تغلغل إماراتي وانهيار للصناعة المصرية.. “دبي” تعرض شراء “جهينة” وخبراء يكشفون توابع الصفقة

- ‎فيتقارير

العسكر يكتب نهاية قصة حزينة لمشروع مصرى ضخم كان محلا للفخر، حيث بدأت تسريبات إعلامية باعتزام الشركة القابضة أبوظبي “ADQ” الاستحواذ على حصة في شركة جهينة للصناعات الغذائية، وذلك في إطار سعي صندوق الثروة السيادي في أبوظبي إلى المزيد من الصفقات في مصر.

وبعد المزيد من الضغوط، تراجعت أسهم جهينة 29% في تعاملات البورصة المصرية هذا العام، مما منح الشركة قيمة سوقية تبلغ 4 مليارات جنيه، وفقًا لبلومبرج. يذكر أن “جهينة” تأسست في عام 1983 من قِبل صفوان ثابت، وتصنع الشركة أكثر من 200 منتج، وتوظف أكثر من 4000 شخص، وفقاً لموقعها على الإنترنت.

تدمير واعتقال

وتضرر سعر سهم “جهينة” منذ أواخر 2020، بعد أن تم اعتقال صفوان ثابت وابنه سيف الدين، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة، من قبل سلطات الانقلاب في مصر.

وعقب ذلك أعلنت شركة جهينة تعيين الشيخ محمد الدغيم السعودي رئيسا لمجلس الإدارة، ممثلا عن شركة فرعون للاستثمار المحدودة التي تستحوذ على 50.7% من أسهم الشركة، عقب احتجاز صفوان ثابت رئيس مجلس الإدارة السابق.

كان محمد الدغيم رئيس مجلس الإدارة الجديد يتقلد منصب عضو مجلس الإدارة غير التنفيذي بالشركة منذ عام 1983، وهو عضو في مجلس الأعمال المصري السعودي وعضو الغرفة التجارية بمحافظة الدوادمي بالسعودية.

ووفقا لموقع جهينة الإلكتروني، ساهم الدغيم في تطوير منظومة العمل بالأجهزة الحكومية والوزارات السعودية من خلال توليه العديد من المناصب الإدارية والإشرافية في عدد من الوزارات الهامة ومنها وزارة المالية بالدمام، ووزارة النقل ووزارة الشئون الإسلامية والأوقاف بالرياض. كما اكتسب الدغيم خبرة مميزة أثناء عمله بوزارة المياه والكهرباء في الرياض حيث تدرج بين عدة مناصب أبرزها المراقب المالي والمدير المالي ومدير الموازنة.

مزيد من الهيمنة

خبراء ماليون أكداو أن سعى الإمارات عبر شركاتها يؤكد أنها تضع مصر تحت أنيابها وتحاول بكل قوة الهيمنة الاقتصادية عليها. واشترت في مارس الماضي، شركة أدوية مصرية من شركة “بوش هيلث” (Bausch Health) مقابل 740 مليون دولار.

وتواصل الإمارات سلسلة من الهيمنة العلنية والخفية، الأمر الذى حول مصر إلى إمارة عربية تابعة لآل زايد وآل نهيان. حيث دخلت الإمارات سوق الاتصالات المصرية من خلال جهاز تنظيم الاتصالات بالحصول على رخصة الجيل الرابع للمحمول. وتعمل في مصر ثلاث شركات لخدمات الهاتف المحمول هي فودافون مصر التابعة لفودافون العالمية وأورانج مصر التابعة لأورانج الفرنسية واتصالات مصر التابعة لاتصالات الإماراتية.

من المنتظر أن تدفع الإمارات نحو 5 مليارات جنيه نظير رخصة الجيل الرابع، في حين ستدفع أورانج 3.5 مليار جنيه ونفس القيمة لفودافون، على أن يكون 50 بالمئة من قيمة الرخصة بالدولار لأي من الشركات.

التهام القطاع التعليمى

في نفس الشأن، دخلت الإمارات حيز الاحتكار والاستحوذ على قطاع التعليم العالى والتدريجى؛ إذ تعتزم شركة "أفريكا كريست للتعليم" القابضة استثمار 900 مليون جنيه في مصر هذا العام لإنشاء مدرستين، وفق ما قاله المستشار المالي للشركة مصطفى الشبيني لجريدة المال. وتقع المدرستان في العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع البروج التابع لمجموعة كابيتال جروب في شرق القاهرة. وحصلت الشركة التي تتخذ من دبي مقرا لها، على التراخيص اللازمة، وستبدأ في الأعمال الإنشائية الشهر المقبل، وتخطط لبدء استقبال الطلاب بحلول العام الدراسي الجديد.

وتعد أفريكا كريست شركة مشتركة بين كل من شبكة سابيس التعليمية (الرائدة في استثمارات التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وشركة سينتم إنفتسمنت التابعة للحكومة الكينية، وشركة إنفست بريدج للاستثمار البديل في دبي، وشركة دبي للاستثمارات.

