“البناطيل للرجالة بس…”

- ‎فيمقالات

دشن (14) من فتيات محافظة قنا بجنوب الصعيد حملة بعنوان «تجمَّلى بالزى الشرعى.. البناطيل للرجالة بس.. البسى واسع»، عقدن بعدها جلسة تصوير بملابسهن المحتشمة، والتى لا تخلو من جمال وأناقة فى الوقت ذاته. وقد لاقت الحملة اهتمامًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، وأحدثت جدلًا، وإن كان معارضوها قلة لا تُذكر.

وما قامت به «بنات قنا» يمثل رغبة غالبية الشعب المصرى، وجاء ردًّا على تلك الظاهرة المستشرية، وهى خروج النساء إلى الشارع بأردية تُرى منها العورات، مخالفة لشروط لباس المسلمة، منها «البنطلون»، الذى لم يحرمه العلماء على إطلاقه، بل قالوا بجوازه إذا كان ساترًا غير مفصِّل لجسم المرأة، عكس ما نراه فى صفة بنطلونات اليوم ومنها: اللاصق والماسك والواصف، والمقطع والمرقع والمبقع، والملون والمزركش، والمطاط واللامع، والساقط والواقع إلخ…

فهل هذا يليق بـ«الجوهرة المصون»؟ وهل التعرى وإبداء الزينة للأجنبى من الدين ومنهم الفاسق الفاجر الذى يجد مبتغاه فى ذلك؛ مما أشار الله إليه بقوله: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27]؟

يحرص الإسلام على إقامة مجتمعات آمنة من الفتنة، خالية من الاختلاط الماجن والفوضى الجنسية التى تحوِّل الإنسان من مخلوق كرَّمه الله على سائر مخلوقاته إلى كائن شهوانى مشوَّه لا يشغله سوى الوطء والسفاد..

وفى سبيل ذلك قنن الشرع ما يظهر وما يخفى من عورات الرجال والنساء، وحظر الأقوال والأفعال التى تشيع الفاحشة بين الناس، فمنع العُرى، وسد منافذ الفتنة التى يأتى غالبها عن طريق التبرج والسفور، وأمر بغض البصر للجنسين على السواء، وألزم المرأة الحجاب لعلمه أن إظهار الزينة من أحب الأشياء إلى قلبها، وهى أكثر من الرجل جريًا وراء «الموضة» وتقليد الآخرين..

واشترط الشرع لزى المسلمة أن يكون فضفاضًا، يستر جميع بدنها عدا الوجه والكفين، وألا يكون مخالفًا للأعراف، أو شبيهًا بملابس الرجال، وألا يشف أو يصف؛ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأعراف: 59].

إن جهل بعضهنَّ جرَّهنَّ إلى تلك المفسدة التى تنبأ بها النبى ﷺ فى حديث صحيح رواه مسلم، قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها… الحديث». أما قوله ﷺ: «نساء كاسيات عاريات» فقد فسرها العلماء بقولهم: «(كاسيات) يعنى كسوة اسمية لا حقيقة لها ولا يحصل بها المقصود؛ ولهذا قال: (عاريات)، فهناك كسوة لكن لا نفع بها؛ إما لقصرها فتبدو منها الأرجل، أو لرقتها فتُرى منها العورة، أو لغيرها مما يكشف الأيدى والصدور ونحو ذلك».

ولو علمت المرأة عظم الجناية التى ترتكبها بخروجها بهذا الرداء المخلِّ لامتنعت فورًا عن الخروج به؛ فإنه يلفت إلى مواضع يجب أن تُستر، ويبرز مفاتن حرىٌّ بـ«الغالية» أن تخفيها عن الناظرين فـ(ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 56]، وإنها بهذا ترخِّص نفسها، وتشين سمعتها، وتجعل جسدها الذى أُمرت بصيانته مرمى لأنظار الغادين والرائحين، وما تخلفه تلك النظرات، وهى من سهام إبليس كما أخبر المعصوم ﷺ، من رغبة محرَّمة فى قلوب المتطلعين فتتحمل هى تلك الأوزار جميعًا، وربما وقعت ضحية أحد المتحرشين أو المغتصبين.

إن حياء المرأة إذا لم يُخدش فإنه يمنعها من الظهور بتلك الصورة المهينة لذاتها، ولو كانت ذات دين فإن إيمانها يحذرها من الوقوع فى جريمة إشاعة الفاحشة فى الذين آمنوا؛ إذ تلك الألبسة تقود لمعاص الواحدة أكبر من أختها، وقد رأينا منهن من تتساهل بعد هذا اللبس فى عبادتها حتى فرطت فى الفريضة، وذلك من تلبيس إبليس ومداخله فهو يقنعها بأن صورتها تلك لا يجوز معها صلاة أو صيام أو طاعة، فتتمادى فى الإثم. كما رأينا بعضهن خرجن بهذه الصورة رغمًا عن ذويهن فصار الجُرم جرمين، والذنب ذنبين. نسأل الله الهداية والستر لنساء المسلمين.