تبرئة الفاسدين بإهدار مليارات الجنيهات بـ”أرض العياط” في الذكرى الثانية لقتل الرئيس مرسي!

- ‎فيتقارير

في 7 يونيو الجاري أيدت محكمة النقض، براءة وزير الري الأسبق محمد نصر علام من تهمة تسهيل الاستيلاء على أراض بمنطقة العياط، وإهدار 37 مليار جنيه على الدولة، بعد أن رفضت طعن النيابة على حكم البراءة.
كانت محكمة الجنايات قضت ببراءته في سبتمبر 2018، لكن النيابة طعنت على حكم البراءة ،وقضت النقض بتأييد البراءة.
جاء في أمر إحالة النيابة لمحكمة الجنايات، أن وزير الري الأسبق محمد نصر الدين علام بصفته موظفا عموميا، حاول أن يحصل لغيره بدون وجه حق على ربح من أعمال وظيفته، باستغلال اختصاصه الوظيفي لتحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي والإنتاج الحيواني والداجني، (الخاصة بالمتهم الثاني عضو مجلس الشعب بعهد مبارك، أحمد عبد السلام قورة، بمساحة 26 ألف فدان بمنطقة العياط، من نشاط استصلاح زراعي إلى النشاط العمراني دون وجه حق، مما تسبب في إهدار 37 مليار جنيه، و126 مليون جنيه من المال العام، بعد سماح الأول بتحويل نشاط الأرض من زراعي إلى عمراني وبتداول القضية بمحكمة الجنايات أصدرت حكما بالمشدد 7 سنوات، فطعن دفاع وزير الري الأسبق على حكم الجنايات.
تحرك قانوني من الرئيس مرسي

ومن جملة الفساد الذي جرى التستر عليه في القضية أن الأرض طُرحت بسعر200 جنيه للفدان، وهو ما أهدر على مصر نحو 120 مليار جنيه وقتها، وهو ما لم يلتفت له الفاسدون من رجال مبارك ومن بعده السيسي.
أما الرئيس مرسي فقد بدأ منذ لحظات حكمه بالتحرك القانوني العاجل لاسترداد أموال مصر المنهوبة وثرواتها المهدرة، وأعلن إعادة المحاكمة لناهبي أراضي الدولة، بدءا من أرض العياط التي شارك النائب أحمد عبد السلام قورة ، نائب سوهاج، مع مجموعة الخرافي للاستمثار الكويتية ، ثم أراضي دريم التي نهبها أحمد بهجت صاحب قناة دريم، وأراضي الجونة وغيرها التي سيطرت عليها عائلة ساويرس ،وكان فرق الأسعار بها نحو 16 مليار جنيه كان مقررا أن يدفعها ساويرس ، الذي بدا تفاوضا مع وزير الاستثمار يحي حامد ، لتقسيط المبلغ، ثم سرعان ما ركب موجة الانقلاب ، مستسهلا دفع مليار للعسكر مساهمة في الانقلاب على الرئيس مرسي…
وأمام تصميم الرئيس مرسي على حماية حقوق مصر المُهدرة جرى الانقلاب العسكري وسجنه ، وقتله بالاهمال الطبي المُتعمد، لطي صفحة الديمقراطية في مصر.
والغريب أن يصدر حكم النقض بتبرئة متهمي أرض العياط في الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس مرسي، وهي رسالة واضحة لا يمكن تجاهلها..وهي أن الفساد متحكم وسيحكم ولا مكان للمصلحين في أتون السياسة والإدارة بمصر. 
عامان على قتل الرئيس 
واُستشهد الرئيس مرسي في قفص المحاكمة، في 17 يونيو 2019، أثناء دفاعه عن نفسه وطلبه المحاكمة السرية بحضور محاميه وشخصيات مسئولة بالدولة ووزير الدفاع؛ للكشف عن تفاصيل مخططات إجرامية تُدبر له ولمصر من قِبَلِ أطراف داخلية وخارجية، وهو ما كان قد عجل بقرار قتله المُهنْدَسُ طبيا على ما يبدو..
فيما ألمح خبراء مستقلون في الأمم المتحدة إلى" أن الظروف في السجون المصرية أدت بشكل مباشر إلى وفاة الرئيس محمد مرسي، في 17 يونيو 2019، وقال الخبراء المستقلون في بيان من جنيف "إن الدكتور مرسي كان رهن الاحتجاز في ظروف يمكن وصفها بالوحشية، خاصّة خلال الأعوام الخمسة التي قضاها في سجن طرة." وأشار الخبراء إلى "أن ما حدث لمرسي ربما يصل إلى حد اعتباره "قتلا تعسفيا بإقرار من الدولة."
وأضاف الخبراء بشأن الظروف التي كان الرئيس يعيشها في السجن قبل وفاته قائلين، "لقد تم احتجاز الدكتور مرسي في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة يوميا، ولم يُسمح له برؤية سجناء آخرين حتى في الساعة التي أُعطيت له لممارسة الرياضة، وكان يُجبر على النوم على أرضية صلبة، وأعطوه غطاء واحدا أو اثنين، ولم يُسمح له بالحصول على الكتب أو المجلات أو أي أدوات للكتابة، أو مذياع."
وكان الرئيس مصابا بداء السكري وارتفاع ضغط الدم، ورغم ذلك فقد كان ممنوعا من الحصول على الرعاية المنقذة للحياة، وترتب على ذلك إصابته بضعف النظر تدريجيا حتى فقد البصر بعينه اليسرى، وكثيرا ما أُصيب بغيبوبة السكري وفقدان الوعي، وإضافة إلى ذلك فقد عانى من تسوس في الأسنان والتهابات في اللثة".
وأوضح الخبراء" أنهم تواصلوا مع الحكومة المصرية رسميا لبحث الظروف اليومية الصعبة التي وُضع بها مرسي،
وقال خبراء الامم المتحدة، "لقد تم تحذير السلطات بشكل متكرر بأن ظروف احتجاز مرسي ستؤثر تدريجيا على صحته وربما ستؤدي إلى قتله، ولكن ليس ثمة أي دليل على أن السلطات قامت بفعل أي شيء للتطرق إلى هذه الشواغل، على الرغم من أن الآثار كانت واضحة للعيان". 

