أيام صعبة على الأسرة العربية في رمضان

- ‎فيمقالات

تقف معظم الأسر العربية هذه الأيام عاجزة عن تلبية احتياجات ذويها الأساسية، حتى من أبسط الحقوق وهي حق الغذاء وتناول طعام كافٍ وصحي، أو حق التداوي والعلاج، أو حق السكن.

ففي مثل هذه الأيام من كل عام ومع دخول شهر رمضان الكريم كانت تلك الأسر تعاني من أزمة واحدة هي ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء الأسعار، بما فيها أسعار السلع الغذائية واحتياجات ومستلزمات الشهر من مواد استهلاكية وتمور وغيرها.

أما هذا العام فإن معظم الأسر لا تعاني فقط من مشكلة الغلاء المزمنة، بل تعاني من أزمات معيشية عدة فرضتها الحالة الصحية والاقتصادية القائمة والمعقدة.

رمضان هذا العام هو الأصعب على الأسرة العربية، فهناك ما يشبه الاختفاء لموائد الرحمن التي يلتف حولها ملايين الفقراء، إما بسبب تفشي وكورونا، أو بسبب ضعف التبرعات

ففي ظل تفشي جائحة كورونا، شهدت معظم الأسواق العربية حالة ركود وكساد حادة لا تخطئهما عين المستهلك والتاجر والصانع معاً، مع تدهور جنوني في أسعار العملات الوطنية كما هو الحال في اليمن ولبنان وسورية والسودان، وإلى حد ما في ليبيا والعراق والجزائر وتونس.

وبسبب هذا التدهور في قيمة العملات الوطنية حدثت موجات من تضخم الأسعار، بما فيها السلع الأساسية، خاصة وأن تلك الدول تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج وبالنقد الأجنبي.

وصاحب غلاء الأسعار تراجع إيرادات معظم الدول العربية من النقد الأجنبي، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم والفساد والاحتكار، وتراجع فرص العمل المتاحة، خاصة في قطاعات خدمية تستوعب ملايين العمال مثل السياحة والبناء والتشييد والتجارة.

كذلك عاد عشرات الآلاف من المغتربين إلى أوطانهم، خاصة العاملين في منطقة الخليج، مع تبني دول المنطقة سياسة التقشف عقب تهاوي أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا وتعرض معظم الأنشطة الاقتصادية لضغوط وخسائر ضخمة.

وفي ظل هذه الأجواء تراجع مستوى الدخول والأجور، وتآكلت القدرة الشرائية للمواطن، وهددت حكومات بخفض رواتب موظفيها، في حين لوحت أخرى بعدم وجود موارد كافية لسداد تلك الرواتب.

وفرضت حكومات حالة من التقشف الشديد وترشيد النفقات، في حين واصلت حكومات أخرى مسلسل رفع الضرائب والرسوم وخفض الدعم المقدم للسلع الغذائية وزيادة فواتير الكهرباء والمياه والوقود والمواصلات العامة وأسعار السلع الأساسية.

لقد طاول الهم معظم الأسر العربية، وبات حال الأسرة في اليمن الفقير والذي تحول إلى ساحة حرب منذ سنوات لا يختلف كثيراً هذه الأيام عن حال الأسرة في العراق التي تعوم على بحار من النفط.

كما بات المواطن في السودان الذي يشهد أعلى معدلات التضخم في العالم، لا يختلف كثيرا عن شقيقه الجزائري الذي يواجه ظروفا معيشية صعبة رغم أن الدولة تعد واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في المنطقة، وكانت تمتلك قبل سنوات.

أما حال المواطن في مصر والسودان وتونس فلا يختلف كثيرا عن حال شقيقه في المغرب والأردن وغيرها من دول المنطقة.

ربما يزداد الوضع سوءاً لدى ملايين الأسر التي تقطن دولاً تشهد حروباً وقلاقل أو اضطرابات أمنية وسياسية مثل اليمن وسورية وليبيا.

لكن رمضان هذا العام هو الأصعب على الأسرة العربية، فهناك ما يشبه الاختفاء لموائد الرحمن التي يلتف حولها ملايين الفقراء، إما بسبب تفشي وباء كورونا، أو بسبب ضعف تبرعات رجال الأعمال والقطاع الخاص وميسوري الحال.

والجمعيات الخيرية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني باتت تشكو من ضعف التبرعات بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الاقتصادات العربية، وتأثيرات جائحة كورونا على الأنشطة الاقتصادية وفرص العمل المتاحة والدخول.