تهريب المخدرات عبر بوابة سيناء بتوطؤ من الجيش والشرطة

- ‎فيأخبار

أكد تقرير إعلامي أن زراعة المخدرات في مناطق سيطرة المجموعات القبلبة المساندة للجيش والشرطة في شمال ووسط سيناء تتم بشكل شبه علني دون خوف؛ استغلالاً لعدم تحرك الجيش في تلك المناطق، وكذلك تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش". ويشير التقرير إلى أن ضبط عمليات تهريب المخدرات من سيناء إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بات خبرا روتينيا على وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة؛ نتيجة تصاعد عمليات التهريب المتبادلة بين الجهتين في ظل مرور مرسم حصاد المخدرات في شبه جزيرة سيناء حاليا. بينما تنجح عشرات عمليات التهريب على الحدود، لعدة أسباب متعلقة بطريقة التهريب وخبرة المهربين، وأحياناً تواطؤ موظفين رسميين في كلا الجانبين نتيجة علاقات المهربين بهم.
وتؤكد مصادر قبلية ــ وفقا للتقرير الذي نشرته صحيفة "العربي الجديد" اللندنية ــ أن المهربين عاودوا نشاطهم خلال الشهر الماضي، نتيجة حصد زراعة المخدرات المسماة بـ"الهيدرو". وأضافت أن هناك حركة نشطة لعمليات التهريب من مناطق وسط سيناء، التابعة لمحافظة شمال سيناء، باتجاه مناطق الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال مجموعات بدوية تعمل على نقل المخدرات والأموال والمتسللين الراغبين في العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأشارت إلى أن عمليات التهريب تخضع لملاحقة من طرفين في الجانب المصري، هما قوات الجيش وحرس الحدود، بالإضافة إلى مجموعات تنظيم "ولاية سيناء"، إلا أن جزءاً من هؤلاء المهربين يتعاونون مع الجيش المصري في مواجهة التنظيم، وهذا من شأنه أن يساعدهم في التحرك بين كمائن الجيش المنتشرة في غالبية مناطق شمال ووسط سيناء، دون الدخول في إجراءات التفتيش والتدقيق، التي يعيشها سكان المحافظة بشكل يومي، في حين أن تنظيم "داعش" يلاحق المهربين ليس لعملهم في هذا المجال، بل بناءً على تعاونهم مع الجيش.
وتعقيباً على ذلك، قال الشيخ إبراهيم المنيعي، أحد أبرز مشايخ سيناء،إن العلاقة التي تربط المهربين ببعض العاملين في الجانب المصري ليست جديدة، بل على مدار العقود الماضية كان المهربون ينسجون علاقات مع هؤلاء العاملين في مناطق التهريب، بهدف تسهيل عملهم. وأوضح أنه منذ العام 2013 تم تغيير غالبية العاملين في مناطق شمال ووسط سيناء، وحتى الضباط أو المجندين، إذ كان من المحظور لدى قيادة الجيش نسج العلاقات مع المهربين، واعتبارهم مطلوبين للعدالة والقانون، نظراً إلى أفعالهم الإجرامية، ومع مرور السنوات أعيد بناء هذه العلاقات مع بعض العاملين الجدد، ولكن في ظروف أفضل.
ولفت المنيعي إلى أن التهريب في سيناء لا يتوقف منذ عقود، باعتبارها منطقة حدودية، إلا أن معدلات التهريب تتفاوت بين الفترة والأخرى، نتيجة الظروف المحيطة، خصوصاً الاستنفار الأمني في الجانبين المصري والإسرائيلي، أو وفقاً للأحوال الجوية. وأشار إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، أضيف عامل تنظيم "داعش"، الذي بات يعد جزءاً مهماً في المعادلة بسيناء. مع الإشارة إلى أن القوات المصرية لا تملك القدرات التكنولوجية الكافية في ملاحقة المهربين في المنطقة الحدودية كما هو الحال في الجانب الإسرائيلي من الحدود، وهذا ما يؤدي إلى وقوع اشتباكات مباشرة بين المهربين والقوات المسلحة المصرية على الحدود، بخلاف القوات الإسرائيلية التي تسيطر على المخدرات والمهربين والمركبات المستخدمة، من دون أي إطلاق نار، ما يقلل من الفعالية المصرية في مجابهة المهربين خوفاً من تعرضهم للأذى، إذ إنه في حالات كثيرة ينسحب المهربون من المنطقة دون القدرة على الإمساك بأحدهم، وهذا ما تثبته بيانات الأمن والجيش.
في المقابل، كانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد نشرت تقريرا تؤكد فيه أن المخابرات الصهيونية شاركت في تهريب المخدرات لبلدان عربية بهدف إفسادها، وكانت عمليات التهريب تتم عبر بدو من صحراء النقب الفلسطينية أو عبر زوارق بحرية إلى غزة والعريش. وكانت تحقيقات إعلامية قد كشفت عن تورط قيادات كبرى بوزارة الداخلية المصرية في تهريب المخدرات بمكتب القاهرة وقسم الأميرية، لكن جرى التستر على القيادات الكبرى المتورطة ونسف الأدلة التي تثبت تورطهم وتقديم عدد من أمناء الشرطة.
وبحسب مراقبين فإن الأسماء التي ترد بتحقيقات الشرطة والنيابة في قضايا تهريب المخدرات هم مجرد كباش يمكن التضحية بهم إذا كانت الفضيحة ستطول المسئولين الحقيقيين عن تلك التجارة. فتجارة المخدرات في مصر تبدأ بكبار قادة الجيش خاصة المسئولين عن الحدود مروروا بقيادات الشرطة حتى تصل الى وكلاء التوزيع الذين يطلق عليهم كبار تجار المخدرات وهؤلاء لهم صبية يمثلون شبكات توزيع في جميع أنحاء الجمهورية.

