“الإخوان” تفند مزاعم جمعية “علماء بن سلمان”.. جماعتنا دعوية وليست إرهابية

- ‎فيتقارير

استنكر الدكتور طلعت فهمي المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، إصدار هيئة كبار العلماء بالسعودية بيانا تزعم فيه أن الجماعة "تنظيم إرهابي"، مؤكدا أن جماعة الإخوان المسلمين "دعوية إصلاحية" و"ليست إرهابية".

وقال فهمي في تصريح خاص لـ"الأناضول" إن جماعة الإخوان "بعيدةٌ كل البعد عن العنف والإرهاب وتفريق صف الأمة، وهي منذ نشأتها جماعة دعوية إصلاحية تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون إفراط أو تفريط". وأضاف أن الجماعة "تنفي كل الاتهامات التي ساقتها هيئة كبار العلماء ضدها" مؤكدا أن "منهج الجماعة تأسس على كتاب الله وصحيح السنة دون شطط أو تطرف، وتاريخها يشهد بذلك".

وأوضح أن "الجماعة بعيدة تماما عن العنف والإرهاب، وكانت دوما ضحية لعنف وإرهاب النظم الدكتاتورية". وشدد على أن "الجماعة ظلت منحازة للعقيدة الإسلامية الصحيحة وقضايا الأمة العادلة، وأولها قضية فلسطين". واستشهد فهمي بأقوال علماء سعوديين بارزين هم: عبد العزيز بن باز، وبن جبرين وسفر الحوالي، واللجنة الدائمة للإفتاء (رسمية)، بحق الجماعة، موضحا أن "هؤلاء قالوا إن الإخوان من أقرب الجماعات إلى الحق، ومن أهل السنة والجماعة والفرق الناجية وجماعة وسطية وتقصد الإصلاح والدعوة إلى الله".

وطالب فهمي "الجميع إلى العمل على ما يوحد صف الأمة لرفعة دينها والدفاع عن سنة نبيها والتصدي للمخاطر والمخططات التي تتربص شرًا بالأمة".

بيان علماء "بن سلمان"

وأصدرت هيئة كبار "علماء بن سلمان"، الثلاثاء بيانا، زعمت اعتبرت فيه أن الجماعة "تنظيمًا إرهابيًا"، في تكرار لبيان مماثل صادر من وزارة الداخلية السعودية، في مارس 2014.

وقالت الهيئة بي بيانها المسموم: "الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، منحرفة تخرج على الحكام وتثير الفتن وتتسر بالدين وتمارس العنف والإرهاب". ورأت أن "الإخوان لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم ومن رحمها خرجت جماعات إرهابية".

وفي مارس 2014، أعلنت وزارة الداخلية السعودية إدراج الإخوان بقائمة التنظيمات الإرهابية، على الرغم من عدم وجود تنظيم معلن للجماعة في المملكة، التي استضافت في فترات سابقة قيادات إخوانية بارزة.

الإخوان جماعة دعوية ربانية

وتعد دعوة الإخوان المسلمين في حقيقتها امتدادًا لجهود كبيرة بذلها أفراد وحركات عدة في طريق اليقظة الإسلامية، فهي جماعة تلتقي عندها آمال الجميع، الدعاة على اختلاف وسائلهم، والمصلحين بشتى مذاهبهم والشعوب المستضعفة التي لا حول لها ولا قوة.

والأخوان المسلمين دعوة سلفية، تدعو إلى العودة إلى الإسلام، إلى معينه الصافي من الكتاب والسنة، وطريقة سنية تدعو إلى العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصةٍ في العقائد والعبادات، وحقيقة صوفية،  تحض الناس على الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخَلْق، والحب في الله، والأخوة فيه سبحانه، وكذلك هيئة سياسية، تطالب بإصلاح الحكم في الداخل، وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على قوميته إلى أبعد حد.

كما تتميز جماعة الإخوان بأنها جماعة رياضية، تعني بالصحة، انطلاقا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ورابطة علمية وثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها وعلى طلبها، ولو كان في الصين، وشركة اقتصادية، فالإسلام يُعنى بتدبير المال وكسبه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، "من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له"، وهي فكرة اجتماعية، تعني بإصلاح المجتمع.

أصحاب رسول الله

وقال الإمام الشهيد حسن البنا في تعريف الجماعة – لسنا حزبًا سياسيًّا، وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا، ولسنا جمعيةً خيريةً إصلاحيةً، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا، ولسنا فرقًا رياضيةً وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا، لسنا شيئًا من هذه التشكيلات، فإنها جميعًا تبرِّرها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة، وقد لا يوحى بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.

