من القائل: لولا آل سعود لانهارت إسرائيل في أيام؟

- ‎فيتقارير

أثار قرار وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي عبد اللطيف آل الشيخ، بمنع استعمال مكبرات الصوت في المساجد سخطا كبيرا، مبررا ذلك من الأمور الحديثة والمستجدة ولا تعود إلى قرون سابقة، وللحد من الأضرار المترتبة على أصوات الآذان،
مؤكدا دعم الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان لأعمال الوزارة من أجل ما وصفه بـ "نشر الاعتدال والوسطية داخل المملكة وخارجها، وكبح جماح الإرهاب والتطرف؛ من خلال إصدار الأنظمة العادلة والمتابعة الدقيقة. والسؤال لماذا يهاجم آل سعود الإسلام ويتقربون لأعدائه خصوصا الصهاينة"!

هل تريدون أن تغادر؟ 
ودافع الرئيس السابق دونالد ترامب أثناء ولايته عن آل سعود في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي، مؤكدا أهمية التحالف مع المملكة بالنسبة لبلاده ولإسرائيل أيضا.
وقال ترامب للصحفيين عند تحدثه عن قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي: "إذا نظرتم إلى إسرائيل، فإن إسرائيل ستكون في ورطة كبيرة من دون السعودية. فماذا يعني ذلك؟ هل تعتزم المغادرة؟ هل تريدون أن تغادر إسرائيل المنطقة"؟
وأضاف: "لدينا حليف قوي جدا في المملكة العربية السعودية، لدينا حليف يؤكد على المستوى الأعلى، على لسان ولي العهد والملك، أنه لم يرتكب هذه الفظاعة".
وأشار ترامب إلى عدم رغبته في فقدان الحلفاء ومن بينهم السعودية قائلا: "إذا اتبعنا معايير معينة، فلن يكون لدينا حلفاء".
وخلص إلى أن :"بلاده ستُبقِي على علاقاتها مع السعودية كونها "حليفا رائعا في معركتنا المهمة جدا ضد إيران ،كما تنوي الولايات المتحدة أن تظل شريكا ثابتا للمملكة العربية السعودية؛ لضمان مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين في المنطقة".
علاقات لم تعد سرية

العلاقات لم تعد سرية بين الحكم في السعودية وبين الكيان الصهيوني، وهو عشق تُرجم إلى صفقات سلاح، ودعوة إلى لبناء قبة حديدية صهيونية في السعودية تمنع صواريخ الحوثيين على حد قول بعض المسؤولين السعوديين".
ومن صفحات التاريخ دعونا نربط الحاضر بالماضي في مجال كراهية آل سعود للمقاومة والشعب الفلسطيني، وبالمقابل حبهم الذي وصل إلى حد الإفراط في بعض الحقب التاريخية مثل حقبة فهد بن عبدالعزيز، والحقبة الراهنة التي يقودها محمد بن سلمان، وكل واحد منهما يدين بهذا العشق إلى الجد المؤسس "عبدالعزيز" والذي يقول تاريخه أنه :"قد ساهم في إجهاض العديد من الانتفاضات الفلسطينية خاصة ثورة 1936 وأنه كان دائما يُطيع الغرب (بريطانيا تارة والولايات المتحدة تارة أخرى) خدمة للمُخططات الصهيونية". ويحدثنا التاريخ أنه :"في مواجهة الثورات الفلسطينية كان موقف السعودية بين أمرين:
الأول: السكوت والتجاهل لما يجري، وذلك حينما كانت الغلبة للمحتل، وهذا ما حدث لانتفاضات 1929م، و 1933م، و 1935م.
الثاني: التدخل السريع لإطفاء الثورة، وذلك بعقد اللقاءات مع قادة الثورات وإرسال النداءات التي تحث على السكينة، بعدة ذرائع تشمل حقن الدماء والمحافظة على الوطن، ولا تكتفي السعودية بالعمل بنفسها، بل تشرك معها ملوك العرب وذلك لطمأنة الثائرين ،وأخذ قسط من المسؤولية في ما لو حدث خلاف ما يُتوقع.
وهذا فعلا ما حدث في ثورة عام 1936م حينما أرسل عبد العزيز نداءه الموقّع من ملوك العرب ، وخاطب الثائرين قائلا :"ندعوكم للإخلاد إلى السكينة ووقف الإضراب حقنا للدماء، معتمدين على الله وحُسن نوايا صديقتنا بريطانيا".

العشق المفرط
وعلى عكس ما تتداوله وسائل الإعلام، فإن العلاقات السعودية – الإسرائيلية عميقة الجذور، وقد ظلت خافية حتى ظهرت إلى العَلن خلال حرب الخليج الثانية ،وفي حروب داعش والربيع العربي. 
ويمكن القول إن :"أول لقاء سعودي – صهيوني يعود تاريخه إلى عام 1939 ، عندما عُقِدَ في لندن مؤتمر حول القضية الفلسطينية حضره الأمير فيصل الذي كان آنئذٍ وزيرا للخارجية ، إذ اجتمع الأمير السعودي عدة مرات مُنفردا بالوفد اليهودي في المؤتمر ، حيث كان الملك عبد العزيز يبذل قُصارى جهده لتوطيد علاقاته بالأمريكان".
وبمرور الوقت وعندما أصبحت القضية الفلسطينية أكثر التهابا، أفلح الأمريكان في إقناع الملك عبد العزيز بالتحايل اللفظي من أجل التخلّص من المسؤولية التاريخية، وذلك بإصدار بيان شديد اللهجة ضد اليهود ،ولكن من دون أي تعهد من جانبه بالعمل ضدهم، وقد ظهر ذلك بوضوح في حرب عام 1948".
واستمر هذا الموقف ليكون أساسا للسياسة السعودية حول القضية الفلسطينية: مجرد بيانات فارغة ومُسايرة للرأي العام العربي لكن من دون أي التزام، وهو عينه ما يفعله اليوم حكام المملكة مع كل إرهاب صهيوني جديد ضد الشعب الفلسطيني، إلا أن ما بات يُحرِج جيل الكبار في مملكة النفط هو اندفاعات محمد بن سلمان وتقاربه العلني والفج مع تل أبيب، وعدم مداراته لعشقه المفرط لإسرائيل مثلما كان يفعل أجداده وأعمامه.
الذين جمعتهم المصالح والعلاقات الوثيقة بإسرائيل، لكنهم تحايلوا على عملية إعلانها أمام الرأي العام العربي والإسلامي ؛حتى لا يفقدوا المكانة السياسية والروحية التي أعطتهم إياها سيطرتهم على الأماكن الحجازية المقدسة، من دون مُسوغ شرعي، والتي آن أوان انتزاع الأمة لهذا الإشراف وإعادته لها، إن جيل الأبناء بقيادة محمد بن سلمان فضح المستور من العلاقات الدافئة بين آل سعود وتل أبيب.
كما أن سيل الأخبار المتواترة عن لقاءات وصفقات تسليح وعلاقات اقتصادية وسياسية لن يتوقف ،وهو بمثابة قمة جبل الثلج في العشق الإستراتيجي بين الحليفين الأمريكيين الأهم في المنطقة.
واللذان تصادف أن الجغرافيا باتت تجمعهما بعد التاريخ السري، فتلك إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وتلك إسرائيل أخرى بحكم الدور والوظيفة في وسطها وجنوبها، والأيام المقبلة ستكشف عن مدى التحالف الإستراتيجي بين الشمال والجنوب الأمريكيين، في جزيرة العرب.