لم يكن 7 مارس 2015 فقط ذكرى إعدام الثائر البريء محمود رمضان، المحاسب الذي كان يقيم في الإسكندرية، بل كان أول شخص معتقل يعدمه الطاغية عبدالفتاح السيسي ، رئيس عصابة الانقلاب، ووزير داخليته، من بين السجناء الذين صدرت بحقهم أحكام جائرة بالإعدام في محاكمات سياسية افتقرت لأدني معايير العدالة والنزاهة.
وفي أعقاب تنفيذ الإعدام الجائر في رمضان، تتابعت الإعدامات الكثيرة حتى وصلت إلى نحو 45 معتقلا، بخلاف الآلاف الذين قتلوا في المذابح الجماعة أو تحت التعذيب أو بالإهمال الطبي في السجون أو بالاغتيال خارج إطار القانون. ففي مارس جرى إعدام محمود رمضان، وفي مايو 2015 إعدام 6 بقضية عرب شركس، وفي ديسمبر 2016 إعدام عادل إبراهيم حبارة، ثم في ديسمبر2017، إعدام 15 مواطنا بقضية شمال سيناء، وفي يناير 2018 أعدم 4 بقضية إستاد كفر الشيخ، ثم في يونيو 2018 أعدم عبدالرحمن الجبرتي، وفي 2019 جرى أعدام الشباب التسعة بقضية النائب العام الملفقة لهم.
الإعلامي هيثم أبوخليل قال: "في مثل هذا الوقت منذ ٤ سنوات بدأت عملية إعدام الشهيد البريء محمود رمضان في سجن برج العرب في قضية خزان سيدي جابر! للأسف الصمت علي هذه الجريمة فتح الباب بعد ذلك لإعدام "٥١" بريء تباعا!…".
وقبل 6 سنوات من هذا اليوم، توسع الانقلاب في قتل أنصار الشرعية إما أثناء فض الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات والوقفات، المناهضة للانقلاب العسكري، أو جراء تعذيب المعتقلين، أو بمسلسل الاغتيالات -المعروفة باسم التصفية الجسدية، حيث تصادف في اليوم نفسه قتل سيد شعراوي بتصفيته في بيته وأمام أطفاله بأحد ضواحي الجيزة، من قبل داخلية السيسي ووزيره مجدي عبدالغفار، الذي توسع لاحقا في القتل بالإهمال الطبي والمنع من العلاج وهو ما بدأ بالشهيدين الدكتور طارق الغندور والدكتور فريد إسماعيل، في مايو 2015م.
أدلة البراءة
قتل السيسي الشاب محمود حسن رمضان عبدالنبي نجم شنقًا مع سبق الإصرار والترصد، بعد ثبوت برائته بأدلة واضحة ولكن تجاهلتها المحكمة. لين محمد زوجة محمود رمضان المنفذ فيه حكم الإعدام أكدت لـ"الاناضول" أن زوجها كان "ضحية لأكبر عملية تضليل إعلامي في تاريخ البلاد". فالمحاسب "رمضان" هو أحد أنصار الرئيس محمد مرسي، وأنه بحسب زوجته "لم يكن يوما بلطجيا، وكان الجميع يشهد بأخلاقه". قائلة: "إحنا مش بلطجية؛ فمحمود محاسب في شركه بترول، ووالده مهندس، وأنا طبيبة، والاعترافات التي أذاعتها الداخلية له كانت تحت التهديد".
وأوضحت أن زوجها المتهم زورا بقتل الأطفال، لديه طفلان، وأن "إعلام الانقلاب كان في بداية الترويج لفكرة الإرهاب وتثبيتها، وكان محمود هو ضحية الإعلام خاصة أنه ملتحي".
