ما دلالات معركة الإهانات المتبادلة بين وزير إعلام السيسي وصحفيي السلطة؟

- ‎فيتقارير

معركة كلامية وإهانات وشتائم متبادلة اندلعت فجأة بين وزير إعلام السيسي أسامة هيكل وعدد من صحفيي السلطة ورؤساء التحرير، وصلت إلى حد التراشق والهجوم اللفظي علنًا على مواقع التواصل الاجتماعي.. صحفيو السلطة يقولون أنه فاشل ويطالبون باستقالته، والوزير يتهمهم بالفشل في إدارة الإعلام بدليل تدهور وانهيار توزيع صحف النظام.

قبل الولوج إلى تفاصيل المعركة، يبدو السؤال الذي تثيره هذه المعركة هو: ما أسباب هذه المعركة الحقيقية؟ هل هي صراع بين أذرع النظام المختلفة والمتشابكة التي تدير الصحافة والإعلام منذ الانقلاب؟ أم مقدمة لعزل هيكل بعد ما أدى دوره في عزل مكرم محمد أحمد؟ أم اعتراف ضمني من الجميع بفشل منظومة السيسي الإعلامية وفشل الصحف في التأثير على المصريين بدليل مهاجمة السيسي المستمرة لإعلام المعارضة في الخارج الذي يسبب له صداعا؟
تصريح وزير السيسي والمحرر العسكري السابق أسامة هيكل تشير بوضوح لفضحه تدني توزيع الصحف التي يديرها صحفيو النظام بحديثه عن أن هناك من أصدر الأوامر لهم للهجوم عليه بشكل جماعي، دون أن يحدد من الذي أصدر الأوامر له، ما يشير إلى صراع بين من يديرون وسائل الإعلام في مصر وهي أجهزة عديدة تشمل الرئاسة ومخابرات عباس كامل وأمن الدولة.

فشلهم الاعلامي فجر الصراع

بدأ الصدام بين الوزير وإعلاميي السلطة بعد ما نشر هيكل على حسابه في موقع فيسبوك منشورًا انتقد فيه ضمنيًا أداء الإعلام المصري، وقال: "الأعمار أقل من 35 سنة يمثلون حوالي 60 أو 65% من المجتمع، لا يقرأون الصحف، ولا يشاهدون التليفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات".

https://twitter.com/SMoInfoEg/status/1317378565030162432

هذا المنشور معناه بوضوح أن صحف النظام لا قيمة لها ولا تلعب الدور المرسوم لها بالتأثير على الشعب وتخديره وإلهائه، وهو ما أكده هيكل مرة أخرى حين رد عليه رؤساء تحرير الصحف مهاجمين له، مؤكدا تدني وانهيار توزيع الصحف حتى إنه هددهم قائلا: "أرقام التوزيع الحقيقية الرسمية موجودة، وصحفكم خالية من الإعلانات منذ شهور طويلة".

وربما لهذا رد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على تصريحات وزير الإعلام، محاولا لملمة الفضيحة والمعلومات التي قالها، حيث زعم أن 54.8% من الأسر المصرية تعتمد على التليفزيون المصري كمصدر رئيسي وأساسي لمتابعة التطورات والأحداث!!

رؤساء تحرير صحف مصرية، الذين اعتبروا أن الوزير يستهدف منابرهم في منشوره، بدأ عدد منهم شن هجوم لاذع على هيكل، عبر منشورات وتغريدات كتبوها على مواقع التواصل، وحتى في المواقع الإخبارية التي يديرونها، ومع تشاجر اللصوص ظهر المسروق وهو الصراع بين أجهزة أمن السيسي المسيطرة على الإعلام من جهة، والاعتراف الرسمي بانهيار توزيع الصحف.

فقد هاجم خالد صلاح، رئيس تحرير موقع "اليوم السابع"، هيكل وقال له: لماذا لم تتحرك خطوة واحدة للأمام حين توليت مسئولية الإعلام مرتين في سنوات معدودات؟ كفاك تنظيرًا دون بصمة لك لا في الإعلام التقليدي أو الإعلام التكنولوجي؟ الإعلام في مصر سبق أفكارك بسنوات ممتدة وأنت لا تدري إطلاقًا، ولا نحتاج لوزير يجلس في مقاعد المتفرجين!"
وصلاح هاجم الوزير في تغريدة أخرى فقال: "سيادتك عاوز تشتغل منظراتي على خلق الله وسايبنا في معركة وطنية كبيرة دفاعًا عن وعي مصر والمصريين وقاعد ترمي الناس بالطوب، اختشي وشمّر وادخل المعركة معانا عشان مصر مش عشان نفسك ومكتبك ونفوذك اللي ما عملتش بيهم حاجة قبل كدة، ولا عارف تساعدنا حتى.. عيب".

