يسير تشويه القاهرة الكبرى على قدم وساق، ولا يمر يوم إلا وتنتشر أخبار عن هدم أشجار معمرة هنا أو إزالة حي تاريخي هناك أو محو مقابر عتيقة من الوجود، فضلا عن تشريد المئات من المواطنين عن منازلهم ونفيهم إلى مساكن في الصحراء. وحملة إنشاءات غير مسبوقة لكباري ومحاور وطرق لم تخضع لأي دراسة جدوى وتتم عكس رغبات المستفيدين منها على طول الخط.
وخلال الأيام الأخيرة فقط تقافزت أخبار إزالة أشجار منطقة العجوزة التي يزيد عمرها عن 100 عام، وزالة صف كامل من عمارات مناطق خاتم المرسلين وترسا بالجيزة، وردم نفق العروبة، وتدمير شارع الأهرام بمصر الجديدة، وكوبري الزازيليت الذي تم التراجع عنه بعد حملة هجوم ضده، بالإضافة إلى هدم حي في منطقة القلعة، وتدمير منطقة السيدة عائشة بالقاهرة، ومقابر السيوطي والقرافات الشرقية والجنوبية للقاهرة التاريخية، وكلها مناطق مسجلة كتراث عالمي.

ودفع تكرار التشويه إلى تساؤلات عن مصلحة الهيئة الهندسية المنفذة لمشاريع السيسي في تشويه معالم القاهرة وتكدير سكانها.
يقول المهندس أحمد علي حسن: "..هناك جهة ما "غالبا الهيئة الهندسية" تقوم بإعادة تخطيط طرق ومسارات المدينة العريقة القاهرة.. والتى ظلت هي العاصمة التنفيذية كمقر للحكم ودواوينه.. بخلاف كونها العاصمة الثقافية ليس لمصر وحدها ولكن للشرق كله لقرون وقرون.. إن أبسط حقوق سكان القاهرة أن يتم إستطلاع رأيهم فى ذلك "التطوير" الذي أتى على الأخضر واليابس وشوه العديد من المعالم التى انطبعت فى أذهان الملايين كجزء من الذاكرة البصرية للمدينة التاريخية العريقة، وهناك قسم متخصص فى كليات الهندسة للطرق بخلاف أقسام التخطيط العمراني، بل وهناك كلية متخصصة للتخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، فهل تم عرض تلك المخططات على إحداها وإستطلاع الرأي العلمي والفنى لأساتذتها المتخصصين؟
وتساءل مجددا: "هل تمتلك تلك الجهة التي تصمم وتقرر وتنفذ مخططا شاملا لما يتم تنفيذه من توسعات للطرق لم تترك مجالا لعبور المشاه ومن إضافة عشرات الكبارى .. أم أن الأمور تسير بشكل عشوائى " حط كوبرى هنا .. وسع الشارع ده .. وإنزع تلك الأشحار .. دمر تلك الحديقة .. شيل الرصيف ده .. هد الكام بيت دول" .. مما أدى لتشويه أحياء كاملة وإقتلاع آلاف الأشجار وبعضها معمر لا يمكن تعويضه … وإذا كانت تلك الجهة تمتلك مثل تلك المخططات .. فلماذا لا يتم نشرها حتى يعرف سكان القاهرة ومرتادوها نهاية ذلك العبث الذى يقومون به والذي يكلف ميزانية الدولة في نفس الوقت أموالا طائلة !!؟

شكاوى دون نتيجة
وتقدم أكثر من 1500 من السكان، من خلال توقيعات مبادرة تراث مصر الجديدة، بشكاوى اعتراضا على تنفيذ تعديلات مصر الجديدة بسبب أضرار الكباري بالقيمة التاريخية للحي الذي شهدت شوارعه الكثير من التعديلات أثرت على شكله التاريخي، فضلا عن إيذئه للمواطنين؛ حيث زادت التعديلات من سرعة السيارات في المنطقة السكنية، وصعبت من المشي، وزادت من وفيات وإصابات الطرق. إلى جانب الإضرار بالقيمة التراثية للحي المسجل كمنطقة ذات طابع تراثي. وقبلها شملت التعديلات إزالة ترام مصر الجديدة، أقدم وسيلة مواصلات في الحي.
