شهداء “موقعة الجمل”.. هكذا تصدى الإخوان لبلطجية مبارك

- ‎فيغير مصنف

 

في مثل هذه الأيام قبل 10 سنوات، ارتقى عدد كبير من الشهداء دفاعا عن ميدان التحرير رمز الثورة، وضمن الذين ارتقوا فداء للوطن في أرض الميدان برصاص قناصة الداخلية والبلطجية أحصت جماعة الإخوان المسلمين نحو 35 شهيدا من رجالها، أو المحبين لها، غداة يومي 3 و4 فبراير الشهير بموقعة الجمل، ومنهم الشهيد عبدالكريم أحمد رجب وعمرو محمد غريب وعلي حسن زهران وآخرين، في رد على رسائل التشكيك التي روجت لها أجهزة الدولة العميقة وبعض المتطرفين العلمانيين.
واستشهد علي حسن زهران عصر الخميس 3 فبراير 2011 في موقعة الجمل، وكانت مهمته في ميدان التحرير حمل المصابين منذ 25 يناير 2011، من الميدان إلي القصر العيني، ولمحه أحد القناصة فقتله قنصا من رأسه فصلى عليه في ميدان التحرير مليون مصري. وزهران استشهد وعمره 32 عاما وهو محامي وصاحب محلات الحوت للمحمول وعمل محامي حر من محافظة المنيا وكان يقيم بالقاهرة. وكان يوم استشهاده هو يوم زفافه بحسب خطيبته التي لم تفارق الميدان وشقيقها الذي لزم الشهيد قبالة البلطجية في ميدان عبدالمنعم رياض.


كريم بنونة

المهندس كريم محمد محمد عبد السلام بنونة، متخصص بهندسة الحواسيب، وهو أب لطفلين عمر ومريم، من أسرة ميسورة الحال، شارك فى المظاهرات منذ انطلاقها يوم الثلاثاء ٢٥ يناير، كغيره من المعارضين للنظام، والمطالبين بإسقاطه، وعندما وصل إلى الميدان قرر ألا يتركه حتى تحقيق مطالب المتظاهرين، كان يمضى كل ليلة فى التحرير، تاركا طفليه فى منزل أسرته.
وفي 2 فبراير 2011 (ليلة موقعة الجمل) فى الميدان وسط المعتصمين، وطبع منشورات ووزعها على المتظاهرين، دعا فيها إلى السلمية وعدم استخدام العنف، أو رد اعتداء المؤيدين للنظام بالاعتداء، والاكتفاء بمنعهم من الدخول إلى الميدان فقط، لم تر عينه النوم حتى أيقظه صديقه ياسر ليصليا سويا صلاة الفجر، جلسا سويا وتناولا الإفطار ثم انطلقا فى الميدان يوزعان التمر على المعتصمين حتى تجددت الاشتباكات مرة ثانية، وقف كريم فى الصفوف الأمامية يدافع عن الميدان وبجانبه صديق عمره ياسر، انطلقت رصاصة طائشة تجاهه واستقرت فى صدره، ليسقط شهيدا. لم يكن كريم ناشطا سياسيا، إنما هو مواطن عادي، خرج بحثا عن الحرية، خرج يبحث عن مستقبل جديد لأبنائه يضمن حياة كريمة دون إهانة أو تعذيب فى أقسام الشرطة أو فساد حكومى أو تزوير انتخابات، كما تقول أرملته، التي كانت تنتظر كل يوم مكالمته في المساء يحكى لى فيها عن تفاصيل المظاهرات وكيف قضى ليلته، وما هتفه وما حمله من لافتات.
قال والده عنه في حوار أجراه بعد استشهاده أن "كريم لم يكن اسمه فقط، لكنه كان خلقه كريم بالفعل، فلم يكن يبخل على أحد بأي شيء حتى حينما كان صغيرا وفي صباه، كان إن كانت معه لعبة يهبها لصديقه إن وجد منه رغبة فيها". أرملته سارة إبراهيم يسرى قالت: "تزوجته كما يقولون من «غرفة الصالون». وبعد الارتباط شعرت بمدى حب الله بأن الرزق كان الزوج الحنون الهادئ الطبع الخلوق. كان متدينا متسامحا يحب الآخر ووصفه زملاؤه بأنه عنده سلام نفسي. كان أصغر إخوته وأقربهم الى والده الذى وصفه بأنه توأم روحه، كان يعتمد على نفسه فكان يعمل أثناء دراسته، تقدم كريم لخطبة سارة وعمره 23 سنة وقدم لها شبكة اشتراها من ماله الخاص كما ساهم فى تجهيز المنزل وتأثيثه. كان إيجابيا فى تصرفاته يرفض النقد لمجرد النقد ولكنه كان يقدم النصيحة للمخطئ، ولم يكن يحب إثارة القضايا الخلافية فى أى مجلس، وإنما يحاول التوفيق بين الآراء المختلفة ويقرب وجهات النظر.
يوم وفاته كتب على الفيس بوك: "فحتى حين تكون القيامة بعد لحظة، حين تنقطع الحياة الدنيا كلها حتى عندئذ لا يكف الناس عن العمل وعن التطلع للمستقبل. ومن كان فى يده فسيلة فليغرسها". يوم 2 فبراير وقبل وفاته بساعات، مر فى المساء بعد صلاة العشاء على والده ليسلم عليه وصعد إلى زوجته وقرأ معها القرآن. تم تغيير اسم شارع 9 فى المقطم إلى اسم الشهيد كريم بنونة.


