تتسارع وتيرة التطبيع إلى ما لانهاية، مع توغل مكشوف من الكيان الصهيوني للدول المُطبّعة معها خاصة مصر، أخر تلك التقارب ما كشف عن تقارير أعلنت عنه صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية، أن "وزير البترول في حكومة الانقلاب طارق الملا، ناقش في اتصال هاتفي مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية الخطط المستقبلية لنقل الغاز الإسرائيلي، إلى مصانع مصرية لتسييل الغاز الطبيعي لإعادة تصديره".
وقال بيان مشترك للطرفين، إن "الملا وكارين الحرارتناولا التعاون الجاري بين الجانبين في مجال الغاز الطبيعي والخطط المستقبلية فيما يخص استقبال الغاز الإسرائيلي لإسالته في مصانع إسالة الغاز الطبيعي المصرية لإعادة تصديره".
التعاون وصل إلى حدود بعيدة، إذ أن الوزيرين ناقشا أيضا التعاون في إطار منتدى غاز شرق المتوسط، وأكدا على ضروة وأهمية تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط لإطلاق إمكانات الغاز الكاملة في المنطقة.
ولم يفت على الطرفين الانقلابي والصهيوني الأمر، حيث نقل البيان عن الملا قوله إن "تعزيزالتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في مجال الغاز الطبيعي بين أعضاء منتدى غاز شرق المتوسط سيكون له تأثير جوهري وسيمتد ليتخطى منطقة شرق المتوسط".
بدورها وزيرة الطاقة الإسرائيلية قالت إن "مصر شريك مهم لإسرائيل في كافة المجالات، حيث يُكسب التقارب الجغرافي بالإضافة إلى تشابه الخصائص البيئية هذا التعاون في قطاع الطاقة أهمية كبيرة.. أتمنى أن يحقق هذا التعاون مع المهندس طارق الملا النجاح في الإستفادة من الإمكانات والخبرات لكل دولة بهدف الوصول لأمن الطاقة لكافة شعوب المنطقة".
بدء ضخ الغاز الإسرائيلي للشريك التابع
وفي منتصف يوينو 2020،بدأ،رسميا، توريد الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر، بموجب الاتفاق الموقّع بين الجانبين في خطوة وصفتها تل أبيب بـالتاريخية، وهو ما لا يثير الاستغراب، بالنظر إلى الفوائد التي يحققها الاتفاق لإسرائيل، برغم أن مصر تمتلك احتياطات هائلة كفيلة بتحويله إلى منافس ندّي".
وقتها وصف وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، "بدء إسرائيل ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر بـالخطوة التاريخية التي تعكس أكبر تعاون اقتصادي بين البلدين، منذ التوقيع على اتفاقية كامب دايفيد قبل أربعين عاما، معتبرا أن هذه الخطوة وغيرها من الخطوات أمرا مهما".
الاتفاق جزء من سلسلة خطوات تسعى إسرائيل إلى تحقيقها تباعا، في حين يكتفي الجانب المصري بوعود يتعذر تطبيقها. لكن الطرف الأميركي، الحاضر في كل ما يدور بين القاهرة وتل أبيب، حاضر دوما للعمل على تليين مصر، في حال عاندت الأخيرة، أو استعصى موقفها على الحل بالأداة الإسرائيلية. ويُعد الاتفاق، الذي يحوّل إسرائيل إلى مُزوّد بالغاز في سوق الطاقة الإقليمي، من أهم نجاحات تل أبيب في العقود الأخيرة. إذ أنه يؤمّن لها نقل جزء من غازها إلى القارة الأوروبية عبر منشآت التسييل المصرية، إلى جانب أنبوب غاز طموح تعمل عليه مع قبرص واليونان وإيطاليا لتصدير الجزء الآخر.
لماذا تحاول إسرائيل شراء مصانع إسالة الغاز بدمياط؟
في 18 فبراير عام 2018، وعقب توقيع شركة ديليك الإسرائيلية اتفاقا تاريخيا مع شركة دولفينوس المصرية، قال الملياردير الإسرائيلي، يتسحاق تشوفا، صاحب أكبر نصيب في شركة ديليك "نحن في طريقنا لتحقيق حلم إسرائيلي أن "نصبح دولة مصدرة للغاز لجيراننا العرب".