وعن تفاصيل الحدث، قالت: "محمود نزل مظاهرة ضد الانقلاب الذي أطاح بالدكتور مرسي، وكان هناك بلطجية أعلى العقار في منطقة سيدي جابر في الإسكندرية يلقون كسر سيراميك ودبش على المتظاهرين، وكان معهم خرطوش". وأضافت: "طلع محمود ومجموعة من المتظاهرين لكف أذاهم أعلى بناية، وهناك حدثت المشاجرة بين البلطجية أعلى خزان". وأشارت إلى أن "الطفل الذي توفي في أوراق القضية، لم يَثبت أنه توفي جراء الإلقاء من أعلى البناية".
https://youtu.be/0RveV_M0qkE
جهود وردود
ردود الأفعال على مقتل "رمضان" توالت من رموز أفرادا وجماعات رافضة للمنهج الانقلابي الممعن في دمويته، وقال د. محمد الصغير إن قيام العسكر بمجزرة رابعة أوصل نبأ الثورة إلى كل مكان وجعلها رمزا لكل الثوار واﻷحرار.. كذلك إعدام محمود رمضان كان نقطة فاصلة في مسيرة النضال".
أما الدكتور عمرو دراج فقال إن سلطات الانقلاب أعدمت رمضان بعد الرسالة العاجلة التي وجهتها المفوضية الأفريقية إلى عبد الفتاح السيسي"، والمؤرخة في 26 فبراير 2015 تطالبه فيها بتعليق الحكم الصادر بإعدام محمود رمضان". واعتبر أن إعدام "رمضان" وقتها مثل تحديا من الانقلاب للاتحاد الأفريقي، وانتهاكا للقانون الدولي.
وتحت هاشتاج #لا_لتنفيذ_الاعدامات، أعربت جماعة الإخوان المسلمين عن تنديدها بإعدام الثائر محمود رمضان، على أيدي الانقلاب. وحاولت جماعة الإخوان المسلمين مع محامين دوليين بارزين منع حكومة الانقلاب من تنفيذ أحكام الإعدام.
وقدمت الجماعة في أبريل 2014 أوراقا قانونية للمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وطالبتها بالتدخل ووقف تنفيذ أحكام الإعدام، وكانت قضية محمود من ضمن الأوراق القانونية المقدمة، حيث تم قبول الأوراق من المفوضية الأفريقية القضية في 24 إبريل 2014 وكتبت لعبد الفتاح السيسي رسالة تحدثت فيها عن إجراءات مؤقتة، وأمرته تعليق أحكام الإعدام فوريا والتحقيق بالإجراءات القانونية غير العادلة التي أدت لإصدار أحكام بالإعدام على مئات المعتقلين.
واعتبرت جماعة الإخوان الإجراءات القانونية التي تدعيها السلطة في الطلب مهزلة، وصدرت الأحكام في أقل من ساعات وبدون أدلة قدمت تدين المتهمين، وتم تجاهل محامي الدفع وصدرت الإدانة بشكل فوري على كامل المتهمين، وكأنما لم يتم اتخاذ إجراءات قانونية بالكامل.
إدانة أممية
وواجهت سلطات الانقلاب انتقادات دولية لإصدارها أحكاما جماعية على مئات السجناء بعد سلسلة من المحاكم الجماعية التي اعتبرت دون المعايير الدولية المقبولة، ووصفت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي المحاكم بأنها " فاجرة وتسخر من العدالة". وأدانت فرض عقوبة إعدام صادمة على 683 فرداً في مصر بعد محاكمات جماعية، وقالت إن "فرض عقوبة إعدام جماعية في مصر أمر مشين بعد محاكمات صورية متسرّعة"، معتبرة أنها "خرق واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان".
ويعد "محمود رمضان" أول شخص معتقل تعدمه سلطات الانقلاب العسكري في مصر من بين مئات المعتقلين الذين صدرت عليهم أحكام ــ سياسية وعاجلة ــ بالإعدام، ولكن الحقوقية سلمى أشرف قالت في اليوم نفسه: "تواصلنا مع الأمم المتحدة بخصوص " محمود رمضان " وخذلتنا للأسف وما لقيناش أي رد منهم!