“المونيتور”: السيسي يحرم المصريين من الحياة برفع سعر الخبز

- ‎فيأخبار

نشر موقع "المونيتور" تقريرا سلط خلاله الضوء على قرار عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، بزيادة سعر رغيف الخبز، وتداعيات القرار على المشهد السياسي في البلاد.

وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" إن دعوة السيسي لرفع أسعار الخبز المدعم أثارت جدلا في مصر؛ وقد رحب مؤيدوه بالقرار ووصفوه بأنه قرار حكيم وجاء في الوقت المناسب، في حين أدانه النقاد باعتباره القشة الأخيرة.

وقال السيسي "حان الوقت لزيادة سعر رغيف الخبز الخمسة"، في إشارة إلى الخبز المدعوم الذي يُقدم لما لا يقل عن 60 مليون مصري. وجاء تعليقه خلال افتتاح مصنع لإنتاج الغذاء في مدينة السادات في شمال الدلتا في 3 أغسطس.

وأضاف السيسي "قد يقول لي البعض اترك هذا الأمر للحكومة أو لرئيس الوزراء مدبولي أو وزير التموين. لكن لا، سآخذ على عاتقي رفع السعر أمام بلدي وشعبي.

وفي محاولة لتهدئة المخاوف العامة بشأن الارتفاع المحتمل في الأسعار، أوضح لا أقول إننا "نرفع السعر من الخبز بشكل كبير إلى 60 أو 65 قرشا – تكلفة إنتاجه – ولكن الزيادة ضرورية".

لكن السيسي لم يذكر مقدار الزيادة، في غضون ذلك، نقلت صحيفة الوطن عن وزير التموين في حكومة الانقلاب علي المصيلحي قوله إن "وزارته ستبدأ على الفور بدراسة الموضوع في ضوء توجيهات السيسي وتقديم ما تتوصل إليه إلى مجلس الوزراء".

وأوضح السيسي أن "الزيادة المحتملة في الأسعار من شأنها أن تساهم في تكاليف الوجبات المدرسية التي تمس الحاجة إليها والتي تعهد بإتاحتها لملايين الطلاب، وأشار إلى أن هناك حاجة إلى ثمانية مليارات جنيه (510 ملايين دولار أميركي) للوجبات المدرسية في كل عام".

يذكر أن "أسعار الخبز المدعم ظلت دون تغيير في مصر لعقود، وفي بلد يعيش فيه 32.5 في المائة من السكان في فقر مدقع  وفقا لدراسة استقصائية نُشرت في عام 2019 من قبل وكالة الإحصاءات الوطنية "كابماس"  فإن أي تغيير في نظام الدعم الغذائي هو قضية حساسة يحذر منها بعض المحللين مثل حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة القاهرة، من احتمال إشعال الاضطرابات الاجتماعية".

وقال نافعة إن "قضية رفع أسعار الخبز المدعم خطيرة جدا؛ يجب ألا يتخذ قرار أحادي الجانب بشأن هذه المسألة، بدلا من ذلك، يستحق هذا الأمر حوارا مجتمعيا جادا في جو صحي خالٍ من الخوف والنفاق".

وكان الخبز في مقدمة مطالب المحتجين المناهضين للحكومة الذين خرجوا إلى الشوارع في يناير 2011 مطالبين الرئيس آنذاك حسني مبارك بالتنحي، وكان الناشطون في ميدان التحرير قد هتفوا في ما أصبح شعار الثورة الشعبية التي استمرت 18 يوما والتي أطاحت بمبارك.

 

احتجاجات واسعة

وفي مارس 2017، اندلعت احتجاجات في الإسكندرية ومدن مصرية أخرى – في تحد لقانون مكافحة التظاهر المطبق منذ عام 2013 – عندما أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية في حكومة السيسي علي المصيلحي عن خطط لخفض إعانات الخبز بخفض عدد الخبز إلى ثلاثة لحامل البطاقة التموينية.

"عايزين ناكل.. عايزين عيش"، وكانت هذه هي الصرخة التي أطلقها المحتجون في ذلك الوقت، وأجبرت الاضطرابات الحكومة على أن تلغي قرارها بسرعة، خشية تكرار أعمال الشغب المميتة المرتبطة بالخبز في عام 1977 والتي اندلعت بعد إعلان الرئيس أنور السادات آنذاك عن تغيير برنامج الدعم لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي.

وأعلنت حكومة الانقلاب أنها "ستُبقي على أسعار الخبز المدعم كما هي دون تغيير بالنسبة للمستهلكين"، وقد تقلص حجم ووزن الرغيف المدعوم بشكل كبير منذ أغسطس الماضي، ويبلغ وزن رغيف الخبز المدعوم الآن 90 غراما (3.2 أوقية) بدلا من 110 غراما (3.9 أوقية)، وبما أن الخبز هو أحد العناصر الأساسية في النظام الغذائي المصري – وخاصة بالنسبة للفقراء – فإن هناك حاجة الآن إلى المزيد من الخبز لإشباع جوع الناس.

ووفقا لبرنامج الدعم الحكومي، الذي يتضمن أيضا زيت الطهي والأرز والمكرونة والشاي والسكر، فإن البطاقة التموينية تخصص لخمسة أرغفة يوميا بسعر مدعوم يبلغ 0.05 جنيه مصري (0.0032 دولار أميركي) للرغيف الواحد.

