دعوة “الفقي” للاستعانة بإسرائيل لحل أزمة سد النهضة.. ما علاقتها بسحارات سرابيوم؟

- ‎فيتقارير

التوقف لوقت قليل أمام ما يدور في أزمة سد النهضة، يؤكد أن هناك مخططا كبيرا لتقزيم مصر وتركيعها، وإخضاعها إقليميا بعد ما تم إخضاعها دوليا بخائن على رأس الدولة اغتصب الحكم بانقلاب عسكري، لا يقيم لشعبه وزنا ولا يعمل إلا لإرضاء أسياده في الغرب، وتعميق وضعية التبعية التي كان مخططا لها منذ الاخختلال البريطاني لمصر في القرن التاسع عشر.

حتى الدول التي لعبت الأموال المصرية المنهوبة من جيوب الشعب في تحسين اقتصادها وحل أزمات البطالة فيها وإغلاق المصانع، كما جرى مع فرنسا التي كانت تعاني أسلحتها من البوار حتى جاءت صفقات السيسي المشبوهة لتحرك مصانع المسترال والرافال في فرنسا، والغريب ان تلك الطائرات التي دفعت فيها المليارات ضعيفة الجدوى العسكرية، إذا إنها من الجيل الرابع فيما الجيل السابع هو المنتج المعتبر والقادر على تحقيق الأهداف العسكرية، وهو نفس ما جرى مع المانيا من شراء الغواصات والأسلحة بشراهة استرضاء للغرب، وغيرها من روسيا والصين، ورغم ذلك لم تقف تلك الدول وتدعم حق الشعب المصري بكلمة في مجلس الأمن أو تصطف بجانب المخاوف المصرية العديدة والمهددة للوجود المصري ككل!

تحصين السد

هذا المخطط تستكمله الإمارات وإسرائيل وهما من أكبر داعمي السيسي ونظامه السلطوي وانقلابه العسكري المشئوم، عبر تحصين سد النهضة بأحدث منظومات الدفاع الجوي والحماية العسكرية، وهي سياسة معروفة الأهداف، فالإمارات الدولة القزم والأصغر في المنطقة لا تريد مصر قوية، بل تريد مصر تابعة لها ومجرد أجيرة لها، يحارب جنودها باسم الإمارة في ليبيا واليمن والبحر الأحمر، وأيضا إسرائيل التي اعتبرت السيسي أكبر وأهم من الكنز الإستراتيجي وأنه نعمة من السماء لتل أبيب، تلعب في خلفية مصر الرخوة في إفريقيا، وصولا إلى اتفاق ظل حلم هرتزل ومؤسسي الكيان الصهيوني الغاصب، بوصول مياه النيل إلى تل أبيب، وري صحراء النقب القاحلة، عبر مصر، وهو المخطط الذي يعمل على تنفيذه السيسي، ولا يتحرك إلا بأمر تل أبيب، رغم ما يمثله ذلك من خيانة للجيش المصري والشعب المصري.

وتجري ــ على قدم وساق ــ المشاريع السرية في سيناء لتمديد خطوط المياه إلى قلب سيناء بدعوى التنمية والزراعة، وهي مشاريع مشكوك فيها، بدليل عدم إدراجها على مخططات وزارة الري والزراعة ولا تضمن ضمن مشاريعها السنوية المنشورة على موقعها ولا يسمح لمدني بالوصول إليها.

وسبق ذلك أنفاق قناة السويس وسحارة سرابيوم لنقل مياه النيل عبر السحارات الأكبر لسيناء، في خطوة تمهيدية لولوج إسرائيل إلى قلب أزمة سد النهضة بشكل علني للضغط على إثيوبيا بعد فشل كل محاولات الحل الإقليمي والدولي، لتصبح إسرائيل المنقذ الأوحد لمصر من العطش، فتصل مياه النيل لكل من مصر وإسرائيل دون أن يعارض أحد من المصريين، وإلا سيكون مصيرهم العطش.

هذا المخطط الذي يدار في الخفاء، بدأ الإعلان عنه من مدير مكتبة الإسكندرية المقرب من نظام السيسي، مصطفى الفقي، حيث قال مدير مكتبة الإسكندرية، إن "موضوع سد النهضة موضوع عابر، وأن مصر أقوى من ذلك بكثير وتستطيع مواجهة أزمات أكبر من أزمة السد بكثير". وأضاف الفقي على هامش مؤتمر "الهجرة غير الشرعية في حوض البحر المتوسط"، الذي تنظمه المكتبة على مدار يومين، أن مصر تستطيع حل أزمة سد النهضة، مشيرًا إلى أن الأزمة تحتاج إلى حلول غير تقليدية. وبحسب بيان صحفي لمكتبة الإسكندرية، فإن الفقي كرر طلبه بضرورة "فتح اتصالات وحلول غير تقليدية مع أطراف أخرى تستطيع أن تضغط على إثيوبيا وتنهي مشكلة سد النهضة"، قائلاً إن "السياسة لا تعرف المثاليات ومصر تدفع ثمن مواقفها الخارجية التي تتسم بالمثالية الشديدة". ورأى الفقي أن "إسرائيل لو اقتنعت بضرورة دعم مصر في سد النهضة، فمن المؤكد أن الموقف الروسي والأميركي، سيتغير أيضًا من القضية".