كيف اشترت الإمارات مصر؟

تحت هذا العنوان، كشف تقرير بصحيفة هآرتس العبرية، عن خطط أبو ظبي لوضع يدها على النظام التعليمي فى مصر، عبر احتكارها التعليم الخاص وتحديد مناهجه، ما يمكنها من تحديد هوية النخبة المصرية. وتناول زيفي باريل، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مسألة التأثير الإماراتي على تشكيل الجيل القادم من المصريين من خلال المناهج المدرسية. ويرى أن أبوظبي قد تكون قادرة على تشكيل نخبة مصرية جديدة من خلال المدارس.

أبوظبي تنظر إلى المدارس الخاصة في مصر كجزء من استثماراتها المربحة. ينتقل المحلل فى الصحيفة العبرية بقوله فى عام 2018، حين بدأت “جيمس للتعليم”، أكبر شركة استشارات وإدارة تعليمية خاصة في العالم، الانخراط في الأعمال التجارية داخل مصر بالشراكة مع شركة “هيرميس” المصرية.

بعد ذلك بعامين، في أبريل 2020، أعلنت الشركة أنها تعتزم استثمار 300 مليون دولار في بناء 30 مدرسة خاصة على مدى عامين، بطاقة استيعابية تتراوح بين 25 إلى 30 ألف طالب. وتقدم الشركة خدمات إضافية مثل: الزي المدرسي، والوجبات الغذائية، وتدريب المعلمين.

ومع أن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، الذي نشر البيانات، يشير إلى أن عدد المدارس الخاصة التي تنوي الإمارات الاستثمار فيها صغير نسبيا .إلا أن المركز حذر أيضا من أن مثل هذا الاستثمار الضخم في مثل هذا العدد الصغير من المدارس يمكن أن يخلق نخبة تعليمية من أجل الربح، مما قد يضر بالنظام المدرسي الحكومي والبنية الاجتماعية في مصر، خاصة عند مقارنته باستثمار الحكومة في التعليم.

ليس هذا فقط، بل أن المقارنات التي تستند إلى العدد الإجمالي للمدارس الخاصة المصرية تشوه الصورة الحقيقية، على حد وصف زيفي باريل؛ لأن عدد المدارس التي ترعاها الإمارات ينبغي مقارنته بإجمالي عدد المدارس الخاصة الدولية، الذي يبلغ 217 مدرسة. هذا يعني أن الـ30 مدرسة التي تستثمر فيها الإمارات تشكل حوالي 14% من إجمالي المدارس الخاصة الدولية في مصر.

قطاع النقل

وتباعاً للهيمنة، قالت شركة مواصلات مصر التي تستحوذ مجموعة الإمارات الوطنية على 70% من رأسمالها إنها تستثمر مليار جنيه في مشروع للنقل الجماعي الذكي داخل محافظات القاهرة الكبرى. ارتفاع الاستثمارات الإماراتية بمصر إلى 6.2 مليار دولار. وأضافت الشركة في بيان أنها بدأت المرحلة الأولى من مشروعها في مصر في أول يوليو من خلال 180 حافلة.

وقالت مواصلات مصر إن مشروعها المكيف يتضمن أول منظومة إلكترونية لإصدار التذاكر الذكية في البلاد إلى جانب شبكة للإنترنت المجاني وكاميرات للمراقبة.

القطاع الطبي

سبق وأن أعلنت مجموعة "مستشفيات كليوباترا" توقيع اتفاق للاندماج مع مجموعة "ألاميدا الإماراتية" بمصر في واحدة من أكبر صفقات المجال الصحي في إفريقيا والشرق الأوسط. ونقلت وكالة "بلومبيرج" عن مصادر مطلعة أن "كليوباترا" تخطط لتمويل عملية الشراء جزئيا عن طريق إصدار أسهم قابلة للتحويل إلى المساهم المسيطر في "ألاميدا"، مضيفة أن الصفقة قد تقدر قيمة مجموعة ألاميدا بنحو 500 مليون دولار بما في ذلك الديون.

وزاد الأمر من الهيمنة، إذ أعلنت شركة "القابضة – "ADQ الإماراتية، توقيع اتفاقية نهائية للاستحواذ على شركة "آمون للصناعات الدوائية" (آمون) من شركة "باوش للصحة" الكندية، في صفقة بلغت قيمتها حوالي 740 مليون دولار أمريكي.

وتملك شركة القابضة محفظة واسعة من الشركات الكبرى العاملة في قطاعات رئيسية ضمن اقتصاد إمارة أبوظبي المتنوع.وتعد آمون إحدى الشركات المصرية الرائدة في مجال تصنيع وتوزيع وتصدير الأدوية البشرية والبيطرية ذات العلامات التجارية. وفي بيان لباوش الكندية للصحة، كشفت الشركة عن قيمة الصفقة قائلة إنها تمت بإجمالي يبلغ حوالي 740 مليون دولار أمريكي.