عبث الاستثمار العسكري: تصدير فائض الإسمنت دون سعر التكلفة!

- ‎فيأخبار

في نموذج صارخ لفشل العقلية العسكرية عن إدارة الاستثمارات والصناعات في مصر، وبما يؤكد للجميع كما سبق وأن أكدّ رجل الأعمال وأكبر مستثمري مصر نجيب ساويرس في تدوينات سابقة، "بأن العقلية العسكرية لا تصلح للاستثمار أو العمل إلا بالعسكرية فقط "،وكشف أحدث تقرير صادر عن المجلس التصديري لمواد البناء أن متوسط سعر الطن المُصدّر من الإسمنت في الفترة الأخيرة يتراوح ما بين 34 إلى 37 دولاراً، وهو ‏أقل من سعر تكلفته، وبرر التقرير ذلك بأنه يهدف إلى التخلص من ‏الراكد قبل انتهاء صلاحيته.‏
ويعود سبب الركود في الإسمنت إلى قرارات السيسي وعساكره العبثية بوقف تراخيص البناء ، لمدد تتراوح لنحو عام، في رغبة جامحة من السيسي لمعاقبة المقاولين، وأصحاب المشاريع العقارية الممتنعين عن التصالح في مخالفات البناء، وكذا تصريف ما لدى الجيش من أعداد كبيرة راكدة من الشقق والعقارات التي أُنشأت خلال السنوات الأخيرة، والتي تُباع بأسعار تبدأ من 600 ألف جنيه، في مناطق صحراوية بعيدة، سبق وأن كرر السيسي أكثر من مرة استعداد الدولة بيع الشقق لمن يطلبها لكن بسعرها، متجاهلا الأسعار الكبيرة التي حددها، وضعف القدرة الشرائية للمصريين الذين يعانون الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وتدني الدخل.
والغريب أن السيسي الذي أغلق المصانع الحكومية والقومية للإسمنت بداعي تحقيقها خسائر، توسع جيشه وعساكره في إنشاء مصانع إنتاج الإسمنت في سيناء وبني سويف وغيرها، بجانب احتكاره المحاجر والمناطق الصحراوية لخدمة مصانعه، التي توسعت في الإنتاج، في وقت تعاني البلاد من انكماش قطاع العقارات، وتوقف حركة البناء ، بجانب الأسواق العالمية التي تعاني بدورها من تراجع الطلب بفعل أزمات كورونا، والأزمات الاقتصادية العالمية.
وبحسب تصريحت صحفية لمحمد صالح، الخبير التسويقي في مبيعات الإسمنت "فقد زادت صادرات قطاع الإسمنت المصري 135% في الثلث الأول من العام الحالي، مسجلة 98 مليون دولار ‏بين يناير وإبريل ، صعودا من 42 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام ‌‏2020، ‏حسبما كشف أحدث تقرير صادر عن المجلس التصديري لمواد البناء. و‏زادت الكميات المُصدّرة، وخاصة في الأسواق الإقليمية المجاورة ‏كالسودان وليبيا، إضافة إلى أسواق غزة مع البدء في مشاريع إعادة ‏الإعمار.‏
إلا أن حدوث انتعاش في سوق التصدير ‏لا يعني أن هناك مردوداً إيجابياً كقيمة شرائية للشركات، بل العكس، إذ أن متوسط سعر الطن المُصدّر يتراوح ما بين 34 إلى 37 دولاراً، وهو ‏أقل من سعر تكلفته، لافتا إلى أن الهدف من التصدير هو التخلص من ‏الراكد قبل انتهاء صلاحيته".‏
غشم عسكري بالاقتصاد
وارتفعت الطاقة الإنتاجية لشركات الإسمنت ‏في مصر إلى 85 مليون طن ‏في السنة، بعد افتتاح مصنع إسمنت سوهاج مؤخرا-وهو مصنع أنشأه الجيش-، في الوقت الذي بلغت ‏فيه معدلات ‏الاستهلاك في 2020 نحو47 مليون طن، وهو ما يعني أن ‏هناك فائضا ‏عن حاجة السوق يقدر بـ38 مليون طن.‏
وتجاوزت خسائر 5 شركات إسمنت مُسجلَّة في البورصة ‏ملياري جنيه خلال عام 2020، بينما حققت شركتان فقط ‏أرباحا ناهزت 110 ‏مليون جنيه، من أصل 19 شركة تنتج ‏الإسمنت في مصر.‏
يشار إلى أنه في عام 2016 رخّصت هيئة التنمية الصناعية ‏لثلاث ‏شركات جديدة، رغم وجود فائض عن حاجة السوق يُقدر ‏حينها بحوالي ‌‏18 مليون طن، وفي عام 2018، دخل مصنع بني ‏سويف التابع للجيش ‏دائرة الإنتاج بطاقة تقدر بـ13مليون طن ‏سنوياً، بجانب مصنع سوهاج الذي اُفتتح في مايو الماضي،
وحذرت شعبة الإسمنت في "اتحاد الصناعات " من أن ‏تأزم ‏الوضع الراهن ‏دون تدخل الحكومة سيدفع بالمزيد من ‏خروج ‏الاستثمارات من ‏هذه القطاع".‏
وأكدت في بيان سابق أن أحد الأسباب الرئيسية ‏لتفاقم الأزمة في ‏الوقت ‏الراهن، هو زيادة الكميات المُنتجَة عن ‏حاجة السوق بحوالى 40 ‏مليون ‏طن سنويا، بسبب السماح ‏بالترخيص لإنشاء شركات جديدة ‏دون دراسة ‏جدوى واقعية ‏للأسواق خلال الخمس سنوات الماضية.‏
الحدود الإنتاجية القصوى

وتدرس الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة، ‏مع ‏القائمين على صناعة الإسمنت، مقترحا ‏حكوميا ‏بضرورة وضع حد أقصى ‏للطاقة الإنتاجية لا يتعدى 65% من ‏الكميات المُصرح ‏بها طبقا للسجل الصناعي لكل مصنع، وهو ‏ما يعني ‏توقف ‏حوالي 16 خط إنتاج من إجمالي 47 خطا، وتشريد ‏حوالى ‌‏15 ‏ألف عامل، إذ أن حجم العمالة في شركات الإسمنت ‏يصل ‏إلى 50 ألف عامل، طبقا لبيانات شعبة الإسمنت في اتحاد ‏الصناعات نهاية 2018.‏
يُشار إلى أن قائمة الدول التي يصدر إليها الإسمنت المصري، هي: ليبيا ، بقيمة 21.9 مليون دولار، مقابل ‌‏11.3 مليون دولار العام الماضي، ثم كينيا، فالسودان التي ارتفعت قيمة ‏صادراتها من 3.3 ملايين دولار في 2020 إلى 12.2 مليون دولار في ‌‏2021 بنسبة زيادة 244%.‏
ويقدم نموذج الإسمنت وأزمته مثالا لاقتصاد الجيش وعنجهيته ،وعدم رشادة القرار الاقتصادي والاداي، وهو ما ينسحب بدوره على باقي القطاعات،

 كما يجري في الصحة والتعليم والأدوية وغيرها…وهو ما يُحوّل مصر لدولة فاشلة، بعد سيطرة الجيش على أكثر من 60% من اقتصاد مصر ، وفق تقديرات مركز كارينجي لدراسةالسياسات..