في ظل عجز السيسى.. هل تحولت مفاوضات سد النهضة إلى هدف؟

- ‎فيأخبار

 

 

يبدو أن نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي لا يسعى لحل أزمة سد النهضة والحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل، وإنما كل هدفه الـ”شو اعلامى” والزعم بأنه يعمل من أجل وقف المطامع الإثيوبية فى مياه النيل، والإعلان أن حقوق مصر فى النيل خط أحمر دون أى تهديد باستخدام القوة أو توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة. ذلك أن هذا النظام هو نفسه من وقع على اتفاق المبادئ بالخرطوم في مارس 2015م، وهو الاتفاق الذي شرعن عمليات بناء السد؛ لأنه قبل هذا التاريخ كان عملا غير مشروع ويخالف القانون الدولي للأنهار. وفي ظل الأزمة الراهنة تتمسك أديس أبابا بهذا الاتفاق باعتباره صك اعتراف مصري بكل ما تقوم به من إجراءات تعصف بكل الحقوق المصرية في حصة مصر من مياه النيل الأزرق.
معنى ذلك أن إثيوبيا نجحت في خداع نظام الانقلاب أكثر من مرة، كانت المرة الأولى فى العام 2015 حينما وقع السيسي مع الرئيس السودانى السابق عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق مريام ديسالين على ما عرف باتفاق المبادئ والذى منح أديس أبابا شرعية إنشاء السد والحصول على دعم وتمويل دولى، ولا تزال إثيوبيا تمارس خداعها وتعنتها وتستنزف الوقت والجهد حتى إتمام بناء السد وتشغيله؛ وبالتالى فرض سياسة الأمر الواقع على دولتى المصب.
كانت مفاوضات الأيام الثلاثة، بخصوص سد النهضة قد بدأت أمس الأحد 4 إبريل في كينشاسا، بقيادة الكونغو الديمقراطية الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، ومشاركة رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، ووزراء الدول الثلاث ” مصر والسودان وإثيوبيا”، فى ظل صعوبة بالغة لتحقيق نتائج محددة وحاسمة تقضي على سياسة المراوغة وإضاعة الوقت من جانب إثيوبيا، والرغبة في الملء الثاني بإرادتها المنفردة، وتأكيد رئيسة إثيوبيا على الملء فى تصريحات صحفية أول أمس.
فى المقابل قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن إثيوبيا تتعنت وتتعمد استنزاف الجهود والوقت حتى الانتهاء من بناء وتشغيل سد النهضة وفرض الأمر الواقع على دولتى المصب. وحذر علام فى تصريحات صحفية، من أن الملء الثاني لسد النهضة من قبل إثيوبيا يعتبر خرقا لاتفاق المبادئ. كما حذر من مخاطر كثيرة ستنتج عن الملء الثانى لخزانات سد النهضة دون اتفاق، ومنها أن 87% من تدفق نهر النيل يأتي من إثيوبيا، وإن لم يتم مراعاة ذلك في التشغيل قد يتسبب فى أضرار كثيرة في السودان، وأيضا في الحصة المائية لدولتي مصر والسودان.
وأشار علام إلى أن اثيوبيا في أسوأ حالاتها الداخلية، رغم أنها أكثر عنادا مع دولتي مصر والسودان مطالبا باستغلال هذه الأوضاع والضغط على إثيوبيا حتى ترضخ وتوقع على اتفاق إدارة سد النهضة وتشغيله مع مصر والسودان متوقعا فشل أى مفاوضات جديدة تدعو إليها إثيوبيا. وطالب بضرورة التلويح باستخدام القوة من جانب مصر والسودان حتى تخضع إثيوبيا وتضطر إلى قبول التوقيع على اتفاق ملزم لإدارة سد النهضة وتشغيله.

مراوغة إثيوبية
وشدد الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية بجامعة الخليج بالبحرين، على ضرورة أن يكون هناك تنسيق مصري سوداني لمواجهة تحديات ومخاطر سد النهضة. وقال الصادق فى تصريحات صحفية، إن هذا التنسيق قد يؤدي إلى تغيير موقف إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة أو عدم القيام بإجراءات أحادية الجانب، تؤدى إلى التخزين الثاني في الوقت الحالي دون اتفاق مع دولتى المصب.
وأشار إلى أن التنسيق بين مصر والسودان قد يحول دون إقدام أديس أبابا على فرض سياسة الأمر الواقع والاقدام على جولة التخزين الثاني لسد النهضة دون اتفاق، مشيدا بالاقتراح السوداني بتشكيل لجنة دولية رباعية كوسيط في المفاوضات. وأكد الصادق أن إثيوبيا تسعى إلى بداية الملء والتشغيل يوليو المقبل رغم عدم الاتفاق، محذرا من أن المراوغة الإثيوبية مستمرة حتى مع الدعوة لعودة مفاوضات سد النهضة، رغم أنه من المفترض أن تكون على أساس اتفاق واشنطن، وفى ذات الوقت إثيوبيا تؤكد بدء الجولة الثانية لملء السد فى شهر يوليو المقبل دون الالتفات إلى اعتراضات دولتى المصب.
وأكد الدكتور حمدى عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية، أن تصرفات إثيوبيا تخالف كل الاتفاقيات الدولية وحتى اتفاق المبادئ الذى وقعه قائد الانقلاب الدموى عبدالفتاح السيسي فى الخرطوم عام 2015 لا تلتزم به. وقال عبدالرحمن فى تصريحات صحفية، إنه بعد سنوات عجاف من المفاوضات الثلاثية والتي شهدت تدخل أطراف دولية وإقليمية بما في ذلك الاتحاد الإفريقي لم يتم التوصل إلى اتفاق، مؤكدا أن أثيوبيا تضرب بالالتزامات الثنائية والإقليمية والدولية عرض الحائط، وتمضي في خطط بناء السد حسب الجدول الزمني المقرر بمساعدة أطراف دولية مهمة مثل الصين وغيرها.
وأشار إلى أن القضايا الحاسمة المتمثلة في قواعد ملء وتشغيل السد والتخفيف من حدة الجفاف والجفاف الممتد والطابع الملزم للاتفاق وآلية فض المنازعات المستقبلية دون حل حتى الآن. وأوضح عبدالرحمن أن الإصرار الإثيوبي على التصرف الأحادي يخالف المادة الخامسة من اتفاق المبادىء الخاصة بقواعد الملء والتشغيل، مشيرًا إلى أن أثيوبيا استغلت موسم الأمطار لبدء ملء الخزان – الملء الأول – رغم أن كمية المياه التي تم حجزها هي 4.9 مليار متر مكعب بهدف اختبار توربينين فقط، وهي كمية غير مؤثرة، لكن مع ذلك بمثل إصرار إثيوبيا على المضي قدما في اتخاذ إجراء أحادي دون التوصل إلى اتفاق، وهو نفس المسلك الذى ستتبعه فى الملء الثانى يوليو المقبل كما أعلنت.