خبراء: رفع الدعم يؤدي لقفزات واسعة بالأسعار وزيادة الفقراء

- ‎فيتقارير

حذر خبراء واقتصاديون بشكل غير مباشر من خطط حكومة الانقلاب النابعة من توصيات المؤسسات المالية الدولية التي تقرضها ببرامج مختلفة والتي تهدف إلى خفض الدعم عن، الكهرباء والماء والتموين ورغيف العيش من المواطن ما يعني زيادة أعباء المواطن.


مخالفة بديهية
وتحدث نقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي في مقال بعنوان "الدول المتقدمة ترفعه ومصر تخفضه.. لماذا تخالف الحكومة الاتجاه العالمي في سياسات الدعم؟"، إن قيمة الدعم بالموازنة البريطانية عام 2020 بلغت نحو 102 مليار جنيه إسترليني، كما بلغت مخصصات الدعم بالموازنة الفرنسية بنفس العام 78 مليار يورو، كذلك بلغت مخصصات الدعم بالموازنة الألمانية 71 مليار يورو، وفي كندا بلغت مخصصات الدعم بالموازنة 81 مليار دولار كندي.

واستعان في أرقامه ببيانات صندوق النقد الدولي، وانتقل إلى مقادير مماثلة في أستراليا وبلجيكا ومخصصات الدعم بالموازنة الأمريكية وخلص منها إلى أن "الأرقام تشير إلى حضور استثنائي لمخصصات الدعم بموازنات الدول المتقدمة، في حين يمنُّ النظام على المصريين بوجود دعم بالموازنة وكأنه ينفرد بذلك الأمر بين دول العالم".

وأضاف أن "مخصصات الدعم بموازنات الدول المتقدمة السابقة عام 2020 بمخصصات الدعم عام 2019 بها، أي قبل ظهور فيروس كورونا، فقد زادت مخصصات الدعم عام 2020 في أستراليا بنحو عشرة أضعاف ونصف وفي كندا ثمانية أضعاف وفي إنجلترا بأربعة أضعاف ونمت بألمانيا بنحو 131% وفي بلجيكا بنحو 28% وفي فرنسا بنسبة 17%".

بينما انخفضت مخصصات الدعم بالموازنة المصرية بالعام المالي 2019/2020 بنسبة 20% عما كانت عليه بالعام المالي السابق لظهور كورونا، لتصل إلى 229 مليار جنيه مقابل 287.5 مليار جنيه بالعام الماضي، رغم التصريحات الحكومية بتخصيص مئة مليار جنيه للإنفاق لمواجهة كورونا.


رغيف العيش
وأشار الخبير الاقتصادي ممدوح الولي إلى "رفع سعر الخبز المدعم الذي ألمحت له الحكومة وجد امتعاضا لدى عموم المصريين الذين يعتمدون على الخبز كغذاء أساسي في وجباتهم الغذائية، خاصة مع وجود نسبة كبيرة من الفقراء وصلت إلى 30% من السكان البالغ عددهم 102 مليون نسمة تقريبا، وهي نسبة يتحفظ عليها المختصون، حيث إن قياسها تم قبل ظهور فيروس كورونا، وهو الفيروس الذي تسبب في زيادة عدد الفقراء وزيادة عدد حالات سوء التغذية، حسب بيانات جهاز الإحصاء الحكومي".

وأبدى الولي تعجبا من أن "الحكومة التي تسعى لخفض الدعم الغذائي المتضمن سلع البطاقات التموينية ودعم الخبز معا والذي يعد سندا أساسيا للفقراء، وسببا للسلام الاجتماعي والاستقرار الأمني مع سد الشعور بالجوع لدى ملايين الفقراء، ولا يمثل سوى نسبة تدور حول 6% من مصروفات الموازنة خلال السنوات المالية العشر الأخيرة، فإنها لا تهتم بنفس القدر بما تلتهمه فوائد الديون الحكومية من مصروفات الموازنة".

