تحليل “الجارديان” يتساءل: وهل يمكن تحرير فلسطين في وجود السلطة؟

- ‎فيتقارير
RAMALLAH, WEST BANK - APRIL 13: (----EDITORIAL USE ONLY MANDATORY CREDIT - "THAER GHANAIM / PALESTINIAN PRESIDENCY / HANDOUT" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS----) Palestinian President Mahmoud Abbas (C) holds the first cabinet meeting with the newly announced government at the Presidential Office in Ramallah, West Bank on April 13, 2019. Fatah Movement Central Committee member Muhammad Shtayyeh announced his new cabinet today alongside president Mahmud Abbas. (Photo by Thaer Ghanaim / Palestinian Presidency / Handout/Anadolu Agency/Getty Images)

ناقش مقال تحليلي نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية مستقبل المشهد الفلسطيني في ظل وجود السلطة الفلسطينية ودورها القمعي السلطوي ضد الشعب الفلسطيني. وانتهى التحليل إلى أن الحديث عن تحرير فلسطين في ظل وجود السلطة التي تتعاون أمنيا مع الاحتلال من جهة وتمارس كل هذا البطش والقمع بحق شعبها من جهة ثانية يجعل من مسألة التحرير شيئا مستحيلا.

وبحسب المقال الذي كتبته المحللة يارا هواري، الخميس 2 سبتمبر 2021م، والذي سلطت فيه الضوء على مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات في 24 يونيو 2021م جراء التعذيب الوحشي على يد أجهزة السلطة، فإن السلطة لم تقبل الانتقادات التي وجهها بنات للسلطة والتي دأب على مواجهة السلطة بها في معظم كتاباته منذ سنوات.

لكن المقال ينتقد بشدة ردود الفعل القمعية من جانب سلطة محمود عباس أبو مازن بحق آلاف الفلسطينيين الذين  خرجوا في الشوارع محتجين على قتل بنات ويطالبون بمحاسبة المسئولين عن مقتله. ووفقا للمقال فقد "كانت رسالة المتظاهرين واضحة، وهي المطالبة بمحاسبة قتلة نزار بنات وتحقيق العدالة لعائلته"، منوهة إلى أنه مع فشل مسؤولي السلطة الفلسطينية في تقديم إجابات، ومع عدم وجود استقالات رسمية وشيكة، تحولت الاحتجاجات إلى دعوة أوسع لإسقاط النظام.

قمع السلطة الوحشي أفضى إلى إخماد الاحتجاجات التي استمرت طوال شهر يوليو 2021م حيث قوبلت بالغاز والقنابل المسيلة للدموع والاعتقالات والقنابل الصوتية، وقام عناصر أمن يرتدون ملابس مدنية بمضايقة المتظاهرين والاعتداء عليهم، ولا سيما النساء. كما نفذوا اعتقالات جماعية للناشطين.

ويشير المقال إلى سخافة التهم الموجهة للمعتقلين والتي من بينها توزيع العلم الفلسطيني، "إثارة الفتنة الطائفية وإهانة السلطة".

ووفقا للمقال فإن السلوك الاستبدادي للسلطة الفلسطينية ليس جديدا أو مفاجئا، فقد قمعت السلطة منذ تشكيلها بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، العديد من الاحتجاجات، وغيبت الممارسة الديمقراطية، بإجراء آخر انتخابات عام 2006.

ويدين المقال الدعم الواسع الذي تلقاه السلطة من المجتمع الدولي وحكومة الاحتلال، وترى الكاتبة أن هذا الدعم على النحو الجاري يعني أن انتهاكاتها ليست مجرد قضية داخلية، وإنما جزء من نظام القمع الشامل مع الاحتلال الإسرائيلي". وقالت الصحيفة إن هناك علاقة تعاون وثيقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن الاستبداد المتزايد من السلطة، يجعلنا نفهم أن القمع السياسي هو جزء لا يتجزأ من الاحتلال. وختمت بقولها: "السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي يعتمد كل منهما على الآخر، فالأول يحتفظ بقبضته العسكرية على شعبه، والآخر للحفاظ على شعب فلسطيني مكبوت وغير مسيس، ذلك من الواضح أن الفلسطينيين لن يتحرروا من الاضطهاد الإسرائيلي تحت قيادة السلطة الفلسطينية".

وتأسست السلطة الفلسطينية في أعقاب اتفاق أوسلو سنة 1993م، وكان الهدف الرئيس من تأسيسها أن تتحول إلى شرطي لقمع الفلسطينيين في أعقاب فشل الاحتلال في مواجهة انتفاضة الحجارة التي  انطلقت في ديسمبر 1988م. وأريد بهذه السلطة أن تكون الحارس الذي يحمي الاحتلال من غضب الفلسطينيين الساعين إلى تحرير بلادهم.

لكن الأكثرة خطورة أن مسار أوسلو  صمم المنظومة الأمنية والسياسية والاقتصادية للسلطة بحيث تبقى دائما تحت رحمة الاحتلال والإدارة الأمريكية وما يسمى بالمجتمع الدولي؛ فالسلطة فعليا غير قادر على البقاء والاستمرار دون رعاية وكفالة من الاحتلال والإدارة الأمريكية؛ فهي لا تستطيع تحقيق أي اكتفاء ذاتي من جهة التمويل والغذاء والماء والكهرباء ولا حتى الحصول على المساعدات الدولية دون موافقة من حكومة الاحتلال، بل إن قيادت السلطة أنفسهم لا يملكون حرية الحركة داخل مناطق الضفة الغربية دون موافقة من أجهزة الاحتلال الأمنية. وعبر سنوات طويلة مضت تمكن الاحتلال من تكوين شبكة أو مافيا حاكمة  ترتبط  وجودا وعدما بالاحتلال تستمد منه القوة والنفوذ والسيطرة. وحتى لو أراد أبو مازن الخروج على هذه القواعد التي شارك في تكريسها فسوف يجد من داخل السلطة وأجهزتها الأمنية من يتمردون عليه إمعانا في خدمة أجندة الاحتلال، كما فعل هو من قبل مع ياسر عرفات؛ حيث بات ولاء كثير من هذه الطبقة الحاكمة أولا وأخيرا للاحتلال وليس للسلطة ولا حركة فتح فضلا عن قضية فلسطين التي تعد بالنسبة لهؤلاء مجرد بيزنس يحققون من ورائه ثروات طائلة.