وأضاف الإمام الشهيد نحن أيها الناس: فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحده موضع، ولا يقيِّده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ وذلك لأنه نظام رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين، نحن أيها الناس- ولا فخر- أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو منهاجه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين، نحن روح جديد يسري في قلب هذه الأمة، فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داوٍ يردد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلوَّ فيه أننا نشعر أننا نحمل هذا العبء بعد أن تخلَّى عنه الناس.

لا يخشون أحد إلا الله

الإخوان لا يقادون برغبة ولا برهبة، ولا يخشون أحدًا إلا الله، ولا يغريهم جاه ولا منصب، ولا يطمعون في منفعة ولا مال، ولا تعلق نفوسهم بعرض من أعراض هذه الحياة الفانية، ولكنهم يبتغون رضوان الله ويرجون ثواب الآخرة، ويتمثلون في كل خطواتهم قول الله تبارك وتعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)) (الذاريات: 50).

ويخطئ من يظن أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة "دراويش"، قد حصروا أنفسهم في دائرة ضيقة من العبادات الإسلامية، كل همِّهم صلاة وصوم وذكر وتسبيح، فالمسلمون الأولون لم يعرفوا الإسلام بهذه الصورة، ولم يؤمنوا به على هذا النحو، ولكنهم آمنوا به عقيدةً وعبادةً، ووطنًا وجنسيةً، وخلقًا ومادةً، وثقافةً وقانونًا، وسماحةً وقوةً، واعتقدوه نظامًا كاملاً يفرض نفسه على كل مظاهر الحياة، وينظم أمر الدنيا كما ينظم أمر الآخرة.

كما يخطئ من يظن أن الإخوان يتبرَّمون بالوطن والوطنية، فالمسلمون أشدُّ الناس إخلاصًا لأوطانهم وتفانيًا في خدمة هذه الأوطان، واحترامًا لكل من يعمل لها مخلصًا، وحسبك من وطنية الإخوان المسلمين أنهم يعتقدون عقيدةً جازمةً لازمةً أن التفريط في أي شبر يقطنه مسلم جريمة لا تغتفر حتى يعيدوه أو يهلكوا دون إعادته ولا نجاة لهم من الله إلا بهذا.

كما أن الإخوان المسلمين ليسوا دعاة كسل أو إهمال، ويعلنون في كل أوقاتهم أن المسلم لا بد أن يكون إمامًا في كل شيء، ولا يرضون بغير القيادة والعمل والجهاد والسبق في كل شيء، في العلم وفي القوة وفي الصحة وفي المال، والتأخر في أي ناحية من النواحي ضارٌّ بفكرتنا مخالفٌ لتعاليم ديننا.

دعوة ربانية

والإخوان المسلمون دعوة ربانية، لأن الأساس الذي تدور عليه أهدافها أن يتعرف الناس إلى ربهم، وأن يستمدوا من فيض هذه الصلة روحانيةً كريمةً تسمو بأنفسهم عن جمود المادة الصماء وجحودها إلى طهر الإنسانية الفاضلة وجمالها، وهي دعوة عالمية؛ فلأنها موجهة إلى الناس كافة؛ لأن الناس في حكمها إخوة: أصلهم واحد، وأبوهم واحد، ونسبهم واحد، لا يتفاضلون إلا بالتقوى، كما أنها متميزة لأن فكرتها تشمل كل نواحي الإصلاح في الأمة، وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته.

منهج الإخوان

يعتقد الإخوان المسلمون أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شئون الناس في الدنيا والآخرة، وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئون في هذا الظن؛ فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف، والقرآن الكريم ينطق بذلك كله ويعدُّه من لبِّ الإسلام ومن صميمه ويوصي بالإحسان فيه جميعه، وإلى هذا تشير الآية الكريمة.. (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (القصص: من الآية 77).

غاية الإخوان

ويعمل الإخوان المسلمين لغايتين: غاية قريبة يبدو هدفها وتظهر ثمرتها لأول يوم ينضمُّ فيه الفرد إلى الجماعة، أو تظهر الجماعة الإخوانية فيه في ميدان العمل العام، وغاية بعيدة لا بد من ترقب الفرص وانتظار الزمن وحسن الإعداد وسبق التكوين.

فأما الغاية الأولى فهي المساهمة في الخير العام أيًّا كان لونه ونوعه، والخدمة الاجتماعية كلما سمحت الظروف. أما غاية الإخوان الأساسية وهدفهم الأسمى، فهو الإصلاح؛ فهو إصلاح شامل كامل، تتعاون عليه الأمة جميعًا، وتتجه نحوه الأمة جميعًا، ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل.

والإخوان المسلمون يعملون لتحيا من جديد دولة الإسلام، ولتقوم في الناس حكومة مسلمة، تؤيدها أمة مسلمة، تنتظم حياتها شريعةً مسلمةً أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه؛ حيث قال: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)) (الجاثية).