وأضاف أن "قيمة الدعم الغذائي البالغة 87 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي والتي يستفيد منها عشرات الملايين من المصريين، وتسعى الحكومة لخفضها خلال الفترة القادمة، تتضاءل قيمتها أمام مخصصات فوائد الدين بالموازنة البالغة 580 مليار جنيه بموازنة العام المالي الحالي وهذا بالطبع بخلاف قيمة أقساط القروض بموازنة نفس العام المالي والبالغة 593 مليار جنيه، ليبلغ مجمل تكلفة الدين بالموازنة من فوائد وأقساط 1 تريليون و173 مليار جنيه".

ومن استعراض أرقام الموازنة العامة لحكومة الانقلاب والتلاعب بها، خلص إلى أن "اتجاه نسبة 67% من الدعم بالموازنة لغير الفقراء، حيث يحصل المصدرون على نصيب من ذلك الدعم، وكذلك وزارة الإنتاج الحربي وأندية العاملين بوزارة المالية وكذلك نوادي الشرطة وحتى دول حوض النيل، ومن خلال رصد توزيع مخصصات الدعم بالموازنة تبين حصول كل الوزارات على نصيب منها مع اختلاف القيمة فيما لكل منها".


فشل وإفشال
وفي مقالة بعنوان"سياسات الدعم.. ضرورة اجتماعية أم حتمية مالية؟"، حمّل الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي الحكومات الفاشلة مثل حكومة الانقلاب والمؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد المسوؤلية عن الفشل".
فقال الصاوي "وفي ظل روتينية العمل الحكومي بالدول النامية، ليست هناك عمليات متابعة دقيقة لقاعدة بيانات المستفيدين من الدعم السلعي، فتتضخم فاتورته تضخما كبيرا بالموازنة العامة".
وأضاف "ليست فاتورة الدعم هي فقط من تثقل كاهل الموازنة العامة في الدول النامية، وليست هي المشكلة الوحيدة، ولكنها في ظل الأداء الروتيني تصبح معضلة قد يتصور من يتصدى لمعالجتها أن لا حل لها سوى إلغاء الدعم".
وعن دور المؤسسات المالية الدولية، أضاف أنها تطالب بضبط العجز بالموازنة العامة، وكذلك معالجة العجز بميزان المدفوعات فقط، من دون النظر إلى ما يترتب على سياساتها من أضرار اجتماعية، وتقترح على الحكومات تقليص الدعم السلعي أو التخلص منه بالكلية، نظير تقديم بعض المزايا الاجتماعية للمهمشين والفقراء".
وأبان أن "طرح المؤسسات المالية الدولية لا يراعي التبعات الاجتماعية، وتأثير عمليات تقليص أو إلغاء الدعم على الفقراء، فما يطرح من برامج للرعاية الاجتماعية عادة لا يغطي إلا شريحة محدودة من الفقراء والمتضررين من إلغاء الدعم، كما أن المبالغ المصروفة كمساعدات لبعض المتضررين لا تفي احتياجات أسبوع واحد في الشهر من الضروريات للأسر الفقيرة".
وأشار إلى أن "الواقع في مصر شهد تحقق تقليص الدعم السلعي أو إلغاؤه، كما حدث لدعم المياه والكهرباء وإلغاء الدعم لهما بالكامل، وتقلص دعم الوقود من 120 مليار جنيه إلى 18 مليار جنيه فقط".
وأشار إلى أن "هذا التقليص أو الإلغاء من دون الانتقال إلى الدعم النقدي، فإن النتيجة هي ارتفاع معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا، واتساع رقعة الفقر".
وأوضح أن "المساعدات المالية التي تدعيها الحكومة، فإنها تدخل ضمن "الإجراءات الهزيلة لما يسمى بالحماية الاجتماعية التي تقتصر فقط على صرف مساعدات مالية شديدة الضآلة" بعكس ما حدث في دول متقدمة تعطي معاش بطالة كأمريكا والبرازيل في عهد "لولا دا سليفا" حينما سعى إلى أن يكون لدى بلاده معدل فقر يصل إلى “صفر” خلال 8 سنوات".