مع حلول الذكرى الثامنة لمذبحة رابعة، هناك البعض ممن أيدوا سفك الدماء المعصومة فى مذبحة رابعة شعروا بوخز الضمير فتراجعوا عن تصريحاتهم التي برّروا فيها قتل المعتصمين السلميين وسفك دمائهم، جرياً وراء روايات العسكر المختلَقَة، يقيناً منهم بأن التاريخ لايرحم، وأنه سيذكر يوماً ما : أن المصري قتل أخاه المصري بدم بارد، وبتحريض من إعلام مأجور وممول من الخارج، وأن المستفيد الوحيد من هذه المذابح هم العسكر .
وأن التاريخ سيذكر كذلك : أن هناك من هلل لقتل الأبرياء، وهناك من رقص على دمائهم، وهناك من برر ذلك بحجج ومزاعم واهية، بل هي أوهى من خيوط العنكبوت، وأنه مهما حاول الإنسان أن يقنع نفسه بأنه كان مُضَلَّلاً، أو عاجزاً أو كان مضطراً، وأنه لم يفعل ذلك بمفرده بل كان هناك كثيرون تم التلبيس عليهم .. فإنه يظل شاعراً بتأنيب الضمير لأنه شارك _ ولو بسكوته وإقراره _ فى سفك الدماء وأنه باع دينه بدنيا غيره .
وبعد انكشاف أكاذيب العسكر وألاعيبهم بحق الشعب، وبحق رموز ثورة يناير ،بتشويههم وشيطنتهم واتهامهم بالإرهاب والعمالة وغير ذلك من التهم الجاهزة والمعلبة لدى العسكر وإعلامهم؛ فقد بدأ البعض في مراجعة نفسه، والتبرؤ مما حدث. خاصة بعد أن تم تشويه رموز ثورة يناير جميعاً، وعدم الاكتفاء بتشويه الإسلاميين فقط .
بل شملت حملات التشويه شركاء مسرحية 30 يونية من خلال حملات تشويه ممنهجة تحت شعار "من ليس معى فهو ضدي" .
فتم اعتقال كثير من النشطاء الذين ظنوا أن المعركة ضد الإخوان فحسب، وأن العسكر حريصون على الحرية والديمقراطية !! ، أو أن العسكر بعد إسقاط الإخوان وحكم المرشد _كما زعموا _ سيسلمون لهم السلطة على طبق من ذهب، لكن فرقاء الثورة اكتشفوا ألاعيب العسكر وأنهم يمارسون لعبة "فرِّق تسُدْ" التى تمارسها القوى الاستعمارية .
كل تلك الممارسات دفعت كثيرا منهم لإعلان ندمهم على المشاركة في 30 يونيو 2013 ، ودعمهم حكم العسكر طوال السنوات الماضية .
فمنهم من سحب تفويضه، ومنهم من ندم على ملء استمارة تمرد، ومنهم من ندم على صمته على مذبحة رابعة وطلب من أهالى الشهداء أن يقبلوا اعتذاره .
وهذا شيء جيد ويحسب لهؤلاء ، لكن ذلك كله لا يكفي .
بل لابد لهؤلاء من أن يتخذوا خطوات إيجابية لفضح جرائم هذا النظام الانقلابي البغيض، وكشف سوأته ، فمن ندم حقاً فعليه أن يستتبع ذلك بفضح هذا النظام الانقلابي الدموي، وأن يجعلوا من الذكرى الثامنة لمذبحة رابعة أيقونة تجمع فرقاء ثورة يناير الذين فرقتهم الأهواء وألاعيب العسكر والدعايات الكاذبة .
وعلى هؤلاء أن يعوا جيداً أن مقاومة نظام الانقلاب وإسقاطه وإفشاله وفضحه يحتاج إلى تضافر جهود الجماعة الوطنية كلها على اختلاف مشاربها للقيام بحركة توعية شاملة، تحذر من خطر حكم العسكر الذي فرّط فى مقدرات الشعب وتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ، وفرط كذلك في حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، فضلا عن رعاية الفساد والمفسدين ومنح العسكر والشرطة والقضاء والإعلام امتيازات على حساب الفقراء والمعوزين .
لابد أن يعلم هؤلاء النادمون أن من قاموا بتعبئة الشعب وتحريضه على القبول بهذه المذبحة وتبريرها … ما زالوا يمارسون الدّجْل والخداع للتغطية على فشل النظام وجرائمه بحق الشعب، وما زالوا يتقاضون ملايين الجنيهات من دم الشعب المطحون، فضلاً عن "المشخصاتية" فاقدي الضمير والإنسانية الذين شاركوا _ ليس فقط فى تبرير القتل وسفك الدماء _ بل قدموا تبريراً لمزيد من الإعدامات الجائرة من خلال مشاركتهم فى أعمال درامية تثبت رواية النظام المختلقة فى تبريره لفض الاعتصام بالقوة لغسيل يد العسكر من دماء الشهداء !! .
ونسوق هنا شهادة الروائي "محمد الجيزاوي " ، المعروف بعدائه الشديد للإخوان، الذي نشر تدوينة مطولة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قال فيها "إن مصر إبَّان حكم مرسى أفضل بكثير من الوضع الذي تعيشه الآن" .
وعقد الجيزاوي مقارنات بين عهدي السيسي ومرسي ، انتهى فيها إلى أن سقف الحريات كان فى عهد مرسي لا حدود له ، عكس ما يحدث الآن ، وأن الجميع كان يتظاهر ضده دون المساس بهم ، ولم تكن هناك عمليات إرهابية" .
“مرسي اللى قلنا عليه رئيس ضعيف كانت الدول بتعمل حسابه ، وإسرائيل أوقفت ضرب غزة بعد كلمة منه ، بينما السيسي الجنرال القوي فإن الملك عبد الله (العاهل السعودي الراحل) استكثر عليه أن ينزل من الطائرة ، وبعث إليه ليأتيه في طائرته”.
ومع ذلك مازال بعض المغفلين يقول : أن مرسي فشل فى إدارة الدولة !! .
أما الذين مازالوا يصرون على نصرة الباطل وتأييد روايته وتبرير مذبحة رابعة وسفك الدماء .. فهؤلاء نقول لهم كما قال الشيخ سلمان العودة : “ألا أيها المستبشرون بقتلهم, أطلت عليكم غمّةٌ لاتفرّجُ”.