خبير: تحلية مياه البحر مستحيلة في مصر وأثرها البيئي كارثي

- ‎فيأخبار

قال الخبير في تحلية مياه البحر المهندس فريدي داود إنه لا حل إلا في الحفاظ على مياه النيل ولا تنازل مهما كان الثمن، وبنى تأكيده على أن تحلية مياه البحر (Sea water desalination ) ليست حلا مقبولا لتعويض نقص مياه النيل للزراعة. 

وتحت عنوان "تحلية مياه البحر – الواقع و الخيال العلمى (2)" تداول ناشطون ما كتبه "داود" عبر "فيسبوك" أوضح خلاله أنه بحكم عمله سنوات فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر فى البحر الأحمر وفي الخليج العربي مرت عليه تصميمات محطات تحلية لا حصر لها ويمكنه القول إنه يعرف مكوناتها معرفة تامة.

تكلفة باهظة
وأشار إلى أنه بالنسبة للوضع في مصر فإن تحلية مياه البحر مكلفة للغاية، حتى للمياه الأقل ملوحة وهي مياه البحر المتوسط، فضلا عن مياه البحر الأحمر الأعلى ملوحة حيث سيتطلب تمرير مياه البحر من الأغشية الأوسموزية على ضغط عال يوازي 60 ضغط جوى يماثل عمود مياه ارتفاعه 600 متر تقريبا.
وأضاف أن تكلفة ضغط المياه لهذا المستوى من الضغوط مهولة من ناحية التكلفة المادية واستهلاك الطاقة الكهربائية.
وللتقريب أبان أن عمود المياه أمام توربينات السد العالي هو تقريبا 100 متر فقط أي عشرة ضغط جوي. لافتا إلى أن تكاليف إنشاء المحطة نفسها كبيرة جدا، حيث إن تكلفة المحطات التي تنتج 5 مليار متر مكعب، لا تقل عن 65 مليار دولار تقريبا وتكاليف تشغيلها، تعادل تكاليف إنشاء المحطة من 3 إلى 5 سنوات.

معضلة الأغشية
وكشف "داود" أن ربع تكلفة المحطة هي تكلفة الأغشية الأوسموزية التي يجب استبدالها كل 3 سنوات بأخرى جديدة تماما ولا يمكن تجديد الأغشية القديمة نهائيا أو صيانتها بأية صورة. ووصل إلى أنه بعد حساب فائدة رأس المال وقطع الغيار والصيانة واستهلاك الطاقة وفي النهاية لا تقل تكلفة تحلية المياه للمتر المكعب عن دولار و نصف لكل متر مكعب (هذا رقم متحفظ) يعني 25 جنيها لكل متر مكعب، أضف إلى ذلك أن هذا مرتبط بسعر الدولار فإذا ارتفع الدولار ارتفعت التكلفة .
وعن سبب ذلك أشار إلى أن معظم المكونات من الأغشية الأوسموزية والطلمبات والحساسات عالية التقنية جدا ومن الصعب تصنيعها في مصر بسعر معقول، وحاجة المحطات إلى هذه الأغشية المستوردة يجعل البلد تحت رحمة الدول المنتجة.
معضلة استنزاف الطاقة
واشار فريدي داود إلى أن المعوق الاساسي لعملية تحلية مياه البحر على نطاق واسع هو استهلاكها الشره للطاقة.
وأوضح ان استهلاك الطاقة فقط لتحلية كل متر مكعب من مياه البحر هو 6 و نص كيلووات ساعة. مبينا أن تكلفة الكهرباء فقط 10-15 جنيه لكل متر بخلاف تكاليف الاغشية الأوسموزية -التي تتغير كل 3 سنوات- وتكاليف الفلاتر المبدئية والثانوية وتكاليف كيماويات ما قبل الاغشية، علاوة على تكاليف قطع الغيار للمحطة نفسها كالطلمبات وغيرها .
وأشار إلى أن استخدام محطات التحلية فى الزراعة يتطلب تحلية كميات تتخطى 20 مليار متر مكعب سنويا، موضحا حاجة محطات التحلية لكمية 20 مليار مثلا سوف يلزمها 15000 ميجاوات!
وللتبسيط ضرب مثالا بمحطة توليد كهرباء السد العالي قدرتها 1600 ميجاوات (يعنى محتاج عشر أضعاف قدرة محطة السد العالى)، ومحطات توليد الكهربا الغازية المستوردة من شركة سيمنز تنتج 6000 ميجاوات و تكلفت 6 مليار يورو .

للشرب لا الزراعة
واستبعد استطاعة مصر تحمل هذه التكلفة قائلا: "كل هذا يجعل تحلية مياه البحر كحل للزراعة هو رواية لهواة الخيال العلمي، ولا تصلح مياه التحلية بهذه التكاليف إلا للشرب والنظافة والطهي للفنادق و ليس للزراعة نهائيا.
وأضاف أن أكبر لدليل على صحة ما يقول أن الدول الخليجية مثل السعودية و الكويت و الإمارات لا تزرع الصحراء رغم أنها تمتلك المال والطاقة أكثر من أي بلد آخر؛ بل تقوم كل شركاتها الزراعية بالزراعة إما في إثيوبيا أو توشكي أو السودان للهروب من عملية تحلية مياه البحر المكلفة.

الأثر البيئي
وعن الأثر البيئي لتحلية 20 مليار متر سنويا قال: "هو كارثى بمعنى الكلمة" وأضاف أن كمية الوقود "الأحفوري" المطلوب لتوليد كهرباء تعادل عشرة أضعاف قدرة السد العالي، وكمية المركز الملحي Brine التي تبلغ ملوحتها 60 ألف جزء في المليون وهي ثلاثة أضعاف كمية المياه العذبة المنتجة والتى تؤثر على الاحياء البحرية والثروة السمكية.