“كله مات”.. العسكر يحرمون الفقراء من الأكسجين ومستشفى الحسينية شاهد على المذبحة

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي ينفق فيه السفاح عبد الفتاح السيسي في على تأمين طائرته مليارا و ٦٠٠ مليون جنيه مصري، يتساقط المصريون موتى نتيجة انهيار القطاع الطبي وعدم وجود تجهيزات كافية في المستشفيات التي تستقبل حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ولقي عدد من مرضى كورونا مصرعهم داخل العناية المركزة بمستشفى الحسينية المركزي، بعد انقطاع الأكسجين عنهم، وصعد هاشتاج (العناية المركزة) تويتر بعد فيديوهات انقطاع الأكسجين عن المصابين، وعبّر مغرّدون عن غضبهم مما حدث للمرضى.

مشاهد مفزعة
وتناقل ناشطون مشاهد مفزعة توثّق لحظات مرعبة داخل مستشفى الحسينية، وتحدّث موثقو المشاهد من داخل المستشفى عن وفاة معظم المرضى الموجودون في العناية المركزة، وأظهرت المشاهد حالة من الفزع والذعر بين الأطباء والممرضين وذوي المرضى وسط محاولات حثيثة لإنقاذ بعض المرضى بعد انقطاع الأكسجين عنهم.
وتداول نشطاء صورة مؤثرة لممرضة، عرف بعدها أن اسمها "آية علي محمد علي، تجلس في زاوية بغرفة العناية المركزة، وعجزها عن مساعدتهم بينما تشاهدهم يفارقون الحياة.
وفي العام الماضي قرر السفاح عبدالفتاح السيسي بيع مستشفيات حكومية ومعاقبة الفقراء المصريين بحرمانهم من الدواء والعلاج بحجة عدم توفر ميزانية لتجديد مستشفيات الفقراء أو تطويرها، وقرر بيعها للمستثمرين والجمعيات الخيرية لإدارتها بدلا من القطاع العام.
وقوبلت دعوة السفاح السيسي بموجة من الرفض الشعبي، حيث استنكرتها نقابة الأطباء ونشطاء ومدافعون عن حق المواطنين في العلاج، واعتبروها بداية لخصخصة قطاع الصحة بالكامل.
وكان السفاح السيسي قد وجه وزير صحة الانقلاب، إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبيع مستشفيات حكومية لا تستخدم لنقص الأجهزة بها، زاعما أن هذه الفكرة ستوفر دخلا وعلاجا بديلا للمواطنين المحتاجين؛ ما دامت الحكومة غير قادرة على القيام بهذا الدور!
وحاولت وزارة صحة الانقلاب تهدئة المخاوف من هذه الخطوة عبر مستشار وزير الصحة هشام عطا، الذي أكد أن الاقتراح مقتصر فقط على تطوير المستشفيات من خلال المستثمرين، وليس بيعها، ولكن كثيرا من المصريين لم يقتنعوا بتلك التصريحات.
من جانبه؛ وصف مدير مركز الحق في الدواء، محمود فؤاد، بيع المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص، بأنه "أمر مؤسف للغاية"، وقال إن مصر فيها 450 مستشفى لعلاج الفقراء من خلال مظلة التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، وليس من المنطقي أن يتم بيع هذه المستشفيات من أجل الحصول على "شوية فلوس" للدولة، ونترك الفقراء يعانون وحدهم.
وأضاف أن "مصر تعاني من أزمة دواء طاحنة تضرب كل أطرف القطاع الطبي من شركات ومرضى وحكومة ومستشفيات، ومن الأولى العمل على حل هذه المشكلة وزيادة الإنفاق السنوي على الصحة والبالغ 120 مليار جنيه فقط".
وأوضح فؤاد أن هذا قرار بيع المستشفيات "يضرب فكرة العدالة الاجتماعية في مقتل"، مضيفا أن "مبارك وعصابته لم يفعلوا ما قام به السيسي من امتصاص لدماء الفقراء بهذا الشكل العجيب، فعندما دعت هيئة المعونة الأمريكية عام 1995 إلى رفع الدعم عن الخدمات الصحية؛ لم تستطع الحكومة وقتها أن تقوم بذلك خوفا من الغضب الشعبي".
وختم بالقول: "السيسي نسف كل الاتفاقيات الدولية بهذا القرار، ويفعل الآن ما تطلبه منه أمريكا بالحرف".

