اعتبر خبراء أن خطوات الملء الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي بدأت فعليا وباتت إثيوبيا تعد السد لاستيعاب نحو 5.4 مليار متر مكعب من الماء بإضافة 1.1 مليار متر مكعب أخيرة، في وقت أصبحت حكومة الانقلاب عاجزة فيما تعلن إدارة البيت الأبيض أنها المسؤولة عن عدم عطش المصريين.
وحسب معلقين بات موضوع سد النهضة برمته مع السيد"جيفري فيلتمان"المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، وأن تصريحات الدكتاتور عبدالفتاح السيسي ووزير خارجيته ما هي إلا لتسكين الشعب المصري. وحتى وزارة الخارجية الإثيوبية في رسالتها إلى مجلس الأمن استخدمت تصريحات وزير خارجية الانقلاب سامح شكري من أن "الملء الثاني لا يعني لمصر مشكلة بالنظر إلى إمكانية تعامل مصر معه" في تضمينها أن السد والملء الثاني بدون اتفاق لا يعني لمصر شيئا أو مشكلة.
السودان انفصلت أخيرا وقبل الموعد المحدد للملء الثاني-الذي بدأ فعليا بحسب خبراء ومراقبين- عن الموقف المصري بشأن الموافقة على الملء الثاني!
ويعتبر الصحفي الانقلابي مجدي شندي أن "موافقة السودان على اتفاق مرحلي يتيح لإثيوبيا الملء الثاني، مع وعد بتوقيع اتفاق ملزم خلال 6 أشهر (بعد الملء) يحقق هدفين تكتيكيين لأديس أبابا، فصل السودان عن مصر وفتح نافذة تتهرب منها إثيوبيا وتتيح لها فرض أمر واقع لن تستطيع مصر بعده فعل شيء".
وحمّل مراقبون الانقلاب المسئولية مؤكدين أن عصابة الانقلاب باعت الشعب المصرى وتصر على أن السد أمر واقع، حيث وافق على الملء الثانى ثلاث مرات فى 2015 و 2018 و 2020. وأنه إلى جوار تصريحات شكري أودعت خارجية الانقلاب "إعلان مبادئ الخرطوم-2015" فى الأمم المتحدة على أنه معاهدة دولية معترف بها بالمخالفة للدستور المصرى، لا تراجع عنه.
وهو ما دعا خبراء الانقلاب إلى تشتيت الانتباه بالهجوم على إثيوبيا، ومنهم الأكاديمي هاني رسلان الذي تجاهل المشكلة التي تجري لدينا في مصر من انقلاب فرط بحقوق مصر في مياه نهر النيل، ومنح الحكومة الإثيوبية الحالية والسابقة أرضية للصلف والعنجهية بوجه مصر، فيصف السلوك الإثيوبى تجاه أزمة السد "بفقدان المنطق أو العقلانية"، موضحا أنه "لا توجد لدى حكومة آبى أحمد رغبة فى الوصول لاتفاق؛ لأنهم يعتقدون أنهم اقتربوا جدا من خط النهاية.. ".
وفي حديثه عن رئيس الحكومة الإثيوبية ألمح رسلان -بشكل مباشر ودون قصد- إلى عنجهية الطرف الإثيوبي وقال: "آبى أحمد بحسبانه إميراطوارا سابعا لإثيوبيا (كما يتصور)، لا ينظر إلى الشعوب الإثيوبية إلا كأداة لتحقيق عظمته، ويبدو أنه يرى أن تمرير السد بدون اتفاق سيكون نصرا سياسيا عظيما.. وإذا حدث تحرك عسكرى وتم تحييد السد وإخراجه من الخدمة ، فسوف يكون ذلك أيضا حدثا كبيرا جدا يتاجر به فى الداخل والخارج ليغطى على كوارثه وانهياراته الداخلية..".
تأثير مروع
وأمام تصريحات مدير الإدارة الهندسية بالجيش الأثيوبي، التي قال فيها إن "بعد الملء الثانى لن تستطيع مصر ضرب السد وإلا أغرقت الأراضى السودانية، وبعد هذا الملء ستجيء إلينا مصر والسودان لاقتسام مياه النيل الأزرق".
قال وزير الري السابق محمد نصر علام: "التخزين الثانى لن يكتمل بل جزء فقط لن يتعدى ٤ مليار متر مكعب إضافية ليكون كامل المخزون ٨ مليار متر مكعب، وهذا لن يكون عائقا رئيسيا لضرب السد، ذلك إذا كان ضرب السد مطروحا كخيار".
وزعم أن "السد نفسه لن يكون كافيا لاقتطاع مياه لصالح إثيوبيا يؤثر تأثيرا جذريا فى توزيع حصص على الدول الثلاثة، فأقصى ما يستطيع السد تحقيقه هو امتلائه على حساب مخزون السد العالى بالإضافة إلى فواقد التخزين من بخر وتسرب فى حدود مثلا ٨٠-٩٠ مليار متر مكعب، أو مايعادل كامل مخزون السد العالى (المخزون الحى).
واستدرك أن من المخاطر "مضايقة دولتى المصب فى سنوات الجفاف فى تصريف مايشاء من مياه، ومع فراغ مخزون السد العالى سيكون هذا التأثير فى سنوات الجفاف على شعب مصر مروعا".
وأضاف: "سيكون للسد فاقد البخر السنوى عدة مليارات ستكون على حساب حصتى مصر والسودان. ولكن هذا السيناريو سيكون بداية لسيناريو أهم وأكبر تم الإعداد له خلال سنوات عديدة ماضية بمساعدات غربية للتحكم فى كل نقطة مياه فى النيل الأزرق، وبالتالى التحكم فى حياة الشعبين المصرى والسودانى".
الملء بدأ
الصحفي المهتم بمياه النيل هاني إبراهيم، أكد أن "اتفاق مرحلي للملء الثاني وترقب اتفاق نهائي خلال شهور لا قيمة له لأن الملء الثاني بدأ فعليا". وأضاف أنه "حاليا لا تستطيع إثيوبيا التحكم فى السد فيما يتعلق بتبادل البيانات الخاصة بالتدفق إذا كان يرغب السودان فى ذلك؛ لأن السد سوف يستمر فى تمرير 60 مليون متر مكعب يوميا إلى لحظة مرور المياه من الممر الأوسط عقب اكتمال الملء الثاني، وحينها ترتفع القدرة التمريرية تلقائية وفقا للفيضان فى أقصى رقم 1.2 مليار متر مكعب يوميا".
وعن تعليه السد الأوسط، قال إنها "بلغت 10 مترات تستطيع إثيوبيا حجز 1.1 مليار متر مكعب إضافية؛ ليصبح المجموع 5.6 مليار متر مكعب"، مضيفا أن "المجموع فى السد الكارثي ما يقترب من رقم 6.5 إلى 7 مليار متر مكعب لتستطيع تشغيل أول توربين منخفض".
وأوضح أنه "إذا ما تم الإعلان عن الرفض من أي طرف، فلا سبيل دبلوماسيا إلا جلسة لمجلس الأمن الدولي ربما يوم 7 يوليو تحت رئاسة فرنسا أو قبل ذلك".