ورقة تحليلية: الإعدامات الأخيرة كشفت أن القضاء سلاح السيسي لاستمرار حكم العسكر

- ‎فيتقارير

خلُصت ورقة تحليلية إلى أن مجازر الإعدامات السياسية تشير إلى أن دولة عسكرية تتخذ من القضاء سلاحًا لتثبيت حكمها، بالرغم من أن القانون المصري والميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 1997، الملزِم لمصر، ينص في مادته رقم 11 على أنه "لا يجوز فى جميع الأحوال الحكم بعقوبة الإعدام فى جريمة سياسية".

وأضافت أن الإعدامات تعبر عن خشية السيسي من استمرار تجرؤ الشعب على التظاهر ضده، مشيرة إلى أن الإعدامات جاءت لمنتمين لمناطق تتكاثر بها مظاهرات الغضب والرفض لسياسات السيسي، كمناطق كرداسة بالجيزة، ومناطق الاسكندرية، وبعض مناطق الدلتا والصعيد.
وقالت ورقة موقع الشارع السياسي بعنوان "الإعدام.. فلسفته وأهدافه ومخاطره على نظام السيسي"، لتحذر من أن الإعدام المسيّس قد يفجّر براكين من الغضب الشعبي في ربوع مصر، عندها قد لا يستطيع الجيش أو قوى الأمن حماية السيسي من البقاء في سدة الحكم.

توقيت الإعدامات
وربطت الورقة الإعدامات بتوقيتها، وأشارت إلى التظاهرات الشعبية ضد السيسي، وسط أزمة اقتصادية متصاعدة، لم تشهدها مصر من قبل، إثر سياسات الجباية التي يفرضها السيسي على جميع فئات الشعب، سواء بقانون التصالح على مخالفات البناء أو المصاريف الدراسية المرتفعة، أو سياسات التوحش الضريبي، وهو ما يمكن تفسيره بأن "مجزرة الإعدام" مجرد "رسالة إرهاب للمتظاهرين".

وأضافت أن الإعدامات كانت إنذارًا ردعيًا عنيفًا ليس إلى المتظاهرين وحدهم بل إلى قطاعات عريضة من المواطنين على امتداد مصر، ولم يكن غريبًا على السلطات الأمنية المصرية.

رسائل دموية
ورأت الورقة أن نمط الرسائل الدامية يندرج ضمن إجراءات تهدئة، لامتصاص غضب الشارع الشعبي في المرحلة الراهنة، على غرار تمديد مهلة سداد الغرامات المالية لرسوم التصالح في مخالفات البناء، أو تخفيضها، أو تأجيل هدم البيوت أو حتى السماح بالبناء على نقيض قرارات حكومية سابقة، أو إلزام بعض كبار رجال الأعمال والمجموعات الاستثمارية الضخمة بتحمّل بعض النفقات بالنيابة عن الشرائح الفقيرة من المواطنين، وهو ما وثقته منظمة العفو الدولية، بتأكيدها أن إجراءات النظام القمعية ضد المتظاهرين تعاظمت منذ تظاهرات 20 سبتمبر 2020، ولم تعد تقتصر على تفريق المتظاهرين بالقوة المفرطة، بل باتت تشمل الاعتقال التعسفي، وفرض المراقبة المشددة، ومنع الصحافة من أداء دورها، والاختفاء القسري لبعض الإعلاميين، في أسوأ استغلال للتعديلات الدستورية الأخيرة التي منحت المحاكم العسكرية صلاحيات واسعة في مقاضاة المدنيين.

وأضافت أن اختيار إعدام 15 معتقلا سياسيا، قبل أقل من أسبوع على اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يوافق 10 أكتوبر، وكأن نظام السيسي يبعث بالرسالة الدامية إلى العالم بأسره وليس إلى مصر وشعبها فقط، بحسب بيان "مجلس جنيف للحقوق والحريات".

