دراسة: مواقف الأمريكان بملف حقوق الإنسان في مصر أكذوبة كبرى

- ‎فيتقارير

برهنت دراسة بعنوان "أين تقع الديمقراطية وحقوق الإنسان في ملف العلاقات الأمريكية ـ المصرية؟" أن أكبر برهان على أن المواقف الأمريكية من الملف الحقوقي في مصر أكذوبة كبرى، هو ما حدث من إدارة باراك أوباما من انقلاب 3 يوليو 2013م، من مواقف وتصريحات، ثم عودة طبيعية كاملة للعلاقات في يناير 2014، وأن أحاديث واشنطن عن حقوق الإنسان "هي مجرد شعارات ترفعها واشنطن لتحقيق هدفين، الأول هو الحفاظ على صورتها أمام العالم باعتبارها ـ وفق التصورات الأمريكية والغربية ـ راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، والثاني هو ابتزاز النظم المستبدة لتقديم تنازلات ترغب فيها واشنطن، وهي عادة ما تكون مطروحة في مباحثات سرية داخل الغرف المغلقة مع هذه النظم، بحسب الدراسة.

وأضافت الدراسة التي نشرها موقع الشارع السياسي أنه "من أولويات الإدارة الأمريكية ألا تكون هناك ديمقراطية بالمعنى الحقيقي لها في مصر، لأن ذلك من شأنه أن يفضي إلى وجود نظام سياسي لا يلبي المصالح الأمريكية وعلى رأسها حماية أمن إسرائيل؛ ولعل هذا يفسر الدعم الأمريكي لانقلاب 3 يوليو والإطاحة بالديمقرطية المصرية الوليدة التي كانت حلما لملايين المصريين.

المصالح ولا غيرها
وخلصت الدراسة إلى أن "الهدف الشامل الذي تخدمه المصالح  الأمنية الأمريكية هو الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة على منطقة الشرق الأوسط، مهما كانت التكاليف والإخفاقات".
وقالت "يربط الأمريكيون المعارضون تلك المبررات حول الدعم العسكري والسياسي الأمريكي للحكومات المستبدة في المنطقة بالنهج الفاشل نفسه للتدخلات الأمريكية التي أدت إلى الحروب في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن".

وأكدت الدراسة أن "الديمقراطية الأمريكية المبنية على الأكاذيب والاستثناءات، على غرار الأكاذيب والاستثناءات التي تُديم دعم الإدارة للأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط، مشددة على أن هذا النفاق سيكلِف الولايات المتحدة خسارة معركة الديمقراطية التي ترفعها، لأن أحدا لن يشتري الشعارات التي يخونها أصحابها".
وأشارت إلى أن "الجميع بات يطرح السؤال الواضح، إذا كانت الديمقراطية الأمريكية ترى نفسها مضطرة إلى الاعتماد على سياسة خارجية تدعم دعما حثيثا أنظمة الاستبداد والفصل العنصري ومرتكبي جرائم الحرب والفظائع، فما هي بالضبط الميزة التي تقدمها الولايات المتحدة كاختلاف عن غيرها من النظم والحكومات الرديكالية في روسيا والصين وغيرها؟.

قواعد العلاقة
وأفصحت الدراسة أن "القاعدة الذهبية التي تحكم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر، هي العلاقة مع إسرائيل، فواشنطن تسعى في المقام الأول إلى أن تضمن وضعا مصريا لا يمثل تهديدا لدولة الاحتلال. وبالتالي فإن الاعتبار الإستراتيجي الأهم بالنسبة للإدارة الأمريكية سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، هو علاقة مصر مع إسرائيل، وأن له الأولوية إذا تعارض مع أهداف أخرى معلنة للسياسة الأميركية مثل دعم التحول الديمقراطي أو حقوق الإنسان".
وأوضحت أنه "عندما تعارض الهدفان أمن إسرائيل والديمقراطية، ضحت أمريكا بالديمقراطية من أجل ضمان وجود نظام مصري ــ حتى لو كان عسكريا قمعيا ــ  ما دام لا يمثل تهديدا لإسرائيل، معنى هذا أن الديمقراطية غير مُرحب بها أمريكيا وربما أوروبيا في مصر؛ لأنها في جوهرها تمثل تحريرا للإرادة الشعبية وإعلاء لها في ظل سياق يؤكد أن الوعي الجمعي المصري لا يرحب بإسرائيل ولا بالعلاقات الحميمة التي يتبناها النظام العسكري معها".