وقد أدى خفض دعم الوقود والكهرباء – كجزء من تدابير التقشف التي اتخذتها الحكومة لتلبية الشروط التي حددها صندوق النقد الدولي لمصر للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار في عام 2016 (وحصة أخرى بقيمة 5.2 مليار دولار في العام الماضي) – إلى تراكم الضغوط على الأسر الفقيرة التي تكافح لتغطية نفقاتها.

 

الخبز والحياة

إن كلمة الخبز باللغة العربية تترجم حرفيا إلى "حياة"، وبالنسبة للعديد من المصريين – الذين يعانون بشدة من ارتفاع أسعار المساكن والسلع الأساسية والنقل والكهرباء الذي نتج عن تعويم العملة المحلية في نوفمبر 2016 – فإن زيادة سعر الخبز يعادل حرمانهم من الحياة.

ففي 4 أغسطس، تجمع عدد قليل من المستهلكين خارج مخبز صغير في حي المعادي جنوب القاهرة في انتظار دورهم لشراء الخبز المدعم، وأكد لهم صاحب مخبز يُدعى شاكر أن "سعر رغيف الخبز المدعم "لا يزال على حاله"، مطالبا إياهم بعدم الكشف عن اسمه بالكامل".

وأضاف في حديث للمونيتور "قد يمر بعض الوقت قبل أن تطبق الحكومة رفع الأسعار"، هذا النوع من القرارات يستغرق أسابيع، بل شهورا قبل أن يتم تنفيذه، ولكن كلماته فشلت في تهدئة المستهلكين القلقين".

واشتكى مصطفى متولي، عامل نظافة قائلا "إذا ارتفع سعر الخبز، مش عارف هأكل عيالي إيه، إحنا مش بناكل غير العيش، يا ريت الحكومة ترحمنا".

وقالت فاطمة ميرغني، معلمة متقاعدة وحاملة بطاقة مسجلة "كنت في السابق أتكدس المواد الغذائية بحصتي الشهرية من 21 جنيها [1.34 دولارا]؛ أما الآن فإن الإمدادات التي أشتريها بأسعار مدعومة تقل كثيرا عن احتياجات أسرتي، على الرغم من أن الحصة تضاعفت".

وفي عام 2017، ضاعفت حكومة الانقلاب حصص الإعاشة المخصصة للملايين من حاملي البطاقات إلى 50 جنيها (3.18 دولارا) مقارنة ب 21 جنيها سابقا، لما يصل إلى أربعة أشخاص مسجلين في بطاقة حصص الإعاشة لأسرة واحدة، ولكن الإعانات الإضافية لم تفعل شيئا يذكر لتخفيف العبء على الفقراء والمحتاجين في مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية مثل الأرز وغيره.

وأضافت الميرغني في حديث ل"المونيتور" "إن رفع أسعار الخبز سيكون كارثيا أيضا هنعيش إزاي؟".

 

إلا رغيف العيش

وفي الوقت نفسه، قوبلت تعليقات السيسي بعاصفة من الإدانة من قبل المنتقدين على مواقع التواصل الاجتماعي المصرية. انتشر هاشتاج #إلا رغيف العيش بسرعة على تويتر في مصر، وتم نشر شريط فيديو للسيسي قبل عدة سنوات تعهد فيه في مقابلة تلفزيونية بثت على قناة سي بي سي بعدم المساس بسعر الخبز المدعم بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

في المقابل، نقلت شبكات إعلامية موالية للدولة عن شخصيات بارزة مثل أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، أنهم "يؤيدون قرار السيسي تأييدا كاملا، ونقلت صحيفة المصري اليوم عن كريمة قولها إن الخبز الزائد في المجتمعات الريفية يستخدم في صنع المشروبات الكحولية المحظورة".

وقال عطية حماد، رئيس شعبة المخابز في غرفة تجارة القاهرة، ل"المونيتور" إن "القرار تأخر كثيرا، وأنه خطوة تاريخية".

وأضاف "ظل سعر الخبز المدعم دون تغيير لعقود؛ كان يجب تعديلها كل 10 سنوات تقريبا، وأضاف أنها خطوة كنا ندعو إليها منذ فترة. لم تعد نوتة الأرز الخمسة مستخدمة أو صالحة، لذا كان من الضروري زيادة السعر".

يبقى أن نرى ما إذا كان السيسي سيمضي قدما في قراره، وما إذا كان المتضررون يعبرون عن مظالمهم من خلال إثارة الشغب كما حدث في الماضي، في تعليق ساخر على صفحته على فيسبوك، تساءل الإعلامي والمقدم السابق للبرامج الحوارية في التلفزيون حافظ المرازي "هل تغير المصريون أم أن احتجاجاتهم السابقة كانت مبنية على مساحة أو هامش للتظاهر؟ والاختلاف في الرأي لم تعد موجودة، وبالتالي، فإن المواطن لن يغامر بحياته لقلة العيش أو غلاء المعيشة ولكن حين يغيب العيش تماما فتصبح المغامرة بالعيش والحياة سواء".

                                  

https://www.al-monitor.com/originals/2021/08/egypts-president-slices-bread-subsidies