إلغاء الديانة.. “حرية الإلحاد” لإسكات الغرب عن انتهاكات السيسي لحقوق الإنسان

- ‎فيتقارير

عندما يصبح النفي وسيلة لإثبات الأمر والتمهيد له، والتبشير بالحملات القادمة الهادفة لتمرير كارثة حرية الإلحاد في مصر، على الأقل من جانب مؤسسات  الدولة الرسمية، جاءت تصريحات وزير عدل الانقلاب النافية لحذف خانة الديانة من بطاقات هوية المصريين، لتؤكد ما يمكن أن يكون عليه الأمر في المستقبل.

ولعل ما يؤكد ذلك، ما كشف عنه موقع القاهرة 24 المقرب من المخابرات  السبت بأن "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقها السيسي تتجه لاستخدام عدد من التوجهات والسياسات بهدف دعم وتوسيع حرية الأديان والعقيدة في المجتمع المصري.

حيث  شدد السيسي على أنه "يجب أن نحترم حرية الاعتقاد وحرية عدم الاعتقاد، مؤكدا أن هذا لا يتعارض مع غيرته على دينه، وهو ما يتماشى مع ما أكد عليه السيسي في مناسبات عدة، باحترام حرية الملحد في أفكاره وعدم ترهيبه أو تكفيره".

و قال وزير العدل بحكومة الانقلاب عمر مروان "خانة الديانة في البطاقة الشخصية وسيلة قانونية مهمة لضمان الحقوق".

ولفت في مداخلة هاتفية على قناة صدى البلد أن "وجود خانة الديانة في البطاقة الشخصية أمر مهم، لأن المواطن المصري يحصل من خلالها على حقوقه في الزواج والطلاق والميراث، خاصة أنه لا يوجد قانون واحد يسري على جميع المصريين في كافة الأحوال الشخصية سواء للمسلمين أو المسيحين واليهود".

وشدد وزير العدل على أنه "لا يمكن إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية لأنها بمثابة مستند رسمي".

 

تأييد إعلامي 

وجاء حديث الوزير ردا على طلب الإعلامي المؤيد للانقلاب إبراهيم عيسى بشأن إلغاء خانة الديانة في بطاقات الرقم القومي. تصريحات عيسى، جاءت خلال جلسة حوارية حضرها السيسي السبت، على هامش إطلاق ما يسمى "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".

وقال عيسى "خانة الديانة شيء حديث جدا في مصر، فُرضت سنة 1956، لا أعتقد ونحن نتحدث عن الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أننا نبقي على خانة الديانة، المواطن يقف أمام الخدمة العامة والموظف والجهة الأمنية، لا علاقة للمسؤول ليعرف الديانة من عدمه".

وجاءت دعوى عيسى في سياق دعوى قضائية أقامها المحامي نجيب جبرائيل، الذي يُعرّف نفسه بمستشار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، طالب فيها بإلزام وزير الداخلية ومساعده لقطاع الأحوال المدنية بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي.

لم تكن دعوى جبرائيل هي الأولى، رغم أنها الأهم باعتبارها جاءت من محامٍ يعرف نفسه بمستشار الكنيسة المصرية، ما يعطي تعبيرا عن موقف الكنيسة، فقد سبقها عدد من الدعاوى أقامها محامون مصريون رفعت المطلب نفسه.

وأعادت الدعوى الجدل الذي هدأت وتيرته منذ عام 2018، بعد رفض اللجنة التشريعية والدستورية في البرلمان المصري، مشروع القانون الذي تقدم به النائب إسماعيل نصرالدين وقتها، لإلزام الحكومة المصرية بحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي.

تاريخ "الديانة" 

ويعود تاريخ خانة الديانة في مصر إلى عام 1958، بعد تأسيس الجمهورية وإلغاء الملكية، عندما تغير شكل البطاقة الشخصية وتم إصدارها من وزارة الداخلية وأصبحت البيانات بها: الاسم وتاريخ الميلاد والديانة والحالة الاجتماعية والوظيفة ومحل الإقامة وفصيلة الدم.

وتمتعت حرية الدين والمعتقد بالحماية القانونية في مصر منذ أول دساتيرها الصادرة في عام 1923، والمادة 64 من الدستور الحالي المعدل في 2019، تنص على "حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون".

ولعل إطلاق إستراتيجية السيسي لحقوق الإنسان، بمثابة المخدر الذي يضمن به السيسي وقف الانتقادات المتوالية لملف مصر في حقوق الإنسان، ويأتي ضمان حرية الاعتقاد والإلحاد بمثابة عربون محبة من السيسي للمؤسسات التنصيرية والدوائر الغربية خاصة الدينية، ذات التأثير الكبير على صانعي السياسات الغربية.

وعرفت سياسات السيسي إستراتيجية تقديم القرابين والأثمان الباهطة من أجل الرضا عن السيسي، فسبق وأن قدم مليارات مصر من العملات الأجنبية في صفقات سلاح لا قيمة ولا جدوى منها لإرضاء بارونات العسكرية والسياسة في فرنسا وألمانيا، وهو ما تكرر مع تيران وصنافير مع السعودية ودول الخليج قدم سيناء لإسرائيل تعربد بها خلف خطوط الجيش المصري، وقدم مساحات شاسعة من مياه مصر الإقليمية لقبرص واليونان، طلبا للدعم في الاتحاد الأوربي ونكاية في تركيا، وهو ما يؤكد أن الإلحاد وضمان حريته ثمنا لإسكات الانتقادات الأوربية والأمريكية عن انتهاكات السيسي.