ورقة بحثية تتساءل: لمصلحة من تغيير العقيدة القتالية للجيش؟

- ‎فيتقارير

قالت ورقة بحثية بعنوان مناورات «النجم الساطع» وأبعاد الدور الأمريكي في تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري إن "تطابقا في الرؤى والتصورات بين كبار قادة الجيش في مصر مع رؤى وتصورات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؛ يمثل انعكاسا لمدى الاختراق  الأمريكي الإسرائيلي للصفوف العليا في الجيش المصري منذ اتفاقية «كامب ديفيد» 1979م.
وأوضحت أن "الجيش يتلقى مساعدات عسكرية من وشنطن قدرها “1.3” مليار دولار سنويا، كما يتلقى معظم القادة الكبار في الجيش دورات تدريبة ومحاضرات في الولايات المتحدة منذ أربعة عقود ليس فقط للتعرف على أفكارهم وتوجهاتهم بل لتشكيل عقليتهم بما يضمن حماية المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة؛ وهو ما أسفر عن هذا الاختراق الواسع".
وأفادت أن "واشنطن أدركت أن السيطرة على الجيش تعني السيطرة على مصر؛ وبالتالي فإن حماية المصالح الأمريكية في مصر تتم بشكل مباشر من خلال التحالف الوثيق مع الجيش وهي العلاقة التي لا يمكن معها  استبعاد تجنيد أمريكا لقادة كبار بالجيش لحساب أجندتها، التي ترى في حماية إسرائيل أساسا وبوصلة للسياسات الأمريكية في مصر والمنطقة".

المؤسسة المخطوفة
وخلصت الورقة التي نشرها موقع الشارع السياسي إلى أن "معنى ذلك أن المؤسسة العسكرية مخطوفة ويتم استخدامها لاختطاف مصر نفسها ولا بد من تحريرها، وحكم الجنرالات هو شكل من أشكال الاحتلال بالوكالة الذي يتعين على كل مصري غيور على هذا الوطن أن يقاومه بكل ما يملك ما استطاع إلى ذلك سبيلا".
وأبانت أن "المؤسسة العسكرية المصرية تعطي لديمومة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي أولوية مطلقة على تأسيس علاقة ثقة متبادلة وقوية مع الشعب المصري، حتى بات تطوير العلاقة مع إسرائيل وتعزيز التحالف معها في جميع الملفات السياسية والاقتصادية ، وحماية المصالح الأمريكية في مصر والمنطقة من ثوابت الأمن القومي المصري".
وأضافت أن "تصورات السيسي والمقربين منه من كبار الجنرالات تقوم على اعتبار أن أي تحولات سياسية أو اجتماعية  تحدث في مصر تفضي إلى زعزعة هذه العلاقة، أو تضعفها؛ هي في حد ذاتها تمثل تهديدا للأمن القومي المصري؛ وعليه فإن السيسي وكبار الجنرالات تعاملوا مع ثورة يناير وإقامة نظام ديمقراطي في مصر باعتباره مسارا  شاذا يهدد الأمن القومي المصري؛ بمقدار ما يهدد العلاقة مع إسرائيل وأمريكا".

