تطوعوا لسد عجز المعلمين وتوفير الخدمات الصحية.. فلوس مصر في “العاصمة” و”العلمين”!

- ‎فيتقارير

تخريب التعليم يبقى العنوان الأبرز لسياسات قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في مصر، ففي الوقت الذي تُرصد فيه مليارات الجنيهات لإنشاء طرق وقصور رئاسية من موازنة الدولة، وشراء طائرات فارهة كـ"ملكة السماء" التي تصل تكلفتها نحو 500 مليون دولار، بلا فائدة أو مردود يعود على مصر، تواصل حكومة السيسي خفض مخصصات التعليم والصحة في الموازنة العامة، مما يقلص مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية المتدني بالأساس.
وفي الوقت الذي تنهال حكومة الانقلاب بالضرائب والرسوم والخصومات على رؤوس المواطنين لتمويل عجز الموازنة الناجم عن حرمان الموازنة من عوائد نحو 60% من اقتصاد مصر يسيطر عليها العسكر بالأمر المباشر، تواصل الحكومة أيضا تقليص الدعم التمويني ودعم الخبز ورفع أسعار الطاقة والوقود حسب الأسعار العالمية رغم تدني رواتب المصريين.
وكان كل ما يخص المواطن بات مغرما على الحكومة التي ترفع يدها عن الخدمات وحقوق المصريين بصورة فجىة، فنقص الخدمات الصحية في المستشفيات تجد دعوات التبرع والإتاوات الإجبارية عبر صندوق تحيا مصر لشراء اللقاحات، وفي التعليم وقبل أيام من انطلاق الفصل الدراسي الجديد، تعلن الحكومة رغبتها عن طلب متطوعين يعملون في التعليم بلا أجور أو رواتب، فيما تكتظ المقاهي والشوارع والشركات بمئات الآلاف من خريجي التربية والآداب والمتخصصين، الذين لا يجدون وظيفة فيلجأون للعمل في أي شيء كسبا للقمة العيش.
بالأمس، أصدر وزير التربية والتعليم طارق شوقي كتابا دوريا بشأن آليات وضوابط سد العجز في هيئة التدريس، استعدادا للعام الدراسي الجديد، ينص على فتح باب التطوع بالمدارس أمام حملة المؤهلات العليا التربوية، بغرض مساعدة المعلمين في تنفيذ المهام المكلفين بها.

 

شروط التطوع!
واشترط الكتاب التطوع في المدارس التي لا يوجد بها طلاب مقيدون على صلة قرابة بالمتطوع حتى الدرجة الثانية، وجواز الاستعانة بغير العاملين في الوزارة من حملة المؤهلات العليا للعمل بنظام الحصة، مقابل 20 جنيها كحد أقصى عن الحصة الواحدة، والصرف خصما من بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بموازنة مديرية التعليم في المحافظة، وفي حدود الموارد الذاتية المتاحة بحسابات أنشطتها التعليمية.
وأرجع الوزير قراره إلى سد العجز في أعداد المعلمين في الحالات القصوى، بشرط ألا تزيد فترة الاستعانة بالمتطوع عن 11 شهرا خلال العام الواحد، ومراعاة عدم تحميل الموازنة العامة للدولة أعباء مالية إضافية نتيجة الاستعانة بهؤلاء المتطوعين، وتوافر مؤهلات علمية تتناسب مع طبيعة الوظيفة التي سيشغلونها.
وشدد الكتاب الدوري على الأخذ في الاعتبار تصنيف المقبولين وفقا للمواد الدراسية، والتوزيع الجغرافي قبل الاستعانة بهم، والتأكيد عليهم بعدم المطالبة مستقبلا بالتعيين في وزارة التربية والتعليم، وبحث الموقف الأمني للمرشحين للعمل بنظام الحصة، أو بنظام التطوع عن طريق مديرية التعليم قبل العمل.
يأتي قرار الوزير لاستكمال تخريب التعليم أكثر مما هو عليه الآن، إذ أن المتطوع إن وجد في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي يعايشها المصريون حاليا، أمرا صعبا سيكون تركيزه هو الدروس الخصوصية كأمر طبيعي لسد حاجياته المعيشية، ناهيك عن تدني مستوى المتطوعين أو من يعملون بالحصة تدريسيا وتربويا نظرا لعدم خبراتهم أو خضوعهم لتدريب أو ممارسة مهنية مسبقة، ما يؤثر سلبا على العملية التعليمية.

لماذا لا يتم تعيين خريجي التربية؟ 
وهذا السؤال يبدو حتميا إجابته من قبل نظام السيسي التخريبي، لأن خريجي التربية والآداب المتخصصين بالتعليم، عاطلين عن العمل منذ 1999 بعد أن رفع الوزير التكليف عن خريجي التربية، ومن وقتها لا يتم تعيين إلا غير المتخصصين من خريجي الدبلومات وغير المتخصصين بالتدريس عبر الفساد والرشاوى والمحسوبية، وهو ما يؤثر بلا شك على مخرجات التعليم.
وتستهدف حكومة الانقلاب التخلص من مليوني موظف على الأقل من العاملين في الجهاز الإداري، علما أن العدد الحالي للموظفين الحكوميين هو 5 ملايين و800 ألف موظف تقريبا، منهم 5 ملايين في الجهاز الإداري الأساسي، و800 ألف يتبعون قطاع الأعمال العام المكون من الشركات القابضة والتابعة التي تديرها الحكومة، وتساهم فيها مع مستثمرين آخرين.
وتمثل خطوة تعيين المتطوعين رسالة ضمنية بأن النظام لن يتحمل أية أعباء للتعيين أو التوظيف حتى وإن وصل إلى التفريط في العملية التعليمية برمتها، نظرا لأن الحكومة مشغولة بمشروعاتها الفنكوشية الأخرى التي تبتلع الموازنة كالعاصمة الإدارية والجلالة والعلمين والقطار السريع والتليفريك وغيرها من المشاريع الترفيهية التي يرى بها السيسي التباهي وجذب أنظار العالم.
ولعل من يدفع ثمن سياسات حكومة الانقلاب هو الشعب الغلبان الذي لا يستطيع أن يُلحق أبناءه بمدارس خاصة، أو يوفر لهم دروسا خصوصية  توفر لهم تعليما معقولا، وهكذا تسير مصر للخراب، وذلك وفق مؤشرات جودة الحياة، حيث تحتل مصر المرتبة الأخيرة في مؤشر جودة التعليم الذي أصدرته مؤخرا منظمة الشفافية الدولية.