عبد الكريم رجب
روى الدكتور صفوت حجازي كثيرا عن عبد الكريم أحمد رجب حاتم، وأنه ليلة موقعة الجمل، 2 فبراير 2011، كان يجلس بجواره على إحدى بوابات التأمين بميدان التحرير، وسأل عبدالكريم رفيقه السؤال التالي: تُري يا دكتور إن متُ اليوم أكون شهيدا؟
وذكره "حجازي" بحديث الرسول عن أن «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»، انتهى الحديث القصير، وما إن اعتدل عبد الكريم في وقفته حتى أصابته رصاصة قاتلة.

ولد عبدالكريم أحمد رجب، في 26 مارس 1987، وكان عمره ليلة قتله في موقعة الجمل 24 عامًا. وتخرج من كلية العلوم جامعة الأزهر، وكان أحد شباب الإخوان المسلمين بقرية الصنافين التابعة لمركز منيا القمح محافظة الشرقية، ينتمي لأسرة بسيطة مكونة من 6 أبناء (4 ذكور و2 بنات) وهو الابن الثالث بها. شارك عبد الكريم في ثورة 25 يناير كالآلاف من الشباب المصري، وأثناء وجوده بميدان التحرير بدأت الأخبار تتواتر عن عن هجوم بلطجية الحزب الوطني والأمن من جهة عبد المنعم رياض، فانضم إلى الصفوف الأولى ورابط ليلته – ليلة الأربعاء – وأصيب بطلق ناري في الرأس من أحد القناصة، ففارق الحياة.
كتب في وصيته التي كتبها قبل نزوله ميدان التحرير، ووجدت في جيبه ما يلي: "أوصى أن تكثروا من الصدقات عليّ، وأن تتقبلوا خبر استشهادي إن أكرمني الله بها بكل فرحة، وأن تجعلوها دعوة للناس للتضحية، من أجل هذا الدين العظيم ومن هذا أجل الوطن الغالي. وأطلب من الجميع أن يسامحني وإن أخطأت في حقه عمدا أو بغير عمد، كما أطلب من والدي ووالدتي أن يدعوا لي أن يتقبلني الله من الشهداء، وأن يسامحوني إن خرجت دون إذن منهم، ولكن دين الله والوطن أغلى من كل شيء، فخير الجهاد هي كلمة حق عند سلطان جائر ورجل قام إلى حاكم ظالم فنهاه فقتله".
يشار إلى أن محكمة جنايات القاهرة أصدرت حكما ببراءة جميع المتهمين في موقعة الجمل في يوم الأربعاء الموافق 10 أكتوبر 2012، أي بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على الموقعة.
ومن الأسماء الأخرى من الشهداء "محمد أحمد جمال الدين محمد السيد"، 31 عاما، ومهنته مشرف عمال بشركة مقاولات، والشهيد أحمد سعد أحمد محمد، 22 عاما، ومحمود ماهر، طبيب، ووائل سعد سلامة خضر، 27 عاما، وعمرو محمد غريب محمد، خريج حقوق عين شمس، 25 عاما، ويحيي زكريا محمد الجزار، مدرس رياضيات، 23 عاما، وأمير مجدي عبده رفاعي، محاسب، 24 عاما، وطه محمد كامل محمود، موظف بالمعاش، 57 عاما، ومحمد فريد محمود أنور حمدان، عامل بناء – دبلوم تجارة، 32 عاما، وناصر الدين السيد عويس، بكالوريوس علوم الأزهر، 33 عاما، وسامح علي جمال علي محمود عفاالله، شيف – بكالوريوس سياحة وفنادق، 24 عاما، وأحمد خليل محمد محمد، عامل بكافيتريا، 15 عاما.