مبروك للخونة.. الرياض وأبوظبي تحققان حلم الكيان الصهيوني بقطار للتطبيع

- ‎فيتقارير

فوق جثمان مشروع قطار الحجاز العثماني الذي حطمه آل سعود بمساعدة من المخابرات والجيش البريطاني، دخل مشروع إنشاء خط سكة حديد يربط كيان العدو الصهيوني بالسعودية حيز التنفيذ، وكان في السابق حلمًا تقف كل الظروف الإقليمية سدًا أمام تحقيقه، لكنه اليوم أصبح واقعًا يحتفل الصهاينة العرب واليهود به قريبًا، بعد أن نضجت الخيانة في رحم التطبيع  الصهيوني مع دول عربية، ووصلت إلى مرحلة التحالفات "الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية"، التي تجاوزت "التطبيع السياسي" بمسافات بعيدة.

ورفع كيان العدو الصهيوني الستار عن أهم مشاريع الخيانة مع بعض من الدول العربية، ليبدأ قطارها بالسير على سكة العلاقات مع حكام التطبيع، من محطته الأولى "تل أبيب" حتى يصل إلى عاصمة آل سعود، مرورًا بالإمارات التي مسها الشيطان، ليعلن عن حقبة جديدة من علاقات كانت محرمة سابقًا سيكون أكثر المتضررين منها الفلسطينيون.

الخليج الصهيوني..!
اختمرت الفكرة في رأس وزير خارجية كيان العدو ووزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، الذي طرح خلال لقائه مع شيطان العرب محمد بن زايد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مبادرة لربط السعودية والخليج مرورًا بالأردن بخط السكك الحديدية الصهيونية وصولًا إلى حيفا.
وتتسارع خطوات تنفيذ المشروع عقب علاقات متسارعة بين "تل أبيب" والخونة العرب، وسط زيارات متبادلة حققت قفزة كبيرة لكيان العدو الصهيوني، وعقب بدء ظهور العلاقات السرية الصهيونية العربية للعيان، وتمثلت آخر حلقاتها بدعم خليجي عربي لـ"صفقة القرن".

وسابقًا كان كاتس متفاخرًا حين تحدث بكل صراحة عن المشروع الذي سيتم الكشف عنه في 2019، وكشف في إبريل 2018 عن مخطط لإنشاء خطة سكة حديدية تربط بين فلسطين المحتلة ودول الخليج مرورًا بالأردن والسعودية، تحت اسم "مشروع سكة السلام الإقليمي"، في خطوة قد تبدو متوقعة لعملية تطبيع متسارعة بين كيان العدو الصهيوني ومحيطه العربي، والذي يرتكز على الرياض.
ووفق الخريطة التي عرضها كاتس، فإنّ "سكة السلام الإقليمي" ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالًا، ومن ثم إلى الدول الخليجية والسعودية.

وبالعودة للتاريخ وتفسيرا للهرولة الصهيونية لربط قطار العرب بـ"الكيان الصهيوني"، نجد أن السلطان عبد الحميد الثاني أولى أهمية خاصة للسكك الحديدية حيث بدأ في عهده العمل على خط سكة حديد بغداد-برلين التي كان من المقرر ربطها بالخط الأوروبي لتصل الى مدينة برلين عاصمة الإمبراطورية الألمانية.
واجه المشروع عددًا من الصعوبات والمعوقات، على رأسها الاعتراض الإنجليزي والروسي، إذ رأت الإمبراطورية البريطانية تهديدًا استراتيجيًا لهيمنتها على خطوط المواصلات البحرية.

أما المشروع الآخر الذي اكتسب أهمية سياسية واستراتيجية فكان مشروع سكة الحجاز، الذي عُد مشروعًا حميديًا بالدرجة الأساسية، إذ شكل التجسيد العملي والأهم لفكرة الجامعة الإسلامية التي طرحها السلطان عبد الحميد.
بدأ العمل على المشروع في العام 1900 بمساعدة مجموعة من الفنيين والمهندسين الألمان. شكل المشروع في كل مرحلة من مراحله تحديًا حقيقيًا أمام الإدارة العثمانية التي استعانت بقوات الجيش لإنجاز مراحل المشروع، أما تمويل المشروع فقد اعتمدت الدولة العثمانية فيه على مواردها المحلية حيث تم جمع ثلثي مالية المشروع من حملة التبرعات التي أطلقها السلطان عبد الحميد الثاني.

وبعد 8 سنوات كانت حافلة بالصعوبات والتحديات افتتح الخط في الأول من سبتمبر من عام 1908 في ذكرى اعتلاء السلطان عبد الحميد للعرش.

