ضحايا “رابعة العدوية”.. بين القتل الخشن والإعدامات والموت البطىء بالمؤبدات والتصفية الاقتصادية

- ‎فيتقارير

تُمثل قضية اعتصام رابعة العدوية وفضها من القضايا الغائرة في تاثيراتها النفسية والاجتماعية، بل والسياسية في التاريخ الحاضر ،بل والمستقبل المصري.
فما بين القتل الخشن خارج إطار القانون، في 14 اغسطس 2013، حيث أقدمت قوات أمن السيسي وجيشه على الفض الخشن للمشاركين بالاعتصام السلمي المُحصن قانونيا، استمر لشهور دون وقوع أية مخالفات أو ما يعكّر الصفو العام سوى من اعتداءات أمنية ،أو مرتزقة الأمن الذين كانوا يندسون وسط الثوار لتعكير صفو المشهد الحضاري، الذي سعى من خلاله قطاع عريض من الشعب المصري للتعبير عن غضبهم من إدخال الجيش في انقلاب عسكري مقيت على إرادة المصريين بقوة الدبابة والسلاح، ولم يكن الإخوان المسلمون ،أو الإسلاميون عامة يمثلون سوى النسبة الأقل من المعتصمين، حيث شارك قطاع كبير من المصريين ، من اتجاهات عدة عبروا عن رفضهم لانقلاب السيسي في 3 يوليو 2013…

القتل خارج إطار القانون

القتل الخشن خارج إطار القانون، والذي جاء بعيدا ومخالفا عن قرار النيابة العامة، والذي أكدت منظمة هيومن رايتس واتش أن النائب العام لم يُصدر قرارا بفض اعتصام رابعة العدوية ،وإنما أصدر قرارا بتكليف القوات بالتوجه إلى ميدان رابعة، والبحث عن الجرائم المُرتكبة ،والقبض على مرتكبيها؛ لأن الاعتصام كان مشروعا وسلميا.
ورغم ذلك جرى قتل أكثر من 3 آلاف شخص وفق تقديرات شهود العيان، إلا أن التقديرات التي اعتمدت على الوثائق الحكومية ذهبت إلى القول بقتل نحو 800 معتصم، فيما جرى دفن الكثير من الجثامين التي لم يتم التعرف على هويتهم في صحراء الهايكستب وشرق القاهرة.

القتل بالإعدامات المُسيسة

كما جرى اعتقال من نجا من القتل في الميدان ؛لضمهم لقضايا ملفقة جرى الانتقام منهم من خلال دوائر قضائية شُكلت خصيصا لمعاقبة الإخوان والمعارضين بالمخالفة للدستور، حيث كشف المستشار محمد عوض ، رئيس محكمة استئناف طنطا السابق:" أن الدستور نص على أن أي شخص لا يُحاكم إلا أمام قاضيه الطبيعي الذي تنتفي عنه صفة الاستثنائية ،أو يكون مختارا بصفة معينة لمحاكمة متهم معين".
وأضاف، في مداخلة لقناة "مكملين" :"أنه بعد مذبحة فض رابعة وغيرها من المذابح التي اُرتكبت بحق رافضي الانقلاب العسكري، جمع رئيس محكمة استئناف القاهرة رؤساء الدوائر الجنائية وسألهم "من يريد محاكمة الإخوان؟" ومن رفع يده جعله على رأس إحدى الدوائر المُسماة بدوائر الإرهاب، ولذلك فإن هذه الدوائر لا يديرها قضاة طبيعيون؛ لأنه تم تحديدهم بأسمائهم لمحاكمة رافضي الانقلاب".
وأوضح:" أن كل المحاكمات التي تمت لرافضي الانقلاب العسكري عقب الانقلاب باطلة بطلانا مطلقا، ومخالفة للدستور تماما، كما أن الأحكام الصادرة ضد رافضي الانقلاب العسكري شابها البطلان ،وخاصة أحكام الإعدام والمؤبدات ؛لأنها تعتمد بشكل أساسي على تحريات المباحث، في حين أن جميع أحكام النقض استقرت على أن تحريات المباحث قرينة لا ترقى لمرتبة الدليل وبذلك تكون أحكام دوائر الإرهاب باعتمادها على تحريات المباحث باطلة بطلانا مطلقا طبقا للقوانين".
وأشار إلى أن "القاضي لابد أن يُحيط إحاطة كاملة بظروف وملابسات الدعوى ،ومن الممكن أن يحكم القاضي على المتهم بالسجن 6 أشهر بدلا من أن يحكم عليه بالإعدام ،مثل من ضبط زوجته متلبسة بجريمة الزنا فقتلها وشريكها ،فيُعاقب بالحبس 6 أشهر، وبالتالي فإن ظروف وملابسات الدعوى قد يترتب عليها تغيير الحكم".
ولفت إلى أن "المادة 45 من قانون العقوبات الخاصة بالدفاع الشرعي تنص على أن من دافع عن نفسه أو غيره دفاعا شرعيا لا عقوبة عليه، وقد ارتكب وزير الدفاع في ذلك الوقت عبدالفتاح السيسي جريمة الانقلاب العسكري ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي وحكومته وضد الشعب المصري كله وهذه الجريمة عقوبتها الإعدام، لكن حكم محكمة النقض حول المجني عليهم إلى متهمين".

نار الإعدام بمصر
بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان، في تقريرها الصادر في الأول من الشهر الجاري، أن "مئات من المصريين أُدينوا منذ عام 2014 بالإعدام، والذي نُفذ أيضا في حق عشرات بعد محاكمات استندت إلى اعترافات اُنتزعت تحت التعذيب". وطالبت بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة، حتى درس إلغاء هذه العقوبة".
وباتت مصر في المركز الثالث عالمياً بين دول العالم على صعيد معدل تنفيذ حكم الإعدام خلال عام 2020، وفقا لتقرير أصدرته عن منظمة العفو الدولية، في 21 إبريل الماضي، وأكدت فيه زيادة عدد عمليات الإعدام عام 2020 بمعدل ثلاثة أضعاف، مع استئثار إيران ومصر والعراق والسعودية بنسبة 88 % منها، ما يعني أن أربعا من أصل الدول الخمس الأولى المُنفذة لأحكام الإعدام في العالم من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وحدد التقرير عدد حالات الإعدام في إيران بأكثر من 246، ومصر بأكثر من 107، والعراق بأكثر من 45، والسعودية بأكثر من 27 شخصا .