كيف سيحكم “الديمقراطيون ” العالم وما استراتيجياتهم نحو  مصر والشرق الأوسط؟

- ‎فيتقارير

منذ أن نجح "جو بايدن" أو حتى بإعلان فوزه الرقمى غير الرسمى حتى الآن باعتلاء سدة الحكم فى الولايات المتحدة الأمريكية، يتساءل الخبراء والمحللون عن كيفية حكم الحزب الديمقراطى لأكبر دولة مهيمنة بالعالم، كيف لها أن تتعامل مع ملفات شائكة وحساسة منها الخط الأول فى مسألة "النفط"، فضلاً عن حدود التعامل مع الجمهورية الإسلامية "إيران" وطبيعة علاقتها مع الكيان الصهيونى ومصر والدول العربية والإسلامية.

الحمير تحكم

رغم أن الحمار يعرف بأنه رمز لمحدودية القدرات العقلية أو "الغباء"، إلا أنه تحول منذ عقود إلى أيقونة سياسية ورمزًا انتخابيًا لأحد أبرز الأحزاب الأمريكية. وقصة الحمار بدأت مع الحزب الديمقراطي الأمريكي عام 1828 عندما اختار المرشح الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة أندرو جاكسون شعار "لنترك الشعب يحكم"، وسخر منه منافسه الجمهوري كثيرًا آنذاك، مطلقًا عليه الاسم الحركي "Jackas" أو حمار، فما كان من جاكسون آنذاك إلا أن استخدم صورة الحيوان قوي الإرادة على ملصقات حملته الانتخابية.

وأصبح الحمار منذ ذلك الوقت، رمز الديمقراطيين المدلل، حيث يقومون بتنظيم مسابقات لرسم أفضل بورتريه له وأفضل الشعارات السياسية، التي يمكن أن ترافق صورته، هذا بالإضافة إلى القمصان والقبعات والنظارات الشمسية وعلاقات المفاتيح وأقداح القهوة، التي يطبع عليها رسم الحمار الديمقراطي والتي تباع خلال المؤتمرات الانتخابية للحزب.

ملف مصر

وقبل انتخاب بادين، سادت علاقة جيدة بين دونالد ترامب والمنقلب عبد الفتاح السيسي. واتهم منتقدو السيسي إدارة ترامب بغض الطرف عن انتهاكاته  في مجال حقوق الإنسان. وتتلقى مصر 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية سنويا. وتم تعليق جزء صغير منها في عام 2017 بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ولكن أفرج عنها في العام التالي.

ويركز الجمهوريون كثيرا على مزاعم "التهديد" الذي يمثله الإسلاميون على الولايات المتحدة وفق تقرير لمجلة فورين بوليسي، ويرون أن السيسي يمثل "حليفًا في الحرب على التطرّف". وتقول المجلة إن ما أعلنه السيسي عام 2015، من مراجعة المناهج التعليمية في التعليم الديني لمواجهة التشدد، "منح دفئًا لقلوب السياسيين والمحللّين المحافظين" في أمريكا. في الجانب الآخر، يركز الديمقراطيون على كيف يمكن للقمع أن يؤدي إلى التطرّف والعنف، تتابع المجلة.

فى حين يرى  الباحث السياسى وأستاذ العلوم السياسية جهاد عودة أن "الديمقراطيين لديهم نزعة شعبوية، ويركزون على أساس إيديولوجي في فهم الدور الأمريكي الخارجي، بينما يبحث الجمهوريون عن المصلحة بشكل مجرد". ويؤكد عودة أن السيسي وترامب يتفقان على مواجهة الإسلام السياسي، وإن كان لكل منهما فهمه الخاص به لأسباب عدائهما لهذه الحركات.

وتنظر جماعات لحقوق الإنسان في مصر إلى فوز جو بايدن بالبيت الأبيض على أنه خبر سار. ويأمل النشطاء أن تمارس الإدارة الأمريكية الجديدة ضغوطًا على الحكومة المصرية لتغيير سياساتها القاسية تجاه المعارضة، في ظل وجود عشرات الآلاف من السجناء السياسيين.

الخليج وخاشقجى وبن سلمان

كانت علاقات دول الخليج قد شهدت تطورا وتحسنا كبيرين في عهد ترامب. وبعد فوزه، وهنأت القيادة السعودية جو بايدن على إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية، ويقال إن واشنطن كانت قد اقتربت من حل جزئي للأزمة الخليجية يتم بموجبه إنهاء مقاطعة قطر، تمهيدًا لحل الأزمة؛ لكن بحسب تقرير لفوكس نيوز فإن الإمارات تدخلت في اللحظات الأخيرة وأحبطت الخطة الأمريكية.

