التشكيك فى الإسلام لمصلحة من؟

- ‎فيمقالات

فى حلْقة جديدة من حلَقات سلسلة اعتداء قائد الانقلاب على ثوابت الدين بزعم تجديد الخطاب الديني، قال قائد الانقلاب: "المصريون ورثوا الدين وليس لديهم رغبة في التأكد من حقيقة المعتقد ، وحينما نتحدث عن تجديد الخطاب الديني نواجه رفضًا وعدم رغبة في البحث، ويجب علينا تجاوز الخوف من التفكير في مسيرة البحث عن الحقيقة، وإعادة صياغة فهمنا للمعتقد الذي نؤمن به سواء كنا مسلمين أو مسيحيين".

وقال أيضًا: "إن قضية الوعي بمفهومها الشامل هى القضية الأهم التي يمكن تناولها من خلال الفن، سواء الوعي بالدين أو المعتقد".

وخلال مداخلة تلفزيونية قال: "القضية الأهم هي الوعي، خصوصًا الوعي بالدين، كلنا اتولدنا المسلم مسلم والمسيحي مسيحي، حد عارف إنه المفروض نعيد صياغة فهمنا للمعتقد الذي نؤمن به؟ ، فكرنا ولا خايفين نفكر؟، عندك استعداد تمشي بمسيرة بحث في المسار ده لتصل للحقيقية؟".

ومن المضحك المبكي في آنٍ واحد أن قائد الانقلاب اعتبر مايقوم به من تشكيكٍ في العقيدة وهدمٍ لثوابت الدين.. هو نوع من الإصلاح فى مناحي الحياة كافة، وأن تكلفة الإصلاح هائلة، يدفعها المصلح، ولا يمكن أن يكون المصلح محل رضا من الآخرين، حيث يتحدث عكس الطبيعة ومسار الناس، والإصلاح عمل الأنبياء والرسل"، ولكن هيهات هيهات أن يكون التشكيك فى العقائد وهدم ثوابت الدين إصلاحًا، بل هو الإفساد بعينه، والله لايصلح عمل المفسدين!! وكما قال أهل العلم: (العبد لا ‏يكون مؤمنًا إذا وقع في مثل هذا ‏الشك، فلا بد لحصول الإيمان أن ‏يكون العبد مصدقًا تصديقًا جازمًا ‏بمدلول شهادة: لا إله إلا الله محمد ‏رسول الله، كما قال تعالى: "إِنَّمَا ‏الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ‏ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ ‏وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ ‏الصَّادِقُونَ> {الحجرات:15} وقال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‏(أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول ‏الله، لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ غير شاكٍّ ‏فيهما.. إلا دخل الجنة) . فاشترط صلى الله عليه وسلم فى ‏دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنًا ‏بها قلبه، غير شاك فيها، وإذا انتفى ‏الشرط انتفى المشروط، وهذا أمر ‏في غاية الوضوح؛ فأصل الإيمان لا ‏يتحقق إلا بالتصديق الجازم، وكأن قائد الانقلاب يمهد لما يعرف بالدين الإبراهيمي الذي يزعم بأن هناك ثلاثة أديان متساوية ، وهي اليهودية والمسيحية والإسلام ، وأن كل أتباع الأديان الثلاثة مؤمنون يدخلون الجنة ؛ بالرغم من أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". والله تعالى قال فى كتابه العزيز :  "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" آل عمران (85).

وقال تعالى أيضاً : "وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " سورة البقرة (135).

إن هذا الكلام من قائد الانقلاب لم يكن من قبيل زلات اللسان، ولا الارتجال العفوي، ولكنه كلام مقصود للتشكيك فى عقائد المصريين وربطها بتجديد الخطاب الديني، وخطة ممنهجة لهدم ثوابت الدين بزعم تجديد الخطاب الديني؛ فالعقيدة ليست من الأمور التى يمكن التساهل فيها أو التلاعب بها بزعم تجديد الخطاب الديني كما يريد أهل الزيغ والضلال، ولكن كما قال أهل العلم : "أفضل العلم العلم بالله، وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التى توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه والتوكل عليه والصبر على قضائه وقدره والرضا عنه والانشغال به دون خلقه".

ومما يجعلنا على يقين أن هذه الدعوة ليست دعوة بريئة أنه لم يذكر اليهودية من قريب أو بعيد!! وأن هذه الدعوة ليست الأولى، بل سبق له أن قال إنه ظل خمس سنوات يبحث عن الدين الذي يعتقده، ولم يخبرنا عما وصل إليه خلال رحلة الشك هذه التي قام بها . كما سبق له أن طالب بحذف الآيات القرآنية والأحاديث من مادتي اللغة العربية والتاريخ بذريعة أنها تعمل على نشر الأفكار المتطرفة، والاستعاضة عنهما بتدريس مادة جديدة متضمنة القيم المشتركة بين الدين الإسلامي والمسيحية واليهودية، ومبادئ التسامح والعيش المشترك في التعليم الأساسي. وغالبًا مايكون وراء هذه الدعوات المشبوهة إملاءات خارجية بزعم تجفيف منابع التطرف ومحاربة الإرهاب!.

واللافت فى الأمر أن شيخ الأزهر التزم الصمت حيال هذا الهراء؛ فلم نسمع له صوتًا للرد على هذا التشكيك وتحذير الناس من هذه المخططات الهدامة التى يتبناها قائد الانقلاب؛ كما لم نسمع صوتًا لأدعياء السلفية ولا من حزب النور الذي تم تدجينه منذ زمن بعيد !! ولكن ثقتنا كبيرة في الشعب المصري وأنه ثابت على دينه مهما ضلله المضللون . (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).