قطار المسلمين
اختصر القطار مدة السفر ما بين دمشق والحجاز الى 5 أيام بعد أن كانت تصل إلى ما يقرب الـ 40 يومًا، حيث أسهم القطار في إحداث نقلة نوعية في عدد الحجيج، الأمر الذي ترك أثره على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمناطق التي مرت منها خطوط القطار.
ارتكزت فلسفة الدولة العثمانية في بناء خطوط سكك الحديد على طبيعة التهديدات التي كانت تواجهها الدولة والتي جاء على رأسها تمرّد أقاليمها المترامية الأطراف، لذلك شكل بناء خطوط سكك الحديد ممارسة تندرج في إطار فرض السيادة على هذه المناطق، والإعداد لحمايتها والدفاع عنها، حيث أثبت سكك الحديد مدى فعاليتها وقدرتها على التأثير على مجريات الأمور، وهو ما تعيه الكيان الصهيوني وتحاول تنفيذه الان.

وبفضل سكة الحجاز استطاع فخر الدين باشا الصمود في المدينة المنورة أمام حصار قوات الشريف حسين التي كان يقودها آل سعود والمدعومة من جيش الاحتلال البريطاني، كما استطاع الأتراك الصمود في كوت العمارة بفضل قربها من سكك الحديد.
ويعد السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلطان فعلي للدولة العثمانية، كتب السفير اﻹنجليزي عند توليه الحكم رسالة إلى حكومته تقول إن "السلطان عبد الحميد رجلًا ضعيف البنية وضعيف التفكير، وإن الدولة ساقطة لا محالة." خابت ظنون اﻹنجليز فحكم السلطان 30 عامًا، حارب فيها اﻷعداء في الداخل والخارج.
كان من أهم مآثر السلطان عبد الحميد الثاني رفض بيع فلسطين لليهود، وكذلك سكة حديد الحجاز، لم يلتفت السلطان للمثبطين الذين قالوا باستحالة إقامة مثل هذا المشروع.

وفور إعلانه عن المشروع، شنت الصحف اﻷوروبية حملة تهكم كبيرة على السلطان ومشروعه، بهدف ثني السلطان عنه، وإسقاط الدولة العثمانية؛ فأرسلت بريطانيا جواسيسها لتخريب هذا المشروع يعاونها الخونة العرب وعلى رأسهم الشريف حسين وآل سعود في الحجاز.
كان عدد قاصدي مكة من اﻷناضول من معتمرين وحجاج من 10,000 إلى 15,000 شخص سنويًا، ووصل عددهم بعد افتتاح القطار إلى 300,000 شخص.
وفي عام 1909 تمردت مجموعة من الجيش العثماني على السلطان "عبد الحميد" وتم خلعه ووضعه تحت اﻹقامة الجبرية، وتولى الحكم بعده السلطان "محمد السادس" شكليا، وكان الحكم الفعلي لثلاثة ضباط طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا (ضباط الاتحاد و الترقي).

لعنة العسكر
استمر العمل في خط سكة حديد الحجاز حتى قدوم ضابط المخابرات البريطانية "توماس إدوارد لورانس" إلى البلاد العربية في عام 1911، الذي كان يجيد اللغة العربية وكان مهتمًا بتاريخ القبائل العربية وثقافتهم وعاداتهم.
وفي عام 1914 قامت الحرب العالمية اﻷولى بين دول الحلفاء، فاختار ضباط الاتحاد والترقي الدخول في الحرب إلى جانب ألمانيا، ورفضت غالبية الشعب ذلك. كانت ألمانيا تقف ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا، لذلك أصبحت اﻷراضي العثمانية مستهدفة من قبل الحلفاء، وكان أهم هدف لبريطانيا هو تدمير سكة حديد الحجاز التي كانت تربط العرب بالدولة العثمانية.

ولا يفوتنا أن نذكر أن جمال باشا أقدم على إعدام معارضيه في الشام، مما ساعد في تأجيج الثورة على العثمانيين. أرسلت المخابرات البريطانية لورانس الذي عُرِف لاحقًا بـ"لورانس العرب" إلى الحجاز ﻹقناع القبائل العربية بالتمرد على الدولة العثمانية، ووعدهم بتأسيس دولة عربية خاصة بهم، فصدقوه وقامت الثورة العربية الكبرى وثار العرب للتخلص من جمال باشا.

ووصلت السفن اﻹنجليزية محملة بالديناميت إلى البحر اﻷحمر لتفجير سكة حديد الحجاز على يد لورانس الخبير باستخدامها، وبدأ بتدمير شريان الحياة اﻹسلامية خط سكة حديد الحجاز في عام 1916، بعد ثماني سنوات من الحياة توقفت هذه القاطرة إلى اﻷبد، واليوم تعيدها الكيان الصهيوني بسواعد الخونة العرب!