“بوعزيزي” جديد ومظاهرات لمئات العاطلين.. هل حل قيس سعيد مشاكل التوانسة؟

- ‎فيعربي ودولي

برر دكتاتور تونس الجديد قيس سعيد انقلاب على الدستور والمسار الديمقراطي بقراراته الاستبدادية يوم 25 يوليو 2021م بوقف النزيف الحاصل في تونس وفشل الحكومة في حل مشاكل الجماهير الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية فيما يتعلق بمكافحة انتشار عدوى فيروس  كورونا. فجمد عمل البرلمان وأطاح بالحكومة وبات يتمتع بصلاحيات فرعونية مطلقة حيث يتحكم في جميع السلطات التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية بعدما منح نفسه صلاحيات النائب العام، في الوقت الذي يمارس هو فيه دور المحكمة الدستورية بعدما أعاق تشكيلها خلال الشهور التي سبقت انقلابه المشئوم.

فهل توقف النزيف التونسي؟ وهل جرى حل مشاكل المواطنين؟ ومنذ متى كان الاستبداد والانفراد بالسلطة طريقا لحمل مشاكل الناس؟ فالتجارب تؤكد أن كل طاغية يوظف حفنة من الشعارات الشعبوية لدغدعة مشاعر المواطنين بهدف الحصول على الوقت الكافي لتكريس حكمه الشمولي عبر التنكيل بخصومة أولا، ثم يشرع بعد ذلك في قهر الجميع دوون استثناء.

 

مظاهرة العاطلين

آخر المشاهد التي تبرهن على ذلك كانت المظاهرة التي نظمها مئات العاطلين عن العمل الإثنين 6 سبتمبر 2021م في شارع الحبيب بورقيبه أشهر شوارع العاصمة تونس، مطالبين بتوفير وظائف لهم، وتفعيل القانون المتعلق بالانتداب في الوظيفة العمومية.ونظمت الوقفة بمبادرة من تنسيقية "التشغيل حقي"، وشارك فيها محتجون من جميع المحافظات.

وأكدت عضو التنسيقية آمال عمري، أن "المطلب الأساسي هو تفعيل القانون الذي يهم من تجاوزت بطالتهم 10 سنوات، وتشغيل فرد من كل عائلة ممن فاقت أعمارهم 35 سنة، وكذا أصحاب الاحتياجات الخاصة. صدر القانون منذ أكثر من سنة، ولكنه ظل يراوح مكانه نتيجة مماطلات وتسويف الحكومة".

وأفادت بأن "التحركات لن تتوقف عند هذا الاحتجاج، بل ستكون هناك تحركات متصاعدة في حال عدم التعاطي الإيجابي مع الملف، فهناك من يعاني من البطالة منذ 20 سنة، وآخرون منذ أكثر من 10 سنوات، والجميع موجودون، والقانون يمس جميع الشرائح، وهو مطلب شعبي، ويجب أن يكون من أولويات الرئيس، لأنه يتعلق بأزمة الشباب التونسي، وتجاهل الملف يعني ارتفاع أعداد العاطلين، وتدهور الوضع المعيشي. أنا تخرجت سنة 2006، في اختصاص الشؤون القانونية، وأغلب الأعمال التي تحصلت عليها وقتية ضمن آليات هشة وضعتها الدولة".

وقالت منسقة التنسيقية بالقصرين أشواق عجلاني: "كان القانون يمثل بصيص أمل للعاطلين، لكنه تم تجاهله، ولم يتم إصدار الأوامر الترتيبية التي يجب أن ترافقه، وفي كل مرة يتم التأكيد على أن هذا الأمر مرتبط برئيس الحكومة، واليوم لا يوجد رئيس حكومة، ولا توجد حكومة". وأوضحت عجلاني أنه "من المفارقات رصد 10 آلاف انتداب ضمن موازنة 2021، والسنة تكاد تنتهي. الشباب نفد صبرهم وهم يشاهدون انهيار أملهم من حكومة إلى أخرى. أنا درست اختصاص فيزياء وكيمياء، ومع ذلك فبطالتي مستمرة، وكأنه يتم تعمد حرمان الخريجين من العمل رغم أن الملف عاجل، ويجب فتح ملفات الفساد في المناظرات التي حرمت الآلاف من الوظائف، ومحاسبة من يتلاعبون بمستقبلنا طيلة أكثر من 10 سنوات".