وانضمّ رئيس تحرير صحيفة "الدستور" محمد الباز إلى صلاح في مهاجمة هيكل، حتى انه حاول الربط بينه وبين إعلاميي المعارضة في الخارج الذين تهاجمهم السلطة مثل محمد ناصر ومعتز مطر وحمزة زوبع، وكتب في منشور على فيسبوك يقول: "لماذا لا يلتزم أسامة هيكل الصمت؟ لا أعرف ما الذي يريده أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، فالوزير الذي يجب أن يجتهد ويقدم أفكارًا لتطوير الإعلام، الذي هو سلاح حقيقي في معركة الدولة ضد الاٍرهاب، يتفرغ تقريبًا للهجوم عليه وتشويهه والتقليل من قدره وتأثيره".
في منشور آخر هاجم الباز هيكل أيضًا، وقال: "الوهم الذي يأكل دماغ أسامة هيكل، كنت أعتقد أن وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل سيلتزم الصمت بعد الهراء الذي كتبه، ويمثل خطيئة في حق الإعلام المصري على الأقل من باب إذا بليتم فاستتروا، لكن ولأن الوهم أكل دماغ هيكل تمامًا وجدته يواصل عبثه وهراءه وكلامه الفارغ، معتبرًا أنني مدفوع لأنتقده وأُبين عواره وعورته".

أرقام توزيعكم عندي!

كان ملفتا تعليق وزير الإعلام على تلك الانتقادات عبر صفحته على فيسبوك بقوله: "صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي بعد حملة سابقة منذ شهرين"، ما يطرح تساؤلات عمن أصدر هذه الأوامر وهل هذا يعني صراع بين رموز السلطة؟ خاصة أن هيكل محسوب على الجيش بصفته محررا عسكريا بينما الإعلاميون محسوبون على أمن الدولة ومخابرات عباس.

هيكل قال: "في توقيت واحد، وبنفس الكلمات، شنت أقلام معروف للكافة من يحركها بالتساؤلات نفسها حول ماذا فعلت منذ توليت المسؤولية؟ ولماذا لا اصمت؟ ولماذا لا ابحث عن وظيفة أخرى؟ واحدهم يتهمني بأنني بتصريحاتي سأتسبب في عدم إقبال المعلنين على الإعلان في الصحف".
وأضاف: "أقول لهؤلاء إن أخطر أنواع الفساد هو أن يترك الكاتب قلمه لغيره، ويكتفى هو بالتوقيع، والحقيقة إنني لا أريد أن أرد على هؤلاء لأنهم مجرد أدوات… ولكنني سأرد على من أعطى لهم الأمر بالكتابة فلم يترددوا للحظة واحدة، طمعا في الرضا والعفو والسماح. فإنهم إن لم يمتثلوا سيطاح بهم!!.

وتابع: وأرد مبدئيا على من أعطى الأمر… بأنني لن أصمت فأنا أقول الحقيقة، والحقيقة ستظهر إن عاجلا أو آجلا، فقد أهدرتم الكثير والكثير بلا خبره وبلا هدف واضح، ولم يعد أحد لا يعرف، وأما الادعاء بأن تصريحاتي ستؤثر سلبا على إعلانات الصحف، فأقول لكم إن أرقام التوزيع الحقيقية الرسمية موجودة، وصحفكم خالية من الإعلانات منذ شهور طويلة حتى قبل أن اتولي منصبي، فإن أعلنتها لوجبت محاسبه كل من شارك في هذه الجرائم.

وتبين ردود هيكل أن هناك بالفعل صراعا بين الأجهزة التي تتحكم في صحفيي وإعلاميي السلطة، حيث راح كل فريق يهاجم الآخر على لسان هؤلاء الصحفيين والإعلاميين، كما تبين تصريحاته اعترافا رسميا بانهيار توزيع الصحف والعزوف عن فضائيات الانقلاب.