بن سلمان غير مرحب به

وربما تأتي الرياح الأمريكية بما لا تشتهي سفن السعودية بحديث الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عما وصفه بـ "إعادة تقييم العلاقات مع المملكة". ويتوقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، أن يكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "غير مرحب به في البيت الأبيض" بسبب ملف حقوق الإنسان.

ويرى السيد أن الخلاف "حقيقي" ولكنه لن يتسبب في قطع العلاقات بين البلدين حيث إن المشكلة "ليست بين الولايات المتحدة والشعب السعودي وإنما مع الأسرة الحاكمة". ويضيف السيد أنه "يمكن للبلدين مواصلة علاقتهما دون أن يظهر بن سلمان في الصورة، وربما قد يُضعف هذا من مكانة ولي العهد داخل الأسرة الحاكمة ويلقي بظلاله على مستقبله السياسي في المملكة".

ملف خاشقجى

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد "تباهى" بنجاحه في إنقاذ ولي العهد السعودي من اتهام الكونجرس الأمريكي له في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفقا لما نشره الصحفي بوب وودورد في كتابه "غضب".

وبرحيل ترامب يعود الخطر ليحدق من جديد بولى العهد السعودي، خاصة مع الحديث عن مشروع قانون بأروقة الكونجرس يحمل اسم الصحفي السعودي الراحل!

ورغم "بشاعة مقتل خاشقجي بكل المقاييس" فإن مصالح الدول لا تؤخذ بالدعاية الانتخابية، خاصة ما يتعلق منها بعلاقات ذات طابع استراتيجي وانعكاسات متعددة.

فمسألة عقاب السعودية تكررت كثيرا بالولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر، ولكن السعودية لا تُعاقَب فهي دولة تملك العديد من الأوراق وقادرة على معاقبة العالم كله فيما يتعلق بالنفط"!

ملف الكيان الصهيوني

رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو كان من أقرب حلفاء الرئيس ترامب، لكن سرعان ما قام بتهنئة الرئيس المنتخب بايدن ووصفه بأنه "صديق عظيم لاسرائيل". وسيحاول الرئيس المنتخب بايدن إعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفق الطريقة التي اتبعها كنائب للرئيس في عهد باراك أوباما.

وستؤدي نتيجة الانتخابات إلى تغيير كبير في نهج الولايات المتحدة تجاه الصراع الصهيوني العربي. فقد كان يُنظر إلى خطة ترامب على أنها تخدم الكيان الصهيوني بشدة وتمنحها فرصة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. وتمّ تأجيل ذلك بسبب عقد صفقات تاريخية لإقامة علاقات بينها والعديد من الدول العربية.

من المرجح أن يستمر هذا التوجه نحو "التطبيع" الإقليمي في ظل حكم بايدن، لكنه قد يحاول إبطاء مبيعات الأسلحة الأمريكية المثيرة للجدل إلى الخليج. ومن المرجح أن يسعى للحصول على المزيد من التنازلات الصهيونية. ويبدو أن الضم الآن غير مطروح بشكل نهائي، وسيعترض بايدن أيضا على بناء المزيد من المغتصبات الصهيونية.

لكن لن يكون هناك "تراجع كامل" مثل الذي طالب به مسئول فلسطيني الأسبوع المنصرم. سيعود الخطاب إلى الفهم التقليدي لـ"حل الدولتين"، لكن فرص إحراز تقدم كبير فيما يسمى عملية السلام الصهيونية الفلسطينية المحتضرة تبدو ضئيلة.

ملف إيران

أما من أخطر ملفات بايدن هى السياسات الخارجية الأمريكية المتوقعة التى قد تحدث مع ملف إيران. إذ تحدث بايدن عن نيته العودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، والذي تم التفاوض عليه أثناء شغل بايدن لمنصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما.

ووضعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق صيغة حادة في التعاطي مع إيران، اعتمدت إستراتيجية "الضغط القصوى"، بهدف "تعديل سلوك طهران في المنطقة".

وسيحاول الرئيس المنتخب بايدن إعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفق الطريقة التي اتبعها كنائب للرئيس في عهد باراك أوباما: تخفيف حملة "الضغط الشديد" التي يشنها ترامب على إيران، والسعي إلى العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 وتخلت عنه الولايات المتحدة بقرار من البيت الأبيض قبل عامين.

هذا الاحتمال يرعب الكيان الصهيوني ودول الخليج مثل السعودية والإمارات. وقال وزير صهيوني، قبل إعلان فوز بايدن، إن هذه السياسة ستنتهي بـ"مواجهة إسرائيلية إيرانية عنيفة، لأننا سنضطر إلى التحرك".

وأعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا في إيران، عن أمله في "خضوع الإدارة الأمريكية القادمة للأنظمة والقوانين وعودتها لجميع التزاماتها"، حسبما أفادت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء.

المصادر:

التلفزيون الألمانى "دويتش فيله"

شبكة بى سى سى عربى

فورين بوليسى

محللون سياسيون