تحولات العقيدة القتالية 

واعتبرت الورقة أن "أهم مظاهر تحولات العقيدة القتالية هو الحرب على الهوية الإسلامية، تحت لافتة ما تسمى بالحرب على الإرهاب، وهو توجه يقوده السيسي منذ انقلابه في يوليو 2013م واغتصاب الحكم بقوة الجيش، يبرهن على ذلك  أن السيسي في أول حوار صحفي له مع الواشنطن بوست، بعد مرور شهر واحد على انقلابه العسكري، أكد للصحفية (ليلى ويموث) أنه ما قدم إلى الحكم إلا لإجهاض المشروع الإسلامي الذي أراده الرئيس “محمد مرسي”، حيث قال نصا “لو كان الانقلاب عليه لفشله، كنا صبرنا عليه لانتهاء مدته، ولكنه أراد إحياء المشروع الإسلامي والخلافة".
واستشهدت الورقة بلقاء آخر للسيسي في 2014م مع فضائية “العربية” قال نصا “لن يكون في مصر قيادات دينية ولن أسمح بذلك (يقصد في مؤسسات الدولة العليا)، فأنا المسئول عن الأخلاق والقيم والمبادئ، ثم أكمل قائلا والدين أيضا”.
وفي استشهاد ثالث أوضحت أن "الهدف من هذه التصريحات خلال الندوة التثقيفية رقم 24 التي نظمتها القوات المسلحة عن خطر الإرهاب  تحت عنوان “مجابهة الإرهاب- إرادة أمة”، وبدأت بفيلم تسجيلي تحت عنوان حرب وجود، في فبراير 2017م، عندما شدَّد السيسي أنه لن يسمح لأي شخص متدين بأن يتبوأ أي منصب داخل الجيش أو الشرطة، وأنه يطرد كل من له توجهات دينية من الجيش أو الشرطة".
وفي استشهاد رابع قال إنه "في 2017م كان السيسي أكثر وضوحا في التعبير عن عدائه لكل ما هو إسلامي حين  صرَّح لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية المعروفة بتوجهاتها المتطرفة أنه لا مكان للدين في الحياة السياسية بعهده".
وفي استشهاد خامس قالت إنه "في مناورات تدريبية للجيش يوم الأربعاء 20 يوليو 2016م خلال حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة الكلية الجوية، وكانت الصدمة المدوية أن  التدريب الأساسي لهؤلاء الطلاب المتخرجين حديثا من القوات الجوية  هو استهداف مجسم لمسجد بكامل تفاصيله،
وأبانت أن السيسي خلال سنة 2020م، أمر الجيش بشن حرب ضد مئات المساجد بدعوى أنها بنيت بالمخالفة للقانون، وشوهدت لوادر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهي تدمر عشرات المآذن والقباب رغم أن السيسي سن قبل ذلك بسنوات القانون رقم 80 لسنة 2016م من أجل تقنين الكنائس المخالفة؛ فلماذا لا يتم التعامل مع المساجد المخالفة كما يجري مع الكنائس المخالفة؟ لماذا تهدم المساجد وتقنن الكنائس؟ لماذا هذا الاضطهاد الديني ضد المسلمين في بلد يفترض أنه مسلم وينص دستوره على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع؟، بحسب الورقة".

العدو الأصيل
وأشارت إلى أن "أبرز تحولات العقيدة القتالية تمثلت في استبعاد إسرائيل كعدو أصيل واعتبار الحركات الإسلامية والثورية هي التهديد الأكبر للدولة المصرية، مؤكدة أن ذلك يتزامن مع انقلاب أكبر يتعلق بتغيير هوية المجتمع ذاته؛ وفي يوليو 2018 كلف زعيم الانقلاب القوات المسلحة بتنبي ما أسماه بمشروع الهوية المصرية".
واستشهدت الورقة بدراسة ل«مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» في 28 يناير 2019م، أعدها الباحثان عوفر فنتور وأساف شيلوح، بعنوان «هوية مصر في عهد السيسي: السمات المميزة للإنسان المصري الجديد» يشيدان فيه بهذه الخطوات غير المسبوقة؛ حيث تناولت الدراسة مظاهر ومآلات الحملة الواسعة التي يشنها نظام السيسي من أجل إعادة صياغة الهوية الوطنية لمصر؛ من خلال السعي أولا  لتقليص مركبها الإسلامي والعربي، وثانيا احتواء سماتها الثورية، وثالثا العمل على بناء جيل مصري جديد يكون أكثر استعدادا للاصطفاف حول الأجندة التي يفرضها النظام، إلى جانب أنها ترمي رابعا إلى تحسين صورة النظام في الخارج".
واسترشدت الورقة ثانيا بتقرير موقف لنفس المعهد الصهيوني في 2018م، أعده رئيس المعهد الجنرال احتياط عاموس يدلين إلى الرئيس الإسرائيلي إلى استبعاد مصر من التهديدات التي تواجه إسرائيل والتي تلخصت في التهديدات الشمالية القادمة من إيران وحزب الله والجنوبية من حماس وحركات المقاومة، والثالث من تنظيم داعش المتآخم للحدود الإسرائيلية، بينما بقيت الحدود المصرية في الجنوب والشرقية مع الأردن هي الأكثر هدوءا ولا  تمثل أي تهديد لدولة الاحتلال".

عقيدة التفريط
ومن ابرز عناصر التحول في العقيدة القتالية للجيش بحسب الورقة توريط السيسي الجيش بالقبول بالتفريط في سيادة مصر على جزيرتي “تيران وصنافير” في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، رغم أن الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء والمرشح الرئاسي السابق والقائد السابق للقوات الجوية، فأكد أيضا مصرية تيران وصنافير، وحذر من مغبة التفريط في التراب الوطني بهذه الطريقة، أما الفريق مجدي حتاتة رئيس أركان القوات المسلحة وقائد الحرس الجمهوري سابقا أكد أن “جزيرتي تيران وصنافير” مصريتان وقال “أبدا لم تكن ولن تكون إلا مصرية، حقيقة عرفتها كمقاتل وتأكدت منها كقائد، تيران وصنافير مصرية عاشت مصر حرة مستقلة.

https://politicalstreet.org/4426/?fbclid=IwAR3EciXIN7t0XyAjgaEPdodhTLHuXLlBNZU-y2VDzSLmuyOMo9lTaCTkxY4