وخلال سنوات حسني مبارك صارت مصر مركزا مهما من مراكز الإمارات (المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني) لاستهلاك المخدرات والتي تحقق مكاسب تتعدي عشرات المليارات من الجنيهات سنويا، الجزء الأكبر من تلك الأموال يبقى تحت تصرف تلك الأجهزة المخابراتية لتمويل نشاطاتها السرية خارج المساءلة القانونية داخل بلدانها. في منتصف الثمانينات وفي فترة حكم حسني مبارك تم الاطاحة بوزير الداخلية أحمد رشدي عندما ظن الرجل أن من يقوم على تلك التجارة هم مجرد مجموعات خارجة عن القانون وأنه يمكنه القضاء عليهم ولم يدرك الرجل أن من يدير تلك التجارة وأصحاب البضاعة هم قادة الجيش وأن من كان يظنهم تجار خارجين على القانون هم مجرد وكلاء توزيع ليس إلا.

تدمير المصريين بالمخدرات
وبحسب إحصاءات رسمية فإن ٢٨٪ من المصريين مدخنين، هذه المعلومة الصادمة أعلنتها وزيرة التضامن الاجتماعى بحكومة الانقلاب نيفين القباج يوم ١٦ فبراير 2021م، خلال العرض الذى قدمته أمام الطاغية عبدالفتاح السيسى أثناء افتتاح المجمع الطبى بالإسماعيلية. وفى التفاصيل أعلنت الوزيرة نتائج المسح القومى الشامل للتدخين وتعاطى المخدرات. وقالت إن عينة الدراسة، التى شملت كل محافظات الجمهورية، تكونت من ٣٠ ألف أسرة فى الشريحة العمرية من ١٢ ــ ٦٠ عاما، وبلغت نسبة المدخنين ٢٧٫٩٪، فى حين بلغت نسبة تعاطى المخدرات ٥٫٩٪ والإدمان ٢٪.
من البيانات المهمة التى أعلنتها الوزيرة، أن محافظة المنيا تحتل المركز الأول فى التدخين بنسبة ٥١٪، يعنى أكثر من نصف سكانها، تليها سوهاج ٤٧٪، والبحر الأحمر ٣٩٪ والإسماعيلية ٣٣٪. فى حين احتلت محافظة البحر الأحمر القمة فى تعاطى الكحوليات بنسبة ٥٫٤٪ ثم الشرقية، وربما سبب ذلك يرجع لزيادة نسبة السائحين الأجانب. وفى تعاطى المواد المخدرة جاءت سوهاج أولا بنسبة ١٢٫٢٪، وبعدها القليوبية والشرقية والمنيا والبحر الأحمر وأسوان.
ويشكك محللون في الأرقام حيث يرى الكاتب الصحفي الموالي للانقلاب عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة الشروق، أن عدد المدخنين والمدمنين ربما يكون أكبر من المُعلن فى الدراسة، لأن بعض المصريين سينكر أنه مدخن، والأكثر احتمالا إنكاره أنه مدمن للمخدرات أو الكحول. معترفا أنه فى كل الأحوال هى نتائج مفزعة، ويجب أن تقرع لنا جميعا كل أجراس الإنذار الممكنة. لأنها ببساطة سوف تلتهم وتدمر أى جهود تحققها الحكومة والدولة والمجتمع فى عملية البناء والتنمية.
ويضيف الكاتب الانقلابي :«حينما يكون ٢٨٪ من أفراد المجتمع مدخنين، فالمعنى الواضح أن الأسر والحكومة والمجتمع بأكمله، قد فشلوا فشلا ذريعا فى مواجهة هذه الكارثة القومية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. أُحمل الأسر المسئولية الأولى فى عدم تربية أولادهم بصورة صحيحة، وبعدها المدرسة؛ حيث انشغل غالبية المعلمين بدروس السناتر، أو البحث عن تحسين ظروف حياتهم الصعبة. والجانب الجوهرى هو تراجع منظومة القيم بصورة مريعة خصوصا قيم العيب واحترام الكبير والخجل وتحمل المسئولية، بحيث وصل عدد المدخنين ليقترب من ثلث المجتمع بأكمله». ويتابع "أتمنى أن يتم بحث الموضوع بصورة عاجلة، للوصول إلى حلول عملية، تجعلنا نوقف هذا «الانتحار القومى»!. مضيفا "لا نريد تطبيق تجربة الفلبين التى تقتل سلطاتها سرا تجار المخدرات فى الشوارع من دون محاكمة، لكن على الأقل أن تكون حكومتنا حازمة بصورة رادعة مع تجار وموزعى ومتعاطى المخدرات، وكذلك إنهاء خدمة أى موظف يرفض الإقلاع عن الإدمان، وأن يتم التضييق على المدخنين بكل الوسائل الممكنة، من أول زيادة أسعار السجائر، نهاية بتجريم التدخين فى المنشآت العامة والمغلقة والمواصلات، حتى يشعر المدخن أنه محاصر ومنبوذ، وأن الأكرم والأشرف له أن يتوقف فورا".