بسبب ارتفاع الأسعار.. التضخم يحرم المصريين من احتياجاتهم الضرورية

- ‎فيتقارير

ارتفاع معدل التضخم يكشف عن الأعباء التى تواجهها الأسر المصرية من أجل الحصول على احتياجاتها الضرورية فى ظل ارتفاعات الأسعار المستمرة لمختلف السلع والمنتجات والخدمات نتيجة سياسات الابتزاز التى يمارسها نظام الانقلاب الدموى ضد المصريين، حيث يعمل على استنزاف كل قرش يمتلكونه، وفى المقابل يتم تسريح ملايين من أعمالهم أو تخفيض مرتبات العاملين.. وهذه الظاهرة تزايدت فى أعقاب انتشار فيروس كورونا المستجد والتى ضاعفت مأساة المصريين.

فى ظل هذه الأوضاع كان من الطبيعي أن يعيش أكثر من 60% من المصريين تحت خط الفقر بحسب بيانات البنك الدولى.
كان معدل التضخم السنوي قد سجل ارتفاعا بنسبة 4.6%، خلال أكتوبر الماضي، مقارنة بـ 3.3% في سبتمبر السابق له.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان له، إن التضخم على أساس شهري صعد بنسبة 2.3% خلال الشهر الماضي، مقارنة مع 0% في سبتمبر السابق له.
وكشف أن ارتفاع معدل التضخم يرجع إلى صعود أسعار مجموعة الفواكه بنسبة 4.5%، وأسعار المشروبات الكحولية والسجائر 11.1%، وأسعار المسكن والمياه والكهرباء والغاز 5%، والرعاية الصحية 5.9%، والنقل والمواصلات بنسبة 3.8%.

وأشار الجهاز إلى زيادة أسعار مجموعة التعليم الثانوي العام والفني بنسبة 56.6% ومجموعة التعليم قبل الابتدائي والتعليم الأساسي بنسبة 20.1% ومجموعة التعليم العالي بنسبة 13.2% ومجموعة التعليم بعد الثانوي العام والفني بنسبة 12.3% لافتا إلى زيادة أسعار الخضراوات بنسبة 7% خلال شهر أكتوبر، نتيجة ارتفاع أسعار الطماطم بنسبة 20.4% والفلفل الرومي والبلدي بنسبة 12.2%.

وأكد ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 1.2%، بسبب ارتفاع أسعار الطيور بنسبة 2.4% كما ارتفعت أسعار مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 0.2% ومجموعة الإيجار المحتسب للمسكن بنسبة 0.4% ومجموعة السلع والخدمات المستخدمة في صيانة المنزل بنسبة 0.7%.

ولفت الجهاز إلى ارتفاع أسعار خدمات المرضى والعيادات الخارجية بنسبة 0.6%، وارتفاع أسعار خدمات المستشفيات بنسبة 0.2%، وأسعار مجموعة الصحف والكتب والأدوات الكتابية بنسبة 4.2% كما صعدت أسعار مجموعة خدمات الفنادق بنسبة 13.5%، وأسعار مجموعة العناية الشخصية بنسبة 0.6%.

كان صندوق النقد الدولي قد توقع في أغسطس الماضي، ارتفاع معدل التضخم بمصر من 5.8% (على أساس سنوي) في السنة المالية 2019-2020، إلى حوالي 8% في المتوسط في السنة المالية 2020-2021.
وأرجع الصندوق تلك الزيادة إلى عدد من العوامل الأساسية، بما في ذلك الآثار السلبية الناتجة عن تداعيات أزمة تفشي فيروس "كورونا".

العام الدراسي
من جانبها أرجعت منى بدير كبيرة الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم ارتفاع التضخم الأساسي إلى التأثير غير المواتي لسنة الأساس والتغيرات التي حدثت في مكونات سلة الغذاء.
وتوقعت منى بدير فى تصريحات صحفية أن تكون خلال الأرقام الشهر المقبل، أكبر بسبب تأثير بداية العام الدراسي، مع استمرار تداعيات فيروس كورونا ودخول الموجة الثانية إلى البلاد.

منظومة الإنتاج
وأكد الدكتور شريف مختار، خبير اقتصادي، أن مصر تمر بأزمة اقتصادية على مستوى كل القطاعات، ونحتاج إلى زيادة الإنتاج لأنه أقل من النمو السكاني، مما يزيد عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات والتضخم، وكلها مؤشرات سالبة تجهد الاقتصاد المصري وتضعنا في أزمة خطيرة.
وقال مختار فى تصريحات صحفية: المشكلة لا تحل إلا بمنظومة الإنتاج وكفاءته، خاصة أن مجال السياحة تراجع دخله إلى أقل من 13 مليار دولار فى السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تراجع تحويلات العاملين المصريين بالخارج عقب أزمة فيروس كورونا.

