المسلمون في سريلانكا يواجهون عنصرية البوذييين في زمن “كورونا”

- ‎فيعربي ودولي

المسلمون فى سريلانكا "سيلان" منذ استقلالها عام (1948م) عن الاحتلال البريطانى يلعبون دورا مهما في البلاد، ورغم أن تعدادهم لا يتجاوز "8%" من جملة السكان، فإنهم يشاركون بدور حيوي في الحياة السياسية، وخطوا خطوات واسعة في التعليم، ويشغلون الكثير من الوظائف الإدارية بما فيها عضوية مجلس الوزراء.
وللمسلمين في "سريلانكا" محاكمهم القضائية الخاصة بهم في الأحوال الشخصية، كما أن هناك بعض البرامج الإسلامية في الإذاعة والتلفزيون والصحف، وتعتبر أعياد المسلمين عطلات رسمية عامة، وكذلك هناك مدارس حكومية خاصة بالمسلمين.
ورغم هذا، فإن مسلمي "سريلانكا" يواجهون مشاكل كبيرة تحتاج إلى حل عاجل وحاسم كشف عن بعضها فيروس كورونا المستجد؛ حيث قررت السلطات السريلانكية إحراق جثامين 19 مسلما توفوا بالفيروس رغم اعتراض عائلاتهم لمخالفة ذلك للشريعة الإسلامية. وعادة تسلم جثامين المتوفين بفيروس كورونا لعائلاتهم ليتم إحراقها تحت رقابة السلطات الصحية، لكن عائلات 19 مسلما توفوا لم تطلب تسلّم الجثامين من مشرحة في العاصمة السريلانكية كولومبو، ما استدعى قرارا بإحراقها أصدره النائب العام دابولا دي ليفيرا.
وقالت المتحدثة باسم دي ليفيرا، إن جثامين ضحايا كوفيد-19 التي لا تطلب عائلاتهم تسلّمها يمكن أن تحرق بموجب أنظمة الحجر الصحي. واحتجت جمعيات مسلمة على سياسة إحراق الجثامين، وقدّم مسلمون وهيئات من المجتمع المدني 12 التماسا في هذا الخصوص أمام المحكمة العليا.
عنصرية مستمرة
هذا الإجراء يكشف عنصرية البوذيين واعتداءتهم المستمرة ضد المسلمين، وقد سبق هذه الحادثة اعتداءات أخرى أدت إلى إعلان سريلانكا حالة الطوارئ في مارس 2018 بعد أن شهدت منطقة كاندي الجبلية اضطراباتٍ دينية؛ إذ أحرق بوذيّون مساجد ومحال مملوكة لمسلمي سريلانكا، ردا على حادث سير بين سائق شاحنة بوذي ومجموعة من المسلمين، توفي السائق على إثره، وسُجن المسلمون. لكن المجموعة التي هاجمت المساجد لم تكن من أهل منطقة السائق المُتوفى، ولا من أهل منطقة المسلمين، لذا لم يكن الحشد عشوائيا أو ردا عفويا غاضبا. بل قرارا مُتعمدا حُشد له على وسائل التواصل الاجتماعي تحت سمع السلطات وبصرها، لكن الشرطة تجاهلت تلك الدعاوى، وتباطأت في إيقاف أحداث العنف، وكانت النتيجة تخريب ستة مساجد، و46 محلا تجاريا، علاوة على 37 منزلًا.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقع فيها المسلمون، ضحيةً لهجمات عنصرية. ففي عام 2014، وقبل الانتخابات الرئاسية، قُتل 4 أفراد، وجُرح عشرات المسلمين في هجمات متفرقة ووقف وراء هذه الهجمات ما يسمى بالقوة البوذية الضاربة (BBS)» وتسببت في تشريد أكثر من 10 آلاف مسلم بعد تدمير بيوتهم ومحالهم ومساجدهم. تدين هذه القوة البوذية بالولاء للرئيس السابق ماهيندا راجا باكسا، ما دفع المسلمين للتصويت لخصمه ووزيره المنشق مايتريبالا سيريسينا. وبالفعل فاز الأخير بالانتخابات بسبب أصوات الأقلية المسلمة، التي رجحت كفته وسط انقسام الغالبية السنهالية. لكن سرعان ما تلاشى أمل المسلمين في دولة آمنة، إذ تحالف سيريسينا مع أحد الأحزاب البوذية المتطرفة ليضمن بقاءه في السلطة.
مناصب حكومية
ورغم هذا القمع استطاع بعض المسلمين أن ينتزعوا مناصب حكومية مرموقة، بسبب أن المسلمين فقط هم من يتحدثون اللغة السنهالية المحلية، والإنجليزية، والهندية. فقد حاول سكان سريلانكا الهرب من سيطرة الهند بإضعاف لغتها. لكن يدور الزمان وترتمي سريلانكا في أحضان الهند هربا من جحيم الصين، وتنقسم الغالبية السنهالية بين الصين والهند، ويبقى الثابت أن يكون المسلمون ضحية في كل الأحوال.
أيضا يواجه الشباب المسلم مشكلة الوقوع فريسة للفلسفات والمذاهب المادية، وهو معرض لخطر المذاهب الحديثة المبنية على الفلسفات المادية والإلحادية، والعلماء يؤدون خدمات جليلة للإسلام والمسلمين، لكن نظرا لطبيعة التعليم الذي تلقوه في المدارس، فإنهم لم يعودوا بالمستوى الفكري والعلمي الذي يمكنهم من تقديم الإسلام في صورة تتجاوب مع تطلعات الشباب المسلم الذي افتتن بالتقدم العلمي في الغرب وأعماه هذا التقدم المادي عن تبين حقيقة الفلسفة المادية الإلحادية.
أيضا يواجه المسلمون مشكلة اللغة، حيث يتكلمون اللغة التاميلية التي هي، أيضا، لغة مسلمي جنوب الهند، وتوجد العديد من المؤلفات الإسلامية لعلماء سريلانكا وجنوب الهند بهذه اللغة، ولكن أصبحت الآن اللغة السنهالية وهي لغة الغالبية في سريلانكا هي اللغة الرسمية للدولة؛ ولذلك هجر الشباب المسلم اللغة التاميلية وبدأوا يتعلمون السنهالية، والمشكلة أنه لا توجد مؤلفات إسلامية باللغة السنهالية؛ لهذا أصبحت الحاجة ماسة إلى تأليف كتب عن الإسلام باللغة السنهالية. وهذا بالطبع يحتاج إلى دعم وعمل جماعي من قبل المسلمين.