مركز حقوقي يكشف ملابسات استشهاد “صالح بدوي” بسجن وادي النطرون ودفنه دون علم أسرته

- ‎فيحريات

كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن ملابسات وفاة المعتقل صالح صالح بدوي الذي مات و دُفن دون علم أسرته ضمن مسلسل الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب من قبل وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب دون محاسبة، بما يعكس الإصرار على المضي في نهج الانتهاكات التي تهدد استقرار المجتمع.

وكانت أسرة الشهيد صالح بدوي، الذي ارتقى نتيجة للإهمال الطبي في ظل ظروف الاحتجاز المأساوية قد أعلنت في 3 أغسطس الجاري 2021 عن وصول خبر يفيد بوفاته، دون معرفة مكان ولا تاريخ الوفاة أوملابساتها.

ووثقت الشبكة المصرية القصة الكاملة لما حدث مع الشهيد، منذ لحظة انتقاله للعلاج، حتى وفاته ودفنه في مقابر بشبين الكوم دون علم أسرته.

وقالت الشبكة إن "وفاة صالح بدوي وقعت بتاريخ 16 مارس 2021 في سيارة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة المصرية التي نقلته من المستشفى الميري بالإسكندرية في حراسة قوات الأمن إلى سجن 430 بوادي النطرون، وقد رفضت إدارة السجن استلام جثمانه، ليجري تحويل جثمانه إلى مستشفى شبين الكوم بمحافظة المنوفية، والتي استقبلته وأدخلته ثلاجة الموتى، ومكث بها قرابة خمسة عشر يوما، حتى صدر تصريح بدفنه، ليُدفن في مقابر شبين الكوم بالمنوفية".

وأشارت إلى أن "أسرته استطاعت أن تتعرف على مكان قبره الذي دُفن فيه،  بمدينة شبين الكوم بالمنوفية، بعد محاولات عديدة".

وذكرت أن "صالح بدوي مواطن مصري من قرية ناهيا بمركز كرداسة، في العقد السادس من العمر، وكان يعمل مشرف عمال في مدبغة للجلود، ومعتقل منذ سنتين تقريبا، وللمرة الثانية على ذمة القضية رقم  30 لسنة 2018 أمن الدولة العليا طوارئ، المعروفة ب 105 نظرا لعدد المتهمين على ذمتها من أبناء كرداسة وناهيا أو قضية "التظاهر والانضمام"، والتي اعتُقل على ذمتها العشرات من أهالي كرداسة وناهيا".

وتابعت أن "الضحية كان قد صدر حكم ضده بالسجن 5 سنوات،  وبعد قبول التظلم تم تخفيف الحكم إلى سنتين سجن، تنقل خلالها من سجن القناطر للرجال إلى سجن وادي النطرون 430".

وأكدت على "تدهور حالته الصحية بعد إصابته بمرض الكبد وفشل علاجه داخل محبسه أو في مستشفى سجن وادي النطرون ، وتم نقله  بتاريخ 4 مارس 2021 للعلاج في المستشفى الميري بالإسكندرية، وقد تكفلت أسرته بجميع مصاريف العلاج خلال فترة وجوده بالمستشفى".

وأضافت أنه "بتاريخ 14 مارس 2021، أجرى مكالمة تليفونية هي الأولى والأخيرة  مع أسرته، بسبب منع إدارة سجن وادي النطرون الزيارات عنه بالمخالفة للقوانين المحلية والدولية، التي تقر بحق السجناء المرضى في الزيارة، ومنها المادة 39 من قانون تنظيم السجون، التي تنص على "مراعاة أحكام قانون الإجراءات الجنائية، يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل، والاتصال التليفوني بمقابل مادي، ولذويه أن يزوروه مرتين شهريا، وذلك كله تحت رقابة وإشراف إدارة السجن ووفقا للضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية. وللمحبوس احتياطيا هذا الحق ما لم يصدر قرار من النيابة العامة المختصة أو قاضي التحقيق المختص بغير ذلك، وذلك وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية. وتعمل إدارة السجن على معاملة زائري المسجونين المعاملة الإنسانية وتكفل لهم الأماكن الملائمة للانتظار والزيارة".

أيضا ذكرت أنه "بتاريخ 16 مارس 2021، بعدما ساءت حالته الصحية، أرسلت إدارة المستشفى الميري بالإسكندرية تقريرا عن حالته المتأخرة إلى سجن وادي النطرون، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخباره تماما، حتى أعلنت أسرته وفاته بعد رحلة من المحاولات للتعرف على مكانه".

وأوضحت الشبكة أنه "وعلى مدار أشهر حاولت أسرته معرفة مكانه وطرقت في سبيل ذلك كل الأبواب؛ ومنها إدارة سجن وادي النطرون 430، التي تحدثت عن إرسالهم إشارة إلى مركز شرطة كرداسة بالقرية الذكية لإبلاغهم بوفاته، وأن القائمين على مركز شرطة كرداسة لم يبلغوا أسرته".

وظلت أسرة المعتقل تبحث عنه في المستشفيات، ومعاهد الكبد بالإسكندرية، وغيرها ولم يتم العثور عليه وبعد إلحاح حصلت على خطاب صادر يوم 16 مارس 2021 من المستشفى لإدارة سجن وادي النطرون يفيد بأن الحالة ميؤس منها وفي لحظاتها الأخيرة، فيما أنكرت إدارة السجن طوال الأشهر الماضية معرفتها بمكانه أو وفاته، وذلك بالمخالفة للمادة 37 من قانون تنظيم السجون، وتنص على "إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة وجب على إدارة السجن أن تبادر إلى إبلاغ جهة الإدارة التي يقيم في دائرتها أهله لإخطارهم بذلك فورا، ويُؤذن لهم بزيارته".

وإذا تُوفي المسجون يُخطر أهله فورا بنفس الطريقة وتسلم إليهم جثته إذا حضروا وطلبوا تسلمها، فإن رغبوا في نقل الجثة إلى بلده تُتخذ الإجراءات الصحية على نفقة الحكومة قبل تسليمها إليهم لنقلها على نفقتهم ولا يُسمح بنقل الجثة إذا كانت الوفاة بمرض وبائي. وإذا مضت على وفاة المسجون أربع وعشرون ساعة دون أن يحضر أهله لتسلم جثته، أُودعت أقرب مكان إلى السجن معد لحفظ الجثث، فإذا لم يتقدم أحد منهم لتسلمها خلال سبعة أيام من تاريخ الإيداع سُلمت إلى إحدى الجهات الجامعية".

وأكدت الشبكة أن "إدارة السجن والجهات المعنية بوزارة الداخلية لم تلتزم بالقانون وقامت بدفن الشهيد دون علم أسرته وحرمتهم من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه ومعرفة مكان قبره".

وما زاد من الجريمة هو أن إدارة سجن 430 ظلت طوال أكثر من 4 أشهر تتلاعب بأسرة المعتقل المُتوفى وتكتم خبر وفاته عنهم رغم سؤالهم المتكرر وذلك بالمخالفة لكل الأعراف الإنسانية والدستورية والقانونية، فمتى ومن يحاسبهم؟.