يعيش الفلاح المصرى أسوأ أيامه فى عهد الانقلاب العسكرى، فمن بوار الأراضى وشح المياه، مرورا بكوارث فساد السماد واحتكار الجيش للمنتجات الزراعية، وصولا للجبايات والرسوم التي تفرضها حكومة العسكر بين الحين والآخر على كل فئات الشعب المصري وعلى رأسهم الفلاحون.
ووفقاً لتسريبات من داخل مجلس نواب الانقلاب، فقد كشف مسؤولون من وزارة الزراعة بسلطة الانقلاب، أنها تدرس تحصيل 700 جنيه على الفدان الواحد، لتمويل «مشروع الرى الحقلى»، الذى تتبناه الوزارة تحت زعم تحقيق التنمية المستدامة.
ويزعم مقدم الاقتراح أن مشروع "الرى الحقلي" يهدف إلى تحديث المنظومة من خلال تحسين سرعة وكفاءة نقل المياه، عبر تحديث استخدام التقنيات الحديثة لمعالجة مياه الصرف الصحى الزراعى، ورفع كفاءة استغلال الموارد المائية عبر الاستثمار فى مد أنابيب لقنوات الري ورفع مستوى مضخات المساقى وكهربتها.
وتشمل خطة التنفيذ 5 ملايين فدان كانت تستهلك نحو 25 مليار متر مكعب سنويا من خلال الرى بالغمر ليتم تقليص هذه الكمية إلى النصف 12.5 مليار متر مكعب باستخدام أساليب الرى الحديث، كما تتضمن الخطة تحويل كل الأراضى الجديدة المستصلحة إلى نظام الرى المطور والالتزام بتلك المنظومة فى مشروع استصلاح المليون فدان الجديدة سواء كان بالرش الثابت أو المتحرك أو التنقيط ووفقا لنوعية المزروعات.
ووفقا لمصدر مسؤول، فإن إجمالى التحصيلات النقدية المرتقبة على هذا المشروع تبلغ قيمتها 2 مليار جنيه من المزارع المصري، سيتم تخصيص صندوق مماثل لصندوق" تحيا مصر" تحت إشراف وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب.
ويأتي هذا المشروع كمحاولة لمواجهة تداعيات سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد مصر بالعطش طوال سنوات ملء السد، بينما لم يكشف الاقتراح المقدم تفاصيل كثيرة عن المشروع وعن تكاليفه الإجمالية ومدى جدواه في مواجهة العطش المرتقب.
مصير مجهول
وقبل شهر، أعلن حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب عام الفلاحين الذي اختاره الانقلاب، تجميد نشاط النقابة العامة للفلاحين المشهرة برقم 466/2/2011 علي مستوى الجمهورية، مبررا ذلك بأنه ردا على تهميش الحكومة (الانقلابية) لمطالب الفلاحين.
وأضاف "أبو صدام": نظرا لحجم الخسائر الفادحة التي تعرض لها غالبية الأعضاء من الفلاحين نتيجة لتدني أسعار المحاصيل الزراعية، وتهميش الحكومة لطلبات الفلاحين، وعدم جدية المسؤولين في التعامل مع أعضاء النقابة، فقد تقرر تجميد جميع أنشطة النقابة على مستوى الجمهورية لحين إشعار آخر.
ومنذ الانقلاب العسكري أصبح الفلاحون هم الأكثر فقرا، وتشير التحليلات إلى أن من 50- 80% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وما زالت واحدة من أكبر الدول المستوردة للموارد الغذائية.
ومن أهم أزمات الفلاحين رفع الدعم عن مستلزمات الزراعة بكل أنواعها من أسمدة وأدوات وغيرها، وهو ما يتسبب في ارتفاع تكلفة الزراعة، بالإضافة إلى عدم تقديم الدعم للفلاحين بوجود مرشدين زراعيين تابعين للدولة لتعريفهم بالأمراض التي تصيب النباتات وطرق الوقاية منها كما كان يحدث مسبقا.
كما يعانب الفلاح المصري من ندرة مياه الري في بعض المناطق، وإصدار الدولة قرارا بتوقيع غرامات على مزارعي الأرز في بعض المناطق المخالفة والمحرومة من زراعة الأرز، ترشيدا لاستهلاك المياه. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار كل مستلزمات الزراعة، فضلا عن تجاهل الدولة مساندة الفلاح في تسويق المحصول وزيادة ثمن توريد المحاصيل، وهو ما يجعل الفلاحين يقعون فريسة للتجار الكبار.
تدمير الفلاح
بدوره، قال محمد برغش، نقيب الفلاحين السابق، إن الزراعة حلم مصر ومن دونها لا يمكن أن نسد فجوة الجوع، مطالبا بحل جميع مشاكل المزارعين بشكل سريع. وأضاف: “الحكومة الحالية (الانقلابية) ليست لديها حلول ولا منهج علمي في مجال الزراعة، وما يتبعها من مؤسسات”، مؤكدا أنها "لم تقدر طموح الفلاح المصري، ولم تطور متطلبات الزراعة المصرية التي تئن من كثرة مشاكلها”.
ولفت برغش إلى أن “المسئولين عن كل ما يمس الفلاح المصري أمام أمرين: إما أن يتركوا مكانهم لغيرهم ليعمل. أو أن يتطوروا بسرعة للارتقاء بأوضاع الفلاح”. وخلص إلى أن “الفلاح المصري كان قبل أربع سنوات أحسن حالا مما هو عليه”.
واتهم عماد كمال، نقيب الفلاحين بالقليوبية، التعاونيات الزراعية بالفساد وعدم الوفاء بالتزاماتها إزاء الفلاح، واصفا هذه التعاونيات بـ”المافيا التي تسرق مستحقات الفلاحين لصالحها”، على حد تعبيره. وأضاف كمال أن التعدي على الرقعة الزراعية ارتفع خلال الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق.