البكاء على أطلال النيل بمجلس الأمن.. مندوبو السيسي يفشلون في إعادة الحق المصري

- ‎فيتقارير

جاءت جلسة الخميس بمجلس الأمن لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي وسط تعنت إثيوبي متواصل وقلق مصري وسوداني متصاعد. وعقب الجلسة وجه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد رسالة إلى الشعب المصري، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلا: "يمكن أن يكون سد النهضة الإثيوبي الكبير مصدرا للتعاون بين دولنا الثلاث وأبعد".

وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي: "أود أن أطمئن الشعبين السوداني والمصري أنهم لن يتعرضا أبدا إلى ضرر ذي شأن بسبب ملء السد، لأنه لن يأخذ سوى جزءا صغيرا من التدفق".

وتابع: "في السودان سيكون الروصيرص أكثر قُدرة على الصمود، ولن يخضع لتقلب شديد بسبب التدفق، وبالتالي فإن المُجتمعات المحيطة تكون مطمئنة بالازدهار المتبادل".

إعادة للاتحاد الإفريقي

وعقب جلسة مجلس الأمن أعلنت الدول الـ 15 الأعضاء بالمجلس ضرورة إعادة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي بشكل مكثف؛ لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث ويؤدي إلى تخفيف التصعيد الذي يؤثر مباشرة على المنطقة والقارة الإفريقية.

وبعد جلسة عاصفة دعت الأمم المتحدة، الثلاثاء، الدول الثلاث إلى الالتزام مجددا بالمحادثات حول تشغيل المشروع وحثتها على تجنب أي إجراء أُحادي الجانب.

وقال وزير خارجية الانقلاب سامح شكري، إن مصر تواجه خطرا وجوديا بسبب السد الإثيوبي مشددا على أن القاهرة ستضطر لحماية "حقها في البقاء"، حال أصرت إثيوبيا على موقفها الحالي بخصوص سد النهضة.

وأضاف خلال الجلسة أن: "أساس الأزمة سياسي، معتبرا أن موقف إثيوبيا المؤسف قوّض كل محاولات التوصل إلى اتفاق".

وأضاف شكري "إذا تعرضت حقوقنا للخطر فلن يبقى أمامنا سوى حماية حقنا الأصيل في الحياة"، معتبرا أنه يجب بذل قصارى الجهد وعبر مجلس الأمن لمنع السد من أن يصبح تهديدا لوجود مصر.

وتابع: "لا نعترض على حق إثيوبيا بالاستفادة من مياه النيل الأزرق بل نطالبها باحترام التزاماتها الدولية"، مؤكدا أن مصر لا تطالب مجلس الأمن بفرض تسوية على الأطراف، وأن مشروع القرار هدفه إعادة إطلاق المفاوضات. مؤكدا أن "100 مليون مصري و50 مليون سوداني يعيشون تحت الخطر بسبب سد النهضة".

 

أهمية الاتفاق الملزم

من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن: "بلادها دعمت بناء سد النهضة منذ البداية بشكل يحفظ حقوق الدول الثلاث، مشددة على أهمية الاتفاق الملزم لحماية الأمن البشري والسدود والأمن الإستراتيجي للمنطقة".

واعتبرت المهدي أن "إثيوبيا اتخذت خطوات منفردة في السابق أضرت بحياة الكثير من مواطنينا".

وأضافت وزيرة الخارجية السودانية أنه "من دون اتفاق على تعبئة السد فإن فوائده ستتحول لمخاطر على نصف سكان السودان وسكان مصر، وأن السد سيقلل مساحة الأراضي الفيضية في السودان بنسبة 50%".

بدوره قال وزير الري الإثيوبي: "اليوم يتم التدقيق في مجلس الأمن بتشغيل سد لتوليد الطاقة وهو أمر غير مسبوق"، مؤكدا أن سد النهضة في المكان الصحيح وأن هدفه تحسين حياة سكان المنطقة".

واعتبر الوزير أن "السد ليس الأول من نوعه، وأن خزانه أصغر بمرتين ونصف من خزان سد أسوان في مصر، مؤكدا أنه ليس لإثيوبيا مخزون مياه كبير وأنه لا بديل عن سد النهضة".

وتابع قائلا: "مشروع سد النهضة هو محاولة لتحقيق حلم الإثيوبيين واستجابة لمتطلبات حياتهم".

وقال بارفيه أونانجا، المبعوث الأممي الخاص بالقرن الإفريقي إن: "سد النهضة يجسد روايات متضاربة يمثل آمالا ومخاوف تحديات وفرص تتعلق باستخدام المياه والأمن والطاقة في مصر وإثيوبيا والسودان وفي القرن الإفريقي على اتساعه".

هذه المرة الثانية التي نتقدم بطلب إحاطة للمجلس حول هذه القضية وكانت المرة السابقة في يونيو 2020، ومنذ ذلك الحين ورغم مختلف المحاولات في المفاوضات لم تتمكن الأطراف من الاتفاق على إطار لتسوية القضايا الخلافية المتبقية، وفي حين أقرت الدول الأعضاء بأن معظم الجوانب المتعلقة بالسد قد عُولجت نتفهم أنه لا يزال على الأطراف أن تتفق على بعض القضايا الأساسية بما في ذلك آلية تسوية المنازعات والحد من الجفاف وتحديدا ملء وتشغيل السد في سنوات الجفاف".

وأوضح أنه "بعد الاجتماع الافتراضي الذي عقده وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث في 27 أكتوبر 2020 وترأسته جنوب إفريقيا والاجتماع الثلاثي الذي عُقد افتراضيا يوم 10 يناير 2021 لم تتفق الأطراف على الدور المحدد للخبراء والمراقبين الذين يدعمون عملية المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي".

 

مماطلة إثيوبية

وأشار إلى أنه "في السادس من فبراير طرح السودان مقترحا جديدا يرى وساطة مشتركة رباعية من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وفي 15 مارس طلب السودان رسميا بدعم من مصر من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التوسط بين الأطراف الثلاثة بشأن السد، ولكن إثيوبيا آثرت تغييرات قليلة في العملية الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقي وخلال المباحثات التي عقدت في كينشاسا في الفترة من 5 إلى 7 إبريل هذا العام برئاسة رئيس الكونغو الديمقراطية بوصفه رئيسا للاتحاد الإفريقي، لم يتمكن الأطراف الثلاثة من التوصل إلى إطار للوساطة".

وتابع "في 13 إبريل عرض رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك تفعيل آلية تسوية المنازعات على مستوى رؤساء الدول والحكومات على النحو الموضح في إعلان المبادئ الموقع في 2015 بشأن السد، وفي 21 إبريل ذكر رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أن مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأفريقي هو المحفل المناسب لمناقشة الأزمة، ونظرا لعدم إحراز تقدم في المباحثات تدخل الرئيس تشيسي كيدي بشأن الصندوق وقام بجولة في المنطقة من 8 حتى 11 مايو زار خلالها الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا، وتحدث كيدي إلى الأطراف على أساس نهج من خطوتين الأولى الأكثر إلحاحا وتتمثل في ملء السد خلال الموسم المطير، والثانية ضمان الاتفاق الشامل بشأن ملء السد وتشغيله في المرحلة اللاحقة".

وأردف "في 24 يونيو التقى كيدي افتراضيا مكتب مؤتمر رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الإفريقي لتبادل المعلومات بشأن السد ولم يحرز أي تقدم ملموس في وجود إثيوبيا ومصر مع مقاطعة السودان، وفي 25 يونيو عقدت جامعة الدول العربية اجتماعا في الدوحة ومررت قرارا بشأن النزاع الخاص بالسد، ضمن جملة أمور أخرى إلى إثيوبيا أن تمتنع عن ملء السد دون التوصل إلى اتفاق، ودعت مجلس الأمن لعقد مشاورات حول هذه المسألة، وردا على ذلك عارضت إثيوبيا بيان جامعة الدول العربية الذي رأته محاولة لتسييس وتدويل النزاع وشددت على التزامها بوساطة الاتحاد الأفريقي مع تكرارها لخطتها بالمضي قدما في عملية الملء الثاني للسد في يوليو".

واستطرد "في 5 يوليو وجهت إثيوبيا رسالة لحكومتي مصر والسودان لتخبرهما ببداية ملء السد للعام الثاني وعارضت مصر والسودان هذا الأمر مكررة موقفها أن أي ملء آخر لابد أن يتم وفقا لإطار متفق عليه، مشددا على أن كل الدول التي تتشارك مياه النهر تتمتع بحقوق وعليها واجبات وكما اتفق في إعلان  2015 حول السد يتطلب استخدام هذا المورد الطبيعي وإدارته تعاونا مستمرا بين كل الدول المعنية بنية حسنة بُغية التوصل إلى أرضية مشتركة".

وواصل: "الأمين العام للأمم المتحدة شجع الدول الأعضاء على السير في مسار المفاوضات وللمساعدة في هذه العملية كلف مكتب الأمم المتحدة للبيئة لتقديم المشورة العلمية على أساس أفضل البيانات والمعارف العلمية المتاحة بغية مساعدة الدول على التوصل لفهم مشترك بشأن معالجة هذه المسألة بالغة الحساسية".

وأكمل "إننا بحاجة لبذل المزيد من الجهود حتى مع جني المفاوضات الأخيرة لتقدم قليل، مضيفا أن هذه مسألة تكتسب أهمية قصوى، داعيا الدول الثلاث إلى مواصلة تعاونها وتفادي أي إعلانات تزيد من التوتر في منطقة تخضع بالفعل لمجموعة من التحديات بما في ذلك التحديات الناجمة عن كوفيد 19 والنزاعات المسلحة".

بدورها قالت إنجر اندرسن، منسقة شؤون البيئة بالأمم المتحدة، إن: "النيل الأزرق يشكل موردا حيويا لشعوب مصر والسودان وإثيوبيا، وتقع منابع النيل الأزرق في مرتفعات إثيوبيا والأمطار الموسمية تنتج 69 بالمائة من تدفق النهر سنويا بين يوليو وسبتمبر ويلتقي النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم ومنه يتدفق عبر السودان إلى مصر".

وأضافت أن "النيل يوفر المياه العذبة المستخدمة في الزراعة ودعم سبل كسب العيش في هذه الدول لآلاف الناس، ومنذ 2011 شرعت إثيوبيا في تشييد السد على النيل الأزرق وهذا السد يمثل مشروعا عملاقا للطاقة المائية يقع في منطقة بني شنقول في إثيوبيا، ومن خلال توليد الطاقة الكهربائية سيوفر السد موارد الطاقة لإثيوبيا، ويسمح لها بزيادة إمداد الكهرباء والتعجيل بالتحول الصناعي وتصدير فائض الكهرباء إن شاءوا".

وأوضحت أن "إنشاء السد قارب على الانتهاء وخلال 2020 بدأ الملء الأول للخزان واحتجزت إثيوبيا ما يقرب من 4.9 مليار متر مكعب من المياه ويبدأ الموسم المطير لعام 2021 وأعلنت إثيوبيا أنها بدأت الملء الثاني للسد".

 

التأثير على مجرى النهر

وأشارت إلى أنه "خلال القرن الماضي طورت الدول المتشاطئة في النيل البُنى الأساسية لتنظيم تدفق النهر، وتخزين المياه والحد من الفيضان لتوفير المياه للزراعة وتوليد الطاقة المائية، ومع وجود عدد من السدود على حوض النهر بما في ذلك السدود الأصغر على النيل الأزرق، مضيفة أن البنية الأساسية الأكبر هي سد مروي الموجود على النيل الأزرق والذي يمكنه تخزين 12.4 مليار متر مكعب من المياه وتوليد 1250 ميجاوات، وهناك سد الرصيرص في السودان والذي يقع على بعد 100كم في اتجاه مجرى النهر تحت السد ويمكنه احتجاز 5.9 مليار متر مكعب، والبنية الأساسية في مصر تتمثل في السد العالي في أسوان والذي أُنشئ في 1970، ويمكنه تخزين 162 مليار متر مكعب ويولد 2100 ميجاوات من الكهرباء، وعند انتهاء سد النهضة يمكنه تخزين 74 مليار متر مكعب ويولد 5.1 ألف ميجاوات".

