باحث: ما وقع في مصر وتونس ليس هزيمة للإخوان لكن انتكاسة للديمقراطية

- ‎فيتقارير

قال د. إسماعيل علي، أستاذ الدعوة الإسلامية والأديان، بجامعة الأزهر إنه "ليس من الإنصاف النظر إلى ما وقع في تونس ومصر على أنه هزيمة للإخوان؛ بل الواقع أنه هزيمة للديمقراطية، وقطعٌ لطريق الإصلاح السلمي، ومبدأ تداول السلطة، بأيدي الخونة والعملاء".

وأضاف في خلاصة دراسة له بعنوان "الإخوان ومجابهة الانقلابات.. والمسؤولية التائهة" نشرها الاثنين 9 أغسطس 2021، مركز "مسار للدراسات الإنسانية"، أن الإخوان في بلدان العالم العربي "دخلوا السياسة في إطار عقد اجتماعي يتضمن تنظيم الوصول للسلطة، وتداولها، وفق نظم ودساتير تم التوافق على احترامها، ولم يكن من بنود هذا العقد الاجتماعي أن يكون لدى كل كيان أو حزب سياسي قواته المسلحة الخاصة به داخل الدولة.

مبارزة قتالية
وتساءل "هل الإخوان في مبارزة قتالية، وحرب عسكرية لم يُعدّوا لها العدة، فكانوا فاشلين"؟

وأوضح أن "القول بأن يكون للإسلاميين قوة صلبة للتصدي للانقلابيين، وأن يكون لغيرهم من بقية الأطياف السياسية الحق كذلك في تكوين قوات أو مليشيات مسلحة داخل الدولة لا يقول به عاقل يهدف إلى استقرار البلاد، والحفاظ على وحدتها الوطنية. إن هذا لو حدث، يفتح الباب لفوضى التسلح، وانتشار الكيانات المسلحة داخل الدولة، ويفتح الباب معه لشراء هذا الفصيل أو ذاك، واستخدامه أسوأ استخدام من شياطين الإنس، وأعداء الأمة، وهذا ـ لا شك ـ ينذر بشر مستطير، ولدينا نموذج لبنان".

وتابع "ثم لماذا في كل انقلاب يكون الإسلاميون وحدهم مطالبين بالتصدي له وإفشاله، ويُحمّلون وحدهم المسؤولية عن ذلك".
وأشار إلى أنه "هناك شعوب وأحزاب ونخب يجب أن يكونوا شركاء في المسؤولية عن الأوطان واستقرارها، والدفاع عن الحقوق، ومجابهة البغاة المعتدين والمستبدين الظالمين".

وعبر "علي" عن تعجبه من قول البعض "الإخوان في مصر خَذَلوا الشعب !! ولماذا؟ فيقول "لأنهم لم يستطيعوا الحفاظ على الحكم من الانقلاب" فأضاف "وأين الشعب الذي اختارهم؟ وأين النخب التي أيدت الانقلاب مكايدة وحقدا وحسدا؟".
 

رؤية قرآنية
وانطلق أستاذ الدعوة الإسلامية في دراسته إلى رؤية قرآنية قالت إن "الله أخبر عن ذي القرنين أنه مَلَك الأسباب {إنّا مَكّنّا له في الأرض وآتيناه مِن كلِّ شيءٍ سَبَبًا} [الكهف: 84]، ومع هذا قال للناس الذين طلبوا منه بناء السد ـ كما حكى الله ذلك في القرآن ـ  {قال ما مَكّنِّي فيه رَبِّي خيرٌ فأعينوني بقوةٍ أجعلْ بينكم وبينهم رَدْمًا} [الكهف: 95] 

وتساءل "لماذا لا نعمل بهذه القاعدة القرآنية التي وضعها ذو القرنين؛ كلٌّ في الناحية التي يحسنها، وتتكاتف قوى الوطن الفاعلة لمجابهة تلك الانقلابات؟ ولماذا ينحصر الطلب في الإخوان وحدهم، مجابهة البغاة المعتدين الذين يملكون القوة المسلحة؛ في حين أن “حضرات المنظرين” يتفرجون، بل كذلك يكونون مُعْفَيْن من اللوم حين يشتركون في إسقاط الإخوان، ومساعدة الانقلابيين".

بذلوا جهدهم

وأكد الدكتور إسماعيل أن "الإخوان في مصر قد بذلوا ما استطاعوا في مواجهة الانقلاب الأثيم، وقدموا تضحيات لا تخفى على أحد"، مبينا أن "الفشل هو أن لا يقوم الإخوان أو غيرهم ممن اختارهم الشعب بمسؤولياتهم في الحكم والإدارة، بعد تمكينهم منها، ومع هذا فلو كانوا يستطيعون إفشال الانقلاب وقصّروا، فلا يُعفون من المسؤولية".

وأردف "إن الإخوان ليسوا وحدهم من وقع عليه انقلابات، ولم يستطيعوا الانتصار عليها. ألم ينقلب عبد الناصر على محمد نجيب؟ ألم ينقلب زين العابدين على بورقيبة؟ ألم تقع انقلابات في القرن الماضي في العراق وسوريا والجزائر وإيران (ضد مصدّق)؟ ناهيك عن انقلابات القارة السمراء؟ ولم تكن ضد حكومات إسلامية، ولم يكن فيها الإخوان المسلمون؟".

المتحاملون
وكما وضع الإمام البنا (المتحاملين) على الإخوان ضمن أربعة أصناف يتعامل معهم الإخوان قال إسماعيل علي: " إن هؤلاء المتحاملين على الإخوان يطالبونهم بالانسحاب من الحياة السياسية؛ لأن وجودهم في السلطة يكون ذريعة لوقوع الانقلابات في بلادنا، وهذا منطق أعوج، يجهل أصحابه أو يتجاهلون التاريخ ".
مستدركا أنه "ليس من العدل ولا من الصواب انتهاز مثل هذه الفرص للنيل من الإخوان والهجوم عليهم، وهم شأنهم شأن أي فصيل سياسي، يخطئون ويصيبون، وإذا كانت لهم وللإسلاميين عموما أخطاء، فخطايا غيرهم من الأحزاب السياسية أكثر من تحصى، وإلا فالواقع شاهد على ذلك، وعلى من يكيلون التهم للإخوان أن يتكلموا عن حال الأحزاب السياسية الأخرى التي تحكم بلادنا منذ أكثر من نصف قرن، والحصيلة كما نرى، تخلف على كل صعيد".

وأعتبر أن "سوق الاتهامات لا يسوغه تعقد وتشابك الأمر وقال "لا يسوغ أن تُطرح أفكار واتهامات خطيرة بتلك البساطة والتسطيح، مع تجاهل كثير من الاعتبارات في أرض الواقع".

ودعا الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف إلى "تفكير عميق متجرد، وتخطيط دقيق، يشارك فيه أولو الرأي وقادة الفكر من كافة التخصصات والاتجاهات، لوضع الخطط والإستراتيجيات اللازمة للتغلب على بلاء الانقلابات الأثيمة، التي ابتُلِينا بها في منطقة المشرق الإسلامي".

وطالب الإخوان وغيرهم بمراجعات بهدف "تدارك لما وقعوا فيه من أخطاء، والتعامل بنزاهة وموضوعية، وتقديم التضحيات لصالح الأوطان، في ظل التوجهات العالمية والإقليمية التي تنزع إلى صناعة “الديكتاتوريات” في الشرق؛ ضمانا لمصالحها فيه.. وربنا المستعان".

https://almasarstudies.com/en/brotherhood-and-confronting-coups/