مستشفيات الفقراء
ورفضت مستشفيات الحميات والصدر البالغ عددها نحو 81 مستشفى، استقبال أي حالات مرضية طارئة، وذلك بعد تحويلها إلى مستشفيات لاستقبال مرضى كورونا وعزلهم، بناء على تعليمات وزارة الصحة العامة، قرار أثار حفيظة آلاف المرضى، خصوصاً أنهم يطلقون على هذه المستشفيات اسم مستشفيات الفقراء، كونها تستقبل يوميا مئات المرضى، معظمهم من معدومي الدخل ممن يعيشون في القرى والمدن.
وكشف مسؤول في وزارة الصحة العامة أنّ رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي طالب وزيرة الصحة بحكومته هالة زايد بضرورة مواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا وإعلان حالة الطوارئ في المستشفيات، وزيادة عدد المستشفيات المخصصة للعزل، من بينها مستشفيات الحميات والصدر.
يضيف أنّ مستشفيات الحميات والصدر غير مؤهلة لعزل مرضى كورونا، على الرغم من ضرورة أن تكون على أتم الاستعداد لاستقبال مرضى كورونا بشكل خاص، بالإضافة إلى مرضى آخرين، ويصف هذه المستشفيات بـ "العاجزة" في ظل ما تعانيه من إهمال.
وعلى الرغم من تخصّص مستشفيات الحميات والصدر، إلا أنها ما زالت تُعاني عجزا كبيرا في أعداد الأطباء، ونقصا في المعدات والمستلزمات الطبية، على رأسها الأدوية لعلاج الفيروس، وعدد الأسرّة، وأدوات الوقاية من الفيروس للطواقم الطبية من كمامات ومعقمات وقفازات وملابس، بالإضافة إلى نقص عدد أجهزة التنفس الصناعي.
الواقع السيّئ هذا تواجهه مستشفيات العزل بصفة عامة منذ تفشي الفيروس الشتاء الماضي، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات من الأطباء والمرضى. ويرفض المسؤول تصريحات وزارة الصحة العامة التي تؤكد جاهزيتها لاستقبال المصابين.
ويطالب المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، حكومة الانقلاب بضرورة الاستعداد الجيد للوباء، قبل أن يصيب العشرات يوميا في مناطق مختلفة. ويسأل: "لماذا يرفض رئيس الحكومة تخصيص مستشفيات الشرطة والجيش للعزل؟ أو أنّه سيفعل ذلك في حال أصبح الفيروس أكثر خطورة وأصاب عددا أكبر من المواطنين؟".
استهتار بالفيروس

من جهته، يقول أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي في جامعة الأزهر أحمد مسعود، أن هناك استهتارا بكورونا على عكس ما كان عليه الأمر الشتاء الماضي، متوقعا أن تزداد أعداد الإصابات خلال شهري ديسمبر ويناير، في ظلّ التراخي وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية. ويقول إن "مستشفيات الحميات والصدر في مصر يجب أن تكون مستشفيات مناعة، تتوفر فيها كافة الإمكانات الطبية من أدوية وكوادر طبية. إلا أنّها ليست في أفضل حال اليوم"، مطالبا الجهات المسؤولة بضرورة تطبيق القانون، وفرض الغرامة التي أقرتها الحكومة وقدرها 4 آلاف جنيه لمن لا يرتدي الكمامة في الشارع وأماكن العمل والمصالح الحكومية والمستشفيات وغيرها من الأماكن التي يتردد عليها المواطنون، مشددا على ضرورة أن تستعد المستشفيات المركزية جيدا لاستقبال جميع المرضى.
ويشكو عشرات المرضى، خصوصاً أهالي محافظات صعيد مصر، من رفض استقبال مستشفيات الحميات والصدر الحالات الطارئة من المرضى. ويؤكّد محمد سطوحي أنّه كان يعاني آلاما حادة في الكلى، فتوجه إلى مستشفى الحميات في محافظة الأقصر، إلا أن "إدارة المستشفى رفضت استقبالي بحجة تحويلها إلى مستشفيات عزل، على الرغم من عدم وجود أطباء أو ممرضين لاستقبال أي حالات طارئة مصابة بالفيروس"، فتوجه إلى مستوصف.
من جهته، يضيف عماد كريم، وهو موظف، أن مستشفيات الحميات والصدر هي الملاذ الأول للمرضى من الفقراء، وتحولها بالكامل إلى مستشفيات عزل، فيه ضرر لمحدودي الدخل، في ظل ارتفاع بدل الكشف الطبي. ويُطالب الجهات الطبيّة المسؤولة بالاهتمام بتلك المستشفيات، التي تُعاني بسبب قلة الإمكانات الطبية سواء لمرضى كورونا أو الحالات الطبية الأخرى وعدم تجهيز أقسام العزل بكافة مستلزمات الفريق الطبي المخصّص للتعامل مع هذه الحالات.
من جهتها، تقول سيدة عمر، وهي ربة منزل، إنها عادة ما تعاني من حساسية شديدة في الصدر مع قدوم فصل الشتاء. وحين توجهت إلى أحد المستشفيات في محافظة قنا، رفضت إدارة أمن المستشفى دخولها بحجة تحويلها إلى عزل. تُضيف: "أنا أرملة وأتقاضى راتب معاش تكافل وكرامة الذي تبلغ قيمته 400 جنيه، وأعاني من مشاكل في العينين، ولا أستطيع تحمّل كلفة العيادات الخاصة". وتسأل: "أين أذهب بعدما أغلقت المستشفيات أبوابها في وجه الفقراء؟".