بسبب تغوله الاقتصادي.. “رايتس ووتش” تدعو صندوق النقد لمطالبة جيش السيسي بكشف حساباته

- ‎فيتقارير
دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" صندوق النقد الدولي إلى مطالبة حكومة الانقلاب بالكشف عن المعلومات المالية للشركات المملوكة للجيش قبل صرف الدفعة الجديدة لبرنامج الإقراض الحالي. جاء ذلك فى رسالة بعثت بها المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، ومقرها نيويورك إلى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولى. وقالت المنظمة في الرسالة:"على صندوق النقد الدولي أن يطالب حكومة السيسي بالكشف عن المعلومات المالية عن الشركات المملوكة للجيش كجزء من … الإفراج عن الشريحة التالية من التمويل في إطار برنامج القروض الجارية".
وفي يونيو الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على تقديم قرض جديد بقيمة 5.2 مليار دولار لحكومة الانقلاب، من أجل تحقيق التوازن بين تمويل الاحتياجات المرتبطة بالفيروسات التاجية. وقال صندوق النقد الدولي، في ذلك الوقت، إن التمويل مكّن حكومة السيسي من سحب ملياري دولار على الفور من القيمة الإجمالية للقرض، مع تقسيم المبلغ المتبقي إلى شريحتين يتم سدادهما خلال 12 شهراً.
ولم تشمل البيانات المالية للمؤسسات التي قدمتها حكومة الانقلاب إلى صندوق النقد الدولي، كشرط للحصول على الشريحة التالية من القرض، الشركات المملوكة لوزارة الدفاع والإنتاج الحربي، التي تدير المصالح الاقتصادية للجيش في البلاد.
وقد أكدت منظمة «رصد حقوق الإنسان» في رسالتها أن "الشفافية والمساءلة في الأعمال التجارية المملوكة للقوات العسكرية هما مفتاح التصدي للفساد وسوء الإدارة، الأمر الذي يبدد الموارد العامة الثمينة التي كان يمكن استثمارها في تأمين حقوق مثل الرعاية الصحية والسكن والغذاء والحماية الاجتماعية".
آثار الاقتصاد العسكري المصري
وأصدر برنامج العلاقات العسكرية المدنية في الدول العربية، التابع لمعهد كارنيجي لأبحاث الشرق الأوسط، 26 أكتوبر الماضي، خمسة تحليلات عن دور الجيش في إضعاف الاقتصاد المصري وتأثيراته عليه، وكيف هيمنت نخبته على الحياة السياسية. وجاءت التحليلات الخمسة لمعهد كارنيجي بعنوان "آثار الاقتصاد العسكري المصري"، وشملت:
1. المؤسسة العسكرية المصرية كرأس حربة لرأسمالية الدولة، للباحث يزيد صايغ
2. الضعف المزمن لأداء الاقتصاد العسكري المصري، للباحثة بسمة المومني
3. الطبقة الحاكمة الناشئة في مصر، للباحثة شانا مارشال
4. الاقتصاد المصري: في براثن الدولة العميقة، للباحث جورج العبد
5. القوات المسلحة في السُلطة والاقتصاد، للباحث إسحاق ديوان
تكاليف عالية
وقد أشار يزيد صايغ، وهو باحث رئيسي في مركز مالكوم كير– كارنيجي للشرق الأوسط، فى مقدمته بأن "انخراط المؤسسة العسكرية المصرية في الاقتصاد أدي لتكاليف عالية، أسهمت في إضعاف أداء التنمية وينذر ببروز طبقة حاكمة جديدة من الضباط العسكريين، وأن تدخل القوات المسلحة المصرية في الاقتصاد منذ انقلاب السيسي، أدى إلى ظهور صيغة جديدة من رأسمالية الدولة المصرية. إذ أسفر انخراط المؤسسة العسكرية المصرية في الاقتصاد عن تكاليف عالية، ما أسهم في إضعاف الأداء في التنمية، وينذر ببروز طبقة حاكمة جديدة من الضباط العسكريين، حيث يعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على القطاع العام الذي تقوده المؤسسة العسكرية، والذي أثبت عدم قدرته على تحقيق النمو طويل الأجل، والذي يعتبر ضروريًا لانتشال ملايين المصريين من براثن الفقر، ووسعت إدارة السيسي مصالحها التجارية لتهميش المقربين من النظام الذي أطاحت به.