فساد للركب بعهد مبارك وطرمخة من السيسي
قضية “أرض العياط” وهي أرض مساحتها الإجمالية 42 ألف فدان منحت الحكومة المصرية للشركة المصرية الكويتية 26 ألف فدان فقط بأسعار بخسة 200جنيه للفدان بغرض استصلاحها ،بينما استولت الشركة على مساحة

16 ألف فدانا أخرى، لكن الشركة طرحتها لاحقا للاستثمار العقاري، وعقب الثورة وُجهت الشركة والحكومة بقضايا لمراجعة تلك العقود ؛وصولا لمطالبة الوزارات والهيئات التابعة لها هذه الأراضي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة باستردادها.
وهذه القضية بُذلت فيها جهود من قِبَلِ قوى الحراك للضغط على الحكومة والأجهزة الرقابية انتهت إلى تحقيقات ممتدة في القضية منذ 2011 وصولا لتقديرات لجان حكومية بأن أيّة تسوية مع الشركة يجب أن تتضمن دفع الشركة لمبلغ 42 مليار جنيه ،في الوقت الذي عرضت فيه الشركة دفع 24 مليار جنيه فقط مقابل التسوية، ومن ناحية أخرى خلص تقرير هيئة قضايا الدولة، الذي أعدته لجنة من الخبراء والمستشارين بالهيئة برئاسة المستشار صالح عبد السلام محمد، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة إلى ارتكاب الشركة مخالفات، وأوصى بفسخ عقد البيع الابتدائي المَحرَر للشركة المصرية الكويتية بمساحة ستة وعشرين ألف فدان بصحراء العياط بالجيزة، واستردادها وفقا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية وقفا لتعدى الشركة على المساحة الزائدة على ستة وعشرين ألف فدان، واسترداد هذه المساحة.
وكان من نتيجة ضغوط هذه القوى سواء عبر التظاهرات،أو القضايا التي رُفعت أمام المحاكم المختلفة ،أو عبر وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية، أنْ أُجبرت السلطة التنفيذية في العام الأول للثورة للدخول في تسويات أكثر عدالة في هذه التخصيصات، وأُجبر العديد من المستثمرين إما على التنازل عن أجزاء مُعتبرة من الأراضي التي خُصصت لهم بالفساد، كما حدث في قضية أرض توشكى إذ تنازلت شركة المملكة القابضة عن 75 ألف فدان من إجمالي المساحة المُخصصة لها وهي 100 ألف فدان.
لكن يبدو أن حكومات ما بعد ترتيبات الثالث من يوليو 2013 سارت في اتجاه معاكس نحو المصالحات مع الفساد السابق والترتيب لفساد جديد، وفطنت إلى دور المجتمع المدني في تحدي سلطة وزرائها ومسئوليها في التعاقدات المباشرة، فقامت بتعديل التشريعات لتقصر الطعن على العقود لأطرافها فقط أي الحكومة والمستثمر ،كما هو الحال بالقانون رقم 32 لسنة 2014 الخاص بتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة الصادر عن رئيس الجمهورية السابق عدلي منصور، وهو المبدأ الذي تم نسخه في المادة 14 من قانون تطوير منظومة الاستثمار التي تنص على: “الأحقية لأطراف التعاقد دون غيرهم، الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات، ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات، والمؤسسات العامة، والشركات التي تمتلكها الدولة أو تُسهم فيها، أو الطعن بإلغاء القرارات ،أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادا لها”. وكأن الشعب المصري ليس طرفا في التعاقدات التي تبيع هذه المساحات الشاسعة من الأراضي لمستثمرين خليجيين لا يستطيع أي مصري أن يتملك فداناً واحداً في دولهم.
وأمام كم الفساد الكبير وتحصين نظام السيسي للعقود، والتعاقدات الفاسدة، تضيع سيادة مصر على قرارها الزراعي ،بل والسياسي في الكثير من القضايا الإقليمية محل تساؤل كبير، فهذه الدول بالإضافة لكونها أصبحت من أكبر المستثمرين في مصر، فإنها تستقبل العدد الأكبر من العمالة المصرية وتقدم الجانب الأكبر من القروض والديون لمصر، وإذا كانت تتملك مثل هذه المساحات الشاسعة دون قيود تحت ذريعة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر فهي تملك أدوات كثيرة للضغط على مصر في العديد من الملفات، ولا يُؤمن استعمالها لهذه الأدوات.