عجز الموازنة
وقال مدحت نافع خبير اقتصادى متخصص فى إدارة المخاطر، إن زيادة الاقتراض الداخلى بأرقام غير مسبوقة فى تاريخ مصر يرجع إلى العجز الكبير فى الموازنة المالية لدولة العسكر مما يصعب تمويلها فى ظل الظروف الحالية إلا عن طريق طباعة الأموال التى لا يمكن للدولة التوسع فيها لتقيدها بمعادلة النقود ومعدلات التضخم أو طباعة أذون وسندات خزانة وطرحها فى السوق مثلما يحدث الآن لعدم لجوء حكومة الانقلاب إلى الحلول الأكثر استدامة فى سداد عجز الموازنة وتحقيق فائض فى الإيرادات.

وأضاف نافع فى تصريحات صحفية: معدلات الدين الداخلى والخارجى فى تزايد بوتيرة مرتفعة، مشيرا إلى أن وقف الاستدانة سواء الداخلية أو الخارجية لن يكون إلا بزيادة الإنتاج ثم زيادة الصادرات لتحسين ميزان المدفوعات وسداد القروض الخارجية أو بدخول استثمارات أجنبية توفر عملة أجنبية وتسهم فى تخفيض معدل التضخم بتشغيل جزء من حركة الاقتصاد.

وأوضح أن دولة العسكر تستدين بسبب عجز الاقتصاد بمحركاته المختلفة عن تأدية ما هو مطلوب منه تجاه المجتمع، فالقطاعات الإنتاجية أصبحت عاجزة عن تلبية الطلب الاستهلاكى المتزايد بوتيرة مرتفعة، وحكومة الانقلاب عاجزة عن تقديم الالتزام الاجتماعى تجاه المواطنين فيما يتعلق بالتعليم والصحة والخدمات التى يقال إنها مدعمة فى حين إنها لا ترقى للاستخدام الآدمي، وهذه تبعات لعدم وجود نمو كاف، بل إن النمو محفز بالاستهلاك وليس بالاستثمار وهذا أمر أخطر.

وعن إمكانية التوقف عن الاستدانة، رأى نافع أن الحل الوحيد أمام حكومة الانقلاب التى لا تملك رؤى أو خطط مستقبلية هو الاقتراض من الداخل والخارج لسد العجز القائم، فى ظل عدم وجود محاسبة عن الفجوة الموجودة بين الموازنة والحساب الختامى والذى يوجد فيه انحراف كبير رغم أنه أهم خطط أى حكومة، لكنها لا تراقب ولا تنفذ، فكيف سيتم وضع وتطبيق خطط حقيقية لتنمية الاقتصاد.

وأشار إلى أن هناك فرق بين إدارة الأزمة وإدارة المخاطر، فمن يديرون الاقتصاد الآن يرون أن إدارة الأزمة هو الاستدانة، مع العلم أن هناك طرقًا أخرى سريعة لكن وفق إمكانياتهم هذا هو الحل، ويجب أن يكون هناك أيضا جهة تعمل على إدارة المخاطر وحل الأزمة قبل أن تقع فى المستقبل لأن الدلائل تشير لوجودها.

وحذر نافع من أن سير حكومة الانقلاب على هذا الطريق سيؤدى إلى مزيد من الأزمات، خاصة أن تقرير مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى الذى صدر مؤخرًا كان سيئًا تجاه مصر ورأى أن ميزان المدفوعات هش للغاية وانحرف بدرجة كبيرة، وهناك عجز فى الميزان التجارى ومن ثم انخفاض فى الملاءة الائتمانية والعجز عن السداد وبالتالى يصبح الاقتراض من الخارج شبه مستحيل.
وأكد أن الحل السريع لسد عجز الموازنة وتقليل الاقتراض هو تجفيف منابع الفساد ووقف هدر إيرادات الدولة وإنشاء إدارة مخاطر مؤسسية لمتابعة تحصيل الإيرادات.

الأداء الحكومي
وأكد أحمد صقر، رئيس غرفة الصناعات الغذائية، أن ارتفاع التضخم أمر طبيعي، في ظل وجود حكومة لا تقوم بالدور المطلوب منها، وهي فقط تعمل على تسيير الأمور.

ووجه "صقر" فى تصريحات صحفية انتقادات حادة للأداء الحكومي الانقلابى في كافة القطاعات، مشيرا إلى أن كل وزراء الانقلاب لديهم مخاوف من اتخاذ قرارات أو إصدار أوامر يتحملون مسئوليتها وتوجه لهم الاتهامات على أثرها، ما دفعهم للتوقف عن اتخاذ أي خطوة نحو إصلاح المناخ العام.

وأشار إلى ضرورة الاستقرار الاقتصادي، موضحًا أن حكومة الانقلاب تركز حاليًّا على القطاع الرسمي وتعمل على جني أكبر قدر من الضرائب منه دون تقديم تسهيلات أو خدمات، في الوقت الذي تتجاهل فيه القطاع غير الرسمي، والذي يمثل نحو 70% من الاقتصاد وفي ظل الوضع الحالي الذي يتنامى دون رقابة.