وتابعت "السد الكبير يؤثر على مجرى النهر وفي حالة الجفاف المتكرر يكون التعاون على النهر المشترك هو الحل المستدام على المدى الطويل، وفي السنوات المقبلة سيتحكم أكبر سدين في العالم وهما السد العالي وسد النهضة في تدفقات نهر النيل ووجودهما في حوض النهر بكفاءة قد يعظم الاستفادة الهائلة من هذه البنية الأساسية وسيحول دون أي آثار سلبية".

وأردفت "حكومات مصر وإثيوبيا والسودان  بذلوا جهودا مستمرة لتعزيز التعاون فيما يتعلق بالمجاري المائية العابرة على مدار سنوات، وفي 2015 وقّعت الدول الثلاث على اتفاق بشان إعلان المبادئ والتزموا فيه ببعض المبادئ الأساسية بما فيها مبدأ التعاون والاستغلال المنصف والمعقول ومنع الضرر ومبدأ التسوية السلمية للنزاعات".

واستطردت "إعلان المبادئ كان نتاجا لسلسلة من الجهود التعاونية العابرة للحدود التي جرت على مدار السنوات الماضية، وكما سمعنا ثابرت الأطراف في جهودها لتعزيز التعاون واضطلع الاتحاد الأفريقي بدور أساسي العام الماضي، والمضي قدما في هذه المفاوضات، وأقرت الأطراف الثلاثة بالجهود الكبيرة التي بذلها رئيس الاتحاد الأفريقي للتوصل لاتفاق، مضيفة أنه في حين أحرزت الدول الثلاث تقدما في المفاوضات لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن بعض القضايا المحورية بما في ذلك الترتيبات على إدارة الجفاف طويل الأجل وتطوير ما قبل السد وما بعده وآلية تسوية المنازعات كما تبقى هناك بعض الخلافات بخصوص نطاق وطبيعة الاتفاق المقترح، وفي هذه المرحلة مع مصادر أخرى للتوترات الإقليمية التي تزداد يجب أن نعترف أن تجاوز الخلافات القائمة بين الأطراف الثلاثة سيتطلب عملا حثيثا برعاية فائقة بدعم من الخبراء القانونيين والتقنيين ذوي الصلة بعزم من الدول الثلاث على التوصل إلى حل تعاوني؛ سعيا لتحقيق التنمية المستدامة من أجل الجميع انطلاقا من شعار "نهر واحد شعب واحد ورؤية واحدة".

ونوهت إلى أنه يمكن التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة وفي واقع الأمر لابد من التوصل لاتفاق، والتعاون بين الدول المتشاطئة بخصوص هذا المورد الطبيعي الحيوي لم يكن بقدر الأهمية التي عليها الآن، والدول التي تشهد طلبا متزايدا على الموارد المائية بسبب الزراعة والطاقة بها، وهذا يعزى إلى مجموعة من العوامل مثل زيادة السكان والتحول الصناعي والتمدن والتعاون سيكتسي أهمية أكبر في سياق تغير المناخ، فالنماذج المناخية تشير إلى أن تدفق النهر سيشهد تقلبات كبيرة أثناء الفترة المقبلة وصولا لـ2040 مما سيؤدي إلى مزيد من الفيضانات والجفاف الشديد ومن ثم فمن الحتمي أن تعمل الأطراف معا لإدارة هذه التحديات المتشابكة والوصول إلى اتفاق شفاف بشأن أزمة السد".