كواشف بايدن
الدراسة جاءت لتقول إن "الرئيس بايدن وإدارته، لاسيما وزير خارجيته بلينكن مستشار الأمن القومي الأمريكي، وعدوا وأخلفوا وعدوا بأنه ستتم محاسبة ديكتاتور ترامب المفضل عبدالفتاح السيسي ومراجعة الملفين الحقوقي في مصر والسعودية وأن العلاقات لن تكون كما كانت في الوقت السابق زمن ترامب".
وقالت الدراسة "وعندما فاز بايدن بالرئاسة، ماذا جرى؟ وأين ذهبت هذه الوعود؟ وأجابت بخمس خطايا كاشفة لهذا الموقف المنافق.

  • أولا، في فبراير 2021م، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة صواريخ ومعدات عسكرية لمصر، تقدر بنحو 197 مليون دولار، بحسب تقرير واشنطن بوست، لكن في مارس شاركت واشنطن في البيان الذي وقع عليه 31 دولة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس 2021م وهو البيان الذي نتقد الانتهاكات الحقوقية في مصر، وحض سلطات الانقلاب على التوقف عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين والحقوقيين والصحفيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.
  • ثانيا، تعامل بايدن مع السيسي باستنكاف كبير، ولم يعره اهتماما على مدار نحو 4 شهور كاملة رغم أن السيسي كان أول زعيم عربي يهنئ بايدن بفوزه بالرئاسة، حتى اندلعت الحرب في فلسطين في مايو 2021م، ونجحت الوساطة المصرية في التوصل إلى وقف إطلاق النار وتهدئة هشة، ما دفع بايدن إلى مهاتفة السيسي وتقديم الشكر له على جهوده في استقرار المنطقة، بعدها بأيام هاتف بايدن السيسي مجددا وتناقش معه حول ملف حقوق الإنسان، لكنه كان قد وقع بالفعل على تسليم النظام المصري نحو “410” ملايين دولار من المساعدات كانت متبقية من عهد ترامب.
  • ثالثا، استمرت إدارة بايدن في تعاملها مع القاهرة كما هو معتاد، ومنحت حازم الببلاوي، رئيس أول حكومة للانقلاب، حصانة من المساءلة أما المحاكم الأمريكية بدعوى أنه مندوب مصر في صندوق النقد الدولي، وفي سبتمبر 2021م قضت محكمة أمريكية بعدم الاختصاص في البت في دعوى الناشط  الأمريكي من أصول مصرية محمد سلطان ضد الببلاوي، بسبب حصانة الببلاوي بموجب إعلان رسمي قدمته الإدارة الأمريكية.
  • رابعا، اكتفت إدارة بايدن في سبتمبر 2021م،  بحجز 130 مليون دولار  من أصل 300 مليونا كانت مجمدة من المساعدات العسكرية الأمريكية للجيش المصري للضغط من أجل تحسين ملف حقوق الإنسان، بعد ثلاثة أيام من إعلان السيسي ما تسمى بالإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف تجميل صورة النظام أمام واشنطن.
    واعتبر كثيرون قرار إدارة بايدن استمرارا لسياسات واشنطن في دعم الطغاة والمستبدين والمضي على طريق ترامب بمنح “دكتاتوره المفضل” شيكا على بياض لمواصلة القمع والتعذيب، وهناك توقعات بأن تفرج واشنطن عن الـ130 مليون دولار المحتجزة خلال الأسابيع والشهور المقبلة، وشاركت واشنطن كالمعتاد في مناورات النجم الساطع في سبتمبر 2021م مع الجيش المصري وهي المناورات التي يتم التدريب فيها على مواجهة الإرهاب.
  • خامسا، بعيدا عن الوعود التي قطعها بايدن خلال حملته الرئاسية بشأن عدم منح دكتاتور ترامب المفضل شيكات على بياض، فإنه يتعين التنويه إلى مواقف بايدن السابقة وأبرزها أنه كان ضمن فريق عواجيز إدارة أوباما الذي ضم بايدن، نائب الرئيس وقتها، وهيلاري كلينون وزير الخارجية، ووزير الدفاع روبرت جيتس وآخرين، وكان هؤلاء يدعمون بقاء مبارك ولا يرحبون بالثورة الشعببية ضد نظامه بوصفه حليفا وثيقا لواشنطن، وخلال أيام الثورة نفى بايدن أن يكون مبارك ديكتاتورا، ورد في مقابلة مع برنامج ساعة إخبارية News Hour أنه يعرف مبارك جيدا، وعندما سأله مقدم البرنامج جيم ليرر، عن وصف مبارك بالدكتاتور. قال بايدن «مبارك كان حليفا لنا في العديد من القضايا، وكان حليفا مسئولا، ولن أصف مبارك بأنه ديكتاتور".

 

https://politicalstreet.org/4422/%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d9%85/