المؤسسة العسكرية رأس حربة لرأسمالية الدولة
ويوضح يزيد صايغ في البحث الأول، كيف أعاد السيسي تنشيط رأسمالية الدولة في مصر من خلال القيادة العسكرية للتطوير العقاري، وإنشاء المجمّعات الصناعية والأنشطة الاستخراجية ومزاحمة القطاع الخاص واستخدام الاستثمار الخاص لإعادة رسملة القطاع العام. لكنه يشير إلى افتقار السيسي إلى مخطط اقتصادي واضح، ناهيك عن الفهم السليم لديناميات السوق، حيث أدى اهتمامه الأكبر بتوليد رأس المال مع الحفاظ على النظام السياسي إلى ظهور نسخة جديدة من رأسمالية الدولة المصرية.
وأشار إلى أن النموذج الأول من رأسمالية الدولة المصرية الذي أسّسه جمال عبد الناصر عام 1961، وأطلق عليه لقب "الاشتراكية العربية"، تحوّل في عهد حسني مبارك، لنموذج ثان يتميّز بالشراكات الطفيلية مع القطاع الخاص، من العام 1991 فصاعدًا. أما النموذج الثالث الذي يتكوّن تحت إشراف السيسي، فيسعى في آن إلى استعادة مركزية دور الدولة في صنع القرار الاقتصادي وإلى تطويع القطاع الخاص خدمةً لإستراتيجية الدولة للاستثمار الرأسمالي، حتى وهو يستمر في إعلان الالتزام الرسمي باقتصاد السوق الحر.
ملامح التطور
ويكشف التحول في النشاط العسكري الاقتصادي والتجاري في عهد السيسي عن ملامح هذا التطور، حيث تدّعي المؤسسة العسكرية أنها توظف 5 ملايين شخص، لكن جميعهم تقريبًا يعملون في الواقع من قبل المقاولين المدنيين من القطاع الخاص الذين يعملون لصالح المؤسسة العسكرية. يشير هذا إلى أن نهج السيسي قد يساعد في توليد النمو الاقتصادي وتحسين كفاءة المالية العامة، لكنه يعزز أيضًا قبضة الدولة المصرية بدلًا من تعزيز اقتصاد السوق الحر.
ويوضح أن القيمة الصافية للشركات العسكرية وللإنتاج العسكري للسلع والخدمات أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، ويسمح النمو في الصناديق المالية التقديرية لوزارة الدفاع بزيادة المنافع وتعزيز الولاء في صفوف القوات المسلحة، وبناء احتياطي مالي لتمويل تطوير البنية التحتية العسكرية ومشتريات الأسلحة، والقيام بعمليات استحواذ على وسائل الإعلام والتبرع لهيئات مثل صندوق "تحيا مصر" الذي أنشأه السيسي للرعاية الاجتماعية والتنمية، وذلك خدمة للأغراض السياسية.
ويخدم توسع النشاط الاقتصادي العسكري في خمسة مجالات نموذج إدارة السيسي الآخذ في الظهور من رأسمالية الدولة وهي: التطوير العقاري، وإنشاء مجمّعات الصناعة والنقل، واستخراج الموارد الطبيعية، والعلاقات مع القطاع الخاص، وزيادة رأسمال القطاع العام بواسطة الاستثمارات الخاصة.
https://www.middleeastmonitor.com/20201202-human-rights-watch-urges-imf-to-demand-egyptian-armys-financial-data