سيطرة الفاسدين

ومنذ الانقلاب العسكري سيطر الفاسدون القُدامى على معظم أراضي مصر الصحراوية ،والمجاورة للاحوزة العمرانية والزراعية والخضرية، فعاد ساويرس ليسيطر على أراضي الحدائق العامة في منطقة زايد بأكتوبر؛ ليحولها لمناطق أبراج واستثمار عقاري، كما تابع المصريون الطرمخة على فساد لواءات الرقابة الادارية ،والمخابرات في مناطق الحزام الأخضر على طريق مصر الأسكندرية الصحراوي.
ومن جانب ثاني، باتت الشركات السعودية الإماراتية المستحوذ الأكبر على الأراضي المصرية، وذلك مع ضعف الشفافية بل وانعدامها أحياناً ،فيما يدور حول عمليات تخصيص الأراضي والتعاقدات الحكومية مع الشركات الخليجية يصبح تتبع المساحات التي استحوذت عليها الشركات الخليجية في المشروعات الزراعية المصرية المختلفة صعبا ،إذ تدخل هذه الشركات في تحالفات مُعقدّة تارة تهرباً من الضرائب ،وتارات أخرى حتى لا تصبح هدفا لناشطي المجتمع المدني، ومناصري الحق في الأرض للسكان المحليين، ومع ذلك فإن المساحة الإجمالية التي تسيطر عليها شركات خليجية سعودية وإماراتية بالأساس في مصر تبلغ وفقا لموقع مصفوفة الأرض حوالي 182 ألف هكتار/ 450 ألف فدان من خلال 14 عملية استحواذ على الأراضي،وذلك وفق دراسة حديثة للمركز المصري الديمقراطي..
هذه المساحة تشكل 5% من المساحة الكلية المنزرعة في مصر، والتي تبلغ 8.9 مليون فدان، وهي أكبر من إجمالي المساحة المنزرعة في أكثر من محافظة مصرية زراعية ،ويقتات عليها ملايين المصريين.
ومن أبرز الشركات الخليجية التي باتت تحتل أراضي مصر الزراعية والعمرانية والصحراوية :
1-شركة جنان الإماراتية:
ولديها مشروعان ضخمان في مصر للاستحواذ على الأراضي أحدهما بمساحة 14000 هكتار قرابة 35000 فدان بشرق الع