وتظل "مصانع الإسالة" في إدكو ودمياط الخيار الأرخص بالنسبة لمُنتجي الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، في حالة تطلعوا لتصدير الغاز"، بحسب جاسر هانتر، رئيس شركة شل في مصر.
بالفعل كشفت مجموعة ديليك الإسرائيلية، قبل نحو 6 أشهر، في تقريرها السنوي لعام 2018، أنها تدرس شراء حصصا من مصنعي إسالة الغاز في دمياط وإدكو، لأجل زيادة صادراتها.
ورأت وكالة بلومبرج في مارس الماضي، أن شراء نسبة من منشأة إدكو التي تسيطر عليها شركة رويال داتش الهولندية، أو منشأة دمياط التي تسيطر عليها شركة يونيون فينوسا الإسبانية، من بين الطرق الممكنة لإنجاح الصفقة المصرية الإسرائيلية لاستيراد الغاز.
مصنع إسالة دمياط
يُعرف باسم الشركة المصرية الإسبانية، ويُشار إليه اختصارا باسم SEGAS، وهو أول مصنع للتسييل في مصر تأسس في مارس 2002، وبدأ إنتاجه في نوفمبر 2004. وتمتلك شركة يونيون فينوسا الإسبانية وإيني الإيطالية نسبة 80% من المصنع، بينما تملتك الشركة القابضة للغاز الطبيعي (إيجاس) 10%، والهيئة العامة للبترول 10%.
مجمع الإسالة بإدكو
في حين يعد أكبر مجمع إسالة للغاز الطبيعي في مصر، ويتواجد على بعد 50 كم شرق الإسكندرية، وبدأ إنشاؤه في يناير 2002، وتُقدر التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو مليار و120 مليون دولار.
وتقول يونا فايسز، مدير العلاقات العامة بشركة ديليك جروب الإسرائيلية، للمنصة في رسالة لها عبر البريد الإلكتروني "لايمكن للشركة حاليا التعليق عن خطتها حول شراء حصص من مصنعي الإسالة سواء في دمياط أو إدكو".
لكن يكشف الموقع الإلكتروني لشركة ديليك عن وجود اتفاقية مع شركة شل في مصر، ماتزال تحت الدراسة.
ويصف حسن المرعشي، المتحدث الرسمي لشركة شل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شراء ديليك حصة في مصنع إسالة الغاز في إدكو، بـ "التكهنات والتوقعات"، لكنه رفض التعليق سواء بصحة أو نفي هذه المعلومة.
كما خاطبت المنصة شركة يونيون فينوسا المالكة لمصنع إسالة دمياط، سواء عن طريق البريد الإلكتروني، حيث تم إرسال 3 إيميلات رسمية لهم، وتواصلنا معهم هاتفيا، إضافة للتواصل مع مسئولي مصنع الإسالة في دمياط والمعادي، بعد اتصالات متكررة؛ لكن الشركة الإسبانية رفضت التعليق.
مصر ممر للغاز الإسرائيلي
وقبل عدة أشهر،توجهت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين الحرار، إلى مصر، في زيارة هي الثانية من نوعها منذ بداية العام الجاري. زيارة تشكل خطوة إضافية على طريق مساعي الكيان الصهيوني، المرعيّة أميركيا، في تثمير الغاز الإسرائيلي، في إستراتيجية بدأت نتائجها تتحقق بالفعل
تواصل إسرائيل، بمعية الولايات المتحدة الأميركية، تركيز نفسها في أحلاف مبنية على المصالح المشتركة بعيدا عن القضية الفلسطينية، التي نُزعت عن جدول أعمال هذه الأنظمة، لحساب تبعيتها وبقائها السياسي. وإسرائيل هي القطب الأمني والاستخباري في الحلف المتشكل في المنطقة، تريد تمديد قطبيّتها أيضا في قطاع الطاقة وتحديدا الغاز، على رغم الثروة العربية الغازية غير المحدودة، وهو مانجحت به حتى الآن مع عدد من الدول منها مصر والأردن والمغرب والإمارات والبحرين والسودان.