ومن الرسائل القوية والبارزة؛ أنها ترسل رسالة مؤسفة وغير ضرورية للمصريين الذين اختاروا الابتعاد تاريخيًا عن التشدد والعنف، مفادها أن الطريقة الوحيدة ليتم سماعهم فيها هي عن طريق حمل السلاح، وهو ما قد يراهن عليه السيسي لتوسيع حملات الإبادة الجماعية لجماعات العمل السياسي من المعارضين سواء أكانوا إسلاميين أو علمانيين، ولعل بعض الدوائر الغربية والعربية والصهيونية تتمنى ولوج مصر في ذلك المستنقع الدامي، حتى وإن بدت تصريحاتها الدبلوماسية محذرة منه، بحسب الورقة.

تزايد المعارضين
ولعل من الرسائل التي أشارت إليها الدراسة –الإيجابية بنظر البعض- تزايد أوساط المعارضين بالأساس للسيسي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، بسبب سياسات التوحش الرأسمالي التي يدير بها السيسي الاقتصاد المصري، وحرص السيسي منذ توليه السلطة على الزج بخصومه السياسيين، أيًا كانت انتماءاتهم – بعضهم كان حليفًا له بداية الأمر- إلى ساحات القضاء ومنصات المحاكم، حيث الأحكام التي تسير في الغالب وفق منظومة واحدة، إما البقاء في السجون وإما الذهاب إلى المشانق لتنفيذ الإعدام شنقًا.

وأضافت أن الانتقام من المعارضين عبر أحكام الإعدام التي يشوبها التسييس تحولت إلى عقيدة ومنهجية لدى النظام الحاليّ، وأيضا، فتنفيذ تلك الأحكام في هذا الوقت الذي كسر فيه المصريون حاجز الخوف وعادوا للشارع مرة أخرى في تظاهرات –رغم قلة عددها– أثارت انتباه الجميع وبددت سنوات التنكيل والتضييق، يحمل رسالة ترهيب واضحة للمعارضين والغاضبين، فالإعدام ربما يكون الرد على كل من تسوّل له نفسه أن يعترض طريق حكم السيسي.

مجزرة الإعدامات
وأقدم النظام العسكري على قتل 15 من المعتقلين، وهو الرقم الأكبر في يوم واحد منذ الانقلاب العسكري خلال يومي السبت والأحد 3 و4 أكتوبر، ونشرت أسماء المعدومين وطلبت من الأهالي التواصل مع مشرحة زينهم "وسط القاهرة" لتسلم جثامين ذويهم، دون بيان رسمي من داخلية السيسي.

وبعد 24ساعة من جريمة إعدام الـ15 معتقلا، أعلنت سلطات السيسي إعدام 11 سجينا جنائيا، بينهم سيدة، دون سابق إعلان، وهو ما يمكن اعتباره، محاولة لتصدير صورة ذهنية عن النظام، بعدم استهداف السيسي طائفة معينة أو فئة محددة من المصريين، وأن سياسة الإعدام تطال الجميع بالتساوي، بحسب الورقة.
وفي 20 من فبراير الماضي كانت وزارة الداخلية قد نفذت حكم الإعدام بحق 9 معارضين في القضية الهزلية المعروفة إعلاميًا باسم "اغتيال النائب العام هشام بركات"، وذلك رغم المناشدات الدولية الصادرة عن منظمات حقوقية لوقف تنفيذ الحكم، بسبب افتقاد المحاكمات لمسار العدالة في ظل الإعترافات التي أدلى بها المتهمون تحت وطأة التعذيب كما قالت منظمة العفو الدولية، ومنذ 7 مارس 2015 نفّذت السلطات المصرية أحكاما بالإعدام بحق عشرات المعارضين للانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد محمد مرسي، وسط تأكيدات من منظمات حقوقية بأن دوافع تلك الأحكام سياسية وجائرة على نحو سافر.

https://politicalstreet.org/2020/10/13/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%85-%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%aa%d9%87-%d9%88%d8%a3%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%81%d9%87-%d9%88%d9%85%d8%ae%d8%a7%d8%b7%d8%b1%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%86%d8%b8/