وكان السكرتير السابق للرئيس المخلوع حسني مبارك، قد قال الثلاثاء الماضي، في تصريحات إعلامية إن الموقف الروسي من مفاوضات سد النهضة وجلسة مجلس الأمن ليس مستغربا، خاصة بسبب المواقف المصرية من القضية الليبية وبعض المواقف الأخرى، مشيرا إلى أن روسيا تبحث عن مصالحها، وأن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رجل مخابرات يبحث عن استتباب سلطته وعمل تحالفات مع الدول الأخرى، فيما يهمه أن يكون له وجود في إفريقيا".

انتقاد الموقف العربي

وانتقد الفقي موقف الدول العربية من أزمة سد النهضة الإثيوبي، وقال إنه "لم يكن على المستوى المرجو باستثناء بعض الدول"، وأضاف أن "هناك دولاً ساهمت في تمويل بناء السد". وتابع أن "إثيوبيا سوقت بخبث لمشروعها، وبينت للعالم أنها دولة تعاني من المجاعة في حين أن مصر دولة مستقرة وأوضاعها أفضل وهو ما خلق تعاطفاً دوليا معهم".

وقال رئيس مكتبة الإسكندرية، إن "عقد جلسة لمجلس الأمن بشأن سد النهضة يستهدف التعبئة والحشد الدولي للوضع الحالي الذي يشهده الملف، واصفًا إياها بأنها (إثبات حالة)"، مؤكدًا أن "لإسرائيل تأثير بملف سد النهضة، لأنها تحلم أن تكون إحدى دول مصب نهر النيل منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات".

وذكر مدير مكتبة الإسكندرية أن مصر لن تعود إلى المفاوضات بصيغتها الحالية، مشددًا على أهمية مطالبة الاتحاد الأفريقي لإثيوبيا بالتوقف عن الإجراءات الأحادية، والتفاوض خلال مدى زمني يتراوح ما بين 6 أشهر إلى عام.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الفقي لـ"اللجوء" إلى إسرائيل، فقد طالب الأسبوع الماضي، بفتح الأبواب مع الجميع والحديث مع إسرائيل والاستفسار بشأن وقوفها جانب إثيوبيا وإشرافها على المشروع الكهربائي، رغم وجود اتفاقية سلام مع مصر "لم تخرقها أبدًا رغم كافة الاستفزازات".

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد التقى نظيره الإسرائيلي يئير لبيد، الأحد الماضي، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث كان يسعى لحشد الدعم الأوروبي لموقف مصر في أزمة سد النهضة الإثيوبي. وقالت الخارجية في بيان لها، إنه "على هامش زيارته الحالية إلى بروكسل، التقى وزير الخارجية سامح شكري نظيره الإسرائيلي يئير لبيد، وأكد على ضرورة التحرك العاجل نحو حلحلة الجمود الراهن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وصولًا إلى إطلاق مفاوضات سلام عادلة وشاملة"، دون ذكر مزيد من التفاصيل عن اللقاء.

وكان مصدر دبلوماسي مصري، أكد في تصريحات إعلامية أن الوزيرين ناقشا أزمة سد النهضة الإثيوبي خلال اجتماعهما في بروكسل.  وقال المصدر إن "إسرائيل" تتمتع بعلاقات قوية مع إثيوبيا من جهة ومع أميركا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وأنها يمكنها استخدام تلك العلاقات في إقناع إثيوبيا بالنظر في الطلبات المصرية بشأن السد، وقبول مبدأ الشراكة في ملء وتخزين السد والاتفاق على ذلك في إطار قانوني ملزم. وهكذا يسير المخطط لخواتيمه، ضغوط شديدة على مصر وعطش وجفاف وتصحر يضرب البلاد بلا منقذ، فيظهر المنقذ من تل أبيب، ليقدم للخائن السيسي أكبر خدمة للمصريين بحلحلة جزئية لأزمة المياه مقابل أن تمر مياه النيل إلى إسرائيل عبر الأراضي المصرية.