف أن تكون تلك هي الجبهة الجديدة للخلاف بين موسكو وأنقرة.

وتوقع أونتيكوف أن تلجأ روسيا إلى ممارسة ضغوط على تركيا في جبهات أخرى، مثل سوريا وليبيا وشرق المتوسط. مؤكدا أن موسكو لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصرفات أنقرة في القوقاز واستمرار التصعيد بين أرمينيا وأذربيجان وفق تعبيره.

وأضاف: بالطبع موسكو قلقة من التقارب الأذري التركي، لكننا نعرف في نهاية المطاف أن القيادة في باكو حريصة على علاقات قوية مع موسكو، مشيرا الى أن كل ما تريده موسكو هو الهدوء في المنطقة وتوقف الأعمال القتالية وعدم تدخل أي طرف أجنبي بها.