خمسة مشاهد في أسبوع.. كيف تجاوز السيسي مرحلة الاستبداد إلى الطغيان؟

- ‎فيتقارير

بدا رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي منفعلا عندما حاصرته أسئلة الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، وصاح غاضبا: " لماذا تتعاملون معي كأني مستبد؟" مضيفا " لا يليق أبدا أن يتم وصفنا لديكم بالمستبد"!
فالسيسي الذي اغتصب الحكم بانقلاب عسكري وزج بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، أول وآخر رئيس مدني منتخب بنزاهة في تاريخ البلاد، في سجونه حتى لقي ربه شهيدا محتسبا والسيسي الذي لم يتورع عن سفك دماء الآلاف من المصريين الذين رفضوا اغتصابه للسلطة بقوة السلاح، وأمر مليشياته بارتكاب عشرات المذابح الجماعية وزج بعشرات الآلاف من الأبرياء في السجون ظلما وعدوانا بتهم سياسية ملفقة، والسيسي الذي فرط في التراب الوطني "تيران وصنافير" وهيمن على جميع مؤسسات الدولة وضم صلاحيات التشريع لصلاحياته عبر تشكيل برلمانات صورية لا دور للشعب في اختيارها وعصف باستقلال القضاء ونكل بكل معارضيه من كل التيارات؛ السيسي الذي فعل كل هذه الجرائم الوحشية لا يرى نفسه مستبدا!

وخلال أسبوع واحد برهن رئيس الانقلاب على أنه طاغية وليس مستبدا فقط؛ ذلك أنه تجاوز مرحلة الاستبداد بمراحل وصولا إلى الطغيان عينه؛ فالمستبد ربما يكتفي بفرض تصوراته على الجميع بقوة البطش والقهر وإخضاع جميع مؤسسات الدولة لأوامره؛ لكن الطاغية هو الذي لا يتورع عن ارتكاب الخطايا وسفك الدماء واستخدام كل الأساليب القذرة من أجل قهر رعيته حتى يضمن بقاءه في السلطة بأدوات البطش والقمع الأمني؛ والسيسي قد بدأ مبكرا بمرحلة الطغيان فلم يكن في يوم من الأيام مجرد مستبد بل تجذرت نوازع الطغيان في مكونات نفسه وشخصيته منذ عقود طويلة؛ ولم تكن مرحلة الانقلاب إلا كشفا لهذه النوازع الطغيانية الشريرة.
وهذه بعض المشاهد والبراهين التي حدثت خلال أسبوع زيارة السيسي لباريس لتدلل على تجذر روح الطغيان في السيسي ونظامه.

إخلاء سبيل "بالعافية"

أولا، في مسرحية إخلاء سبيل أعضاء المبادرة المصرية الثلاثة التي افتعلها النظام لمنح ماكرون مبررا لاستقبال أحد أكبر طغاة الأرض وأكثرهم إجراما، ليخرج السيسي في صحيفة لوفيجارو الفرنسية ويدعي أنه تم اعتقالهم لأسباب تتعلق بعدم وجود ترخيص قانوني للعمل داخل مصر، ولكن السيسي لم يوضح أسباب التحقيق معهم بتهم تتعلق بالإرهاب والتحفظ على الأموال والانتماء للإخوان المسلمين التي اتهم النائب العام أعضاء المبادرة المصرية بها خلال التحقيقات.

تجديد الحبس

ثانيا، تجديد الحبس الاحتياطي لأكثر من 700 معتقل سياسي في جلسة واحدة وفي أقل من عشر دقائق، كلهم معتقلون يعانون من مشاكل صحية مثل هدى عبد المنعم التي توقفت إحدى كليتيها عن العمل تماما ومع ذلك جددوا حبسها 45 يوما آخرين، وهناك عبد المنعم أبو الفتوح وما يعانيه من مشكلات صحية تهدد حياته، ولكن لا حياة لمن تنادي.

إسقاط "طنطاوي"

ثالثا، إسقاط النائب أحمد طنطاوي في مسرحية انتخابات البرلمان ليتم قطع الطريق عليه لاستكمال مواقفه المشرفة داخل البرلمان من رفض التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى رفض التعديلات الدستورية الأخيرة. إسقاط طنطاوي جرى بتزوير فج باستبدال النتائج بينه وبين منافس آخر أعاد للأذهان مغامرات نظام مبارك في تزوير الانتخابات واستبدال النتائج التي يحصل عليها المرشحون كما حدث في واقعة مصطفى الفقي وجمال حشمت عام 2005. وهل هناك استبداد أكثر من تزوير الانتخابات والسيطرة على السلطة التشريعية!

تطورات "ريجيني"

رابعا، في ذات الأسبوع، أصدر الادعاء العام الإيطالي بيانا مفصلا اتهم فيه أربعة قيادات من ضباط جهاز الشرطة المصري بالتورط في مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بالتعذيب حتى جرى العثور على جثته مشوهة المعالم في فبراير 2016م. وهو ما يبرهن حجم الإجرام الذي يمارسه نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي وعدم تورعه عن سفك الدماء بوحشية مفرطة دون اكتراث للعواقب وفي مأمن تام من الملاحقة و المحاكمة.

قمع أسرة "عبد الغني"

خامسا، واصل النظام العسكري فاشيته بمنع زوجة القيادي الإخوني أيمن عبدالغني وأطفالها إلى إسطنبول، وفي كل مرة كانت سلطات الانقلاب تسحب جوازات سفرهم وتمنعهم من السفر للخارج؛ ولم ير عبدالغني زوجته وأطفاله ( متزوج من الزهراء ابنة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين" المعتقل حاليا في سجون العسكر)، وبقي محروما من أسرته حتى وفاته الجمعة 11 ديسمبر 2020م متأثرا بإصابته بفيروس كورونا. وفي ذات الأسبوع، تعمدت أجهزة السيسي الأمنية نشر صورة للدكتور محمود عزت، في أول عرض على نيابة الانقلاب، منذ اعتقاله قبل 5 شهور وقد بدا عيه الوهن والضعف في رسالة لا تخفى دلالتها بأن النظام سيسحق كل معارض، ويمارس أبشع صور التنكيل بكل قيادات الإخوان.