https://www.facebook.com/watch/7a9i7a9mo9ads/

 

بوعزيزي جديد

من جهة أخرى، لفظ الشاب التونسي ناجي الحفيان السبت الماضي 04 سبتمبر 2021م أنفاسه الأخيرة في مستشفى بالضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، وقال والده بشير الحفيان -لوكالة الصحافة الفرنسية- إن ابنه أضرم النار في نفسه الخميس الماضي جراء الظروف الاجتماعية القاسية التي تعيش فيها أسرته. وتذكر حادثة الشاب ناجي بحادثة محمد البوعزيزي، البائع المتجول الذي أضرم النار في نفسه في 17 ديسمبر 2010، وهو ما أطلق شرارة الثورة التونسية التي أنهت عهد الرئيس زين العابدين بن علي، وتلاها تفجر ثورات الربيع العربي في بلدان أخرى بالمنطقة.

وأصيب ناجي الحفيان (26 عاما) خلال ثورة 2011 برصاصة في الرأس وكان يبلغ حينها 16 عاما. وكان يقيم في حي الانطلاقة الشعبي في تونس العاصمة، وقالت شقيقته زهرة الحفيان إنه لم يتلق أي مساعدة من السلطات وشعر بتجاهل تام، رغم أن اسمه مدرج في القائمة الرسمية لجرحى الثورة. وكان والد المتوفى قد بعث قبل شهر رسالة إلى الرئيس قيس سعيد يشرح فيها وضع نجله ويطلب منه التدخل لمساعدة أسرته في مواجهة صعوبات اقتصادية كبيرة، غير أن الرئيس لم يرد على الرسالة.

 

بيان هزيل لمجموعة السبع

في سياق مختلف، طالب سفراء مجموعة الدول السبع بتونس، الإثنين 6 سبتمبر2021، دكتاتور تونس الجديد بـ"تعيين رئيس حكومة جديد في أسرع وقت ممكن، وإعادة البلاد إلى مسار دستوري الذي يكون فيه برلمان له دور بارز. وقد وقّع على هذا البيان المشترك سفراء كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وإيطاليا وكندا، ونُشر على الصفحة الرسمية للسفارة البريطانية في تونس.

جاء في البيان: "نؤكد مجدداً -نحن مجموعة السبع- التزامناً المستمر بالشراكة مع تونس، وهي بصدد تطوير الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية اللازمة قصد الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب التونسي لتحقيق مستوى معيشي أفضل، إضافة إلى إرساء حَوْكمة تتسم بالنزاهة والفعالية والشفافية". كما أضاف: "نحثُّ على سرعة العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز". وتابع: "كما نؤكد الحاجة الماسَّة لتعيين رئيس حكومة جديد حتى يتسنى تشكيل حكومة مقتدرة تستطيع معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس على الصعيدين الاقتصادي والصحي، وهو ما من شأنه أن يفسح المجال لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المُقترحة".

سفراء مجموعة السبع الكبرى وجهوا كذلك دعوة "إلى الالتزام العام باحترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لجميع التونسيين وباحترام سيادة القانون". كما حثوا على أهمية "إسراع الرئيس قيس سعيد، بتحديد توجه واضح يستجيب لاحتياجات الشعب التونسي". واختتم البيان بتأكيد التزام مجموعة الدول السبع "بإبقاء القيم الديمقراطية المشتركة مع تونس ذات أهمية محورية في علاقاتنا المستمرة".