قالت ورقة بحثية بعنوان "دمج الاقتصاد غير الرسمي الأهداف والمآلات" إن "نظام السيسي لا ينظر إلى تسجيل وتقنين الاقتصاد الموازي من باب تنميته ودعمه كواجب على الدولة في إزالة القيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية التجارية والصناعية كما تفعل الصين والهند، ولكنه ينظر إلى حجم الأموال التي سيُجبيها والتي تقدر بين 400 إلى 800 مليار جنيه سنويا.
وأوضحت الورقة أنه من شأن هذه الأرقام المَهولة تحسين مؤشرات الأرقام الرسمية للاقتصاد المصري أمام المجتمع الدولي، ومؤسسات التمويل الدولية.
وأضافت الورقة التي نشرها موقع الشارع السياسي، أن ضم القطاع غير الرسمي لمنظومة الاقتصاد القومي سوف يؤدي إلى زيادة الموارد من ضرائب، تأمينات، رسوم، وغيرها بنسب تعادل نسبة مساهمته في الاقتصاد أي زيادة موارد الدولة بحوالي 40% دفعة واحدة ومن خلال قنوات موجودة على أرض الواقع بالفعل.
زيادة الضرائب
واعتبرت الورقة البحثية أن زيادة الضرائب دليل على أنه هدف السيسي الأهم من عملية الدمج، مشيرا إلى تصريحات وتقارير رسمية وقريبة من دوائر صنع السياسات المالية قالت إن "حكومة الانقلاب تعتزم تحصيل ضرائب تبلغ قرابة تريليون جنيه (الدولار يساوي 15.75جنيه)، بحسب بيانات الوزارة لموازنة العام المالي 2021-2022 بزيادة نحو 18.3 % عن العام الماضي، أو ما يعادل أكثر من 73 % من إجمالي الإيرادات البالغة نحو تريليون و365 مليار جنيه، وفق أرقام الموازنة العامة للعام الحالي(2021/2022) لافتة إلى أن تلك الإجراءات العنيفة يدفع المزيد من البشر نحو الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يعتبر رد فعل عكسي.
تراجع الإيرادات
أما الدليل الثاني الذي يؤكد هدف السيسي بجمع الضرائب هو أن الإيرادات المتوقعة للدولة من الاقتصاد الرسمي أضحت مهددة في ظل التوقعات باستمرار تداعيات فيروس وعدم قدرة اللقاحات المتنوعة على الحد من انتشاره.
وأشار في هذا الصدد إلى تراجع إيرادات الدولة من السياحة وقناة السويس وصادرات الغاز وكذلك تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وهي الإيرادات التي يسعى النظام إلى تعويضها من خلال دمج الاقتصاد الموازي".
نفور من التقنين
والدليل الثالث الذي تحدثت عنه الورقة، هروب المصريين من عمليات التقنين والتسجيل والتعاملات الرسمية لعدم الثقة في النوايا الحكومية والتعاملات البيروقراطية معها، والبرهان على ذلك مستويات الاقتصاد الرسمي التي تصل ما بين 50 إلى 60% من جملة الاقتصاد المصري، وقد اعترف مصطفي مدبولي رئيس الوزراء أن 95% من العقارات غير مسجلة بالشهر العقاري.
وأضافت أن قطاعا واسعا من المصريين يلجأون لطرق وأساليب شديدة الالتواء للتهرب من هذه الرسوم، من أول كتابة مؤخر صداق صغير ومخالف للواقع لعدم دفع رسوم كبيرة للمأذون، نهاية بعدم كتابة القيمة الحقيقية للعقارات، تهربا من سداد الرسوم والضرائب المستحقة لصالح الدولة.
وأضافت الورقة هناك أيضا عقود العمل حيث يلجأ الكثير من أصحاب العمل إلى كتابة عقود بأرقام صغيرة، حتى لا يدفعوا مبالغ كثيرة للتأمينات.
غضب شعبي
وقالت الورقة إن "من شان نجاح الخطوة الانقلابية أن يترتبت عليها 4 أمور:
أولا، خفض معدلات الدين القومي ونسبته للناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى النصف تقريبا.
ثانيا، تحسن من مؤشرات الاقتصاد أمام الجهات والمؤسسات المالية الدولية.
ثالثا، سوف تزيد من موارد الدولة عبر زيادة التحصيل الضريبي والرسوم وعمليات قوننة الاقتصاد الموازي.
رابعا، تفضي إلى زيادة منسوب الغضب الشعبي ضد النظام؛ لأنه ببساطة لم يعمل على زيادة الإنتاج عبر إدارة ناجحة لاستثمار موارد الدولة بقدر ما توجه نحو جيوب المواطنين وملاحقة التجار والصناع والمهنيين الصغار ومضاعفة أعبائهم، بفرض المزيد من الضرائب والرسوم على أنشطتهم الاقتصادية".
اقتصاد الجيش
وأشارت الورقة إلى أنه في الوقت الذي يحرص فيه نظام السيسي على دمج الاقتصاد الموازي والذي يعمل فيه 7 ملايين مصري من صغار التجار والمهنيين والباعة الجائلين، فإنه يعزز سيطرة الجيش على الاقتصاد حتى تمكنت المؤسسة العسكرية من تكوين إمبراطورية اقتصادية مترامية الأطراف تهيمن على نحو 40 إلى 60% من الاقتصاد المصري كله، لكن الجيش لا يدفع أي ضرائب عن هذه الأنشطة الاقتصادية الواسعة بما فيها القيمة المضافة وفق قانون 2016 الذي أصدره السيسي".
وأوضحت أنه "من الأولى أن يدمج السيسي اقتصاد الجيش أولا في الاقتصاد الرسمي للدولة، ليحقق طفرة اقتصادية كبرى ويدر نحو مليار جنيه سنويا هي قيمة الضرائب المستحقة على مشروعات الجيش وشركاته وأنشطته الاقتصادية، وأنه في هذه الحالة فإن دمج الاقتصاد غير الرسمي سيكون مشروعا وأخلاقيا طالما ليس هناك استثناءات حتى للمؤسسة العسكرية، وتكريس خضوع الجميع للقوانين المرعية".
أرقام في الحسبان
ولفتت الورقة إلى مجموعة أرقام يجب أن تراعى في النظر لمسألة الدمج، ومنها؛ قيمة الإيرادات في الموازنة العامة للدولة (2021/2022) وتبلغ نحو 1.365 تريليون جنيه، وتبلغ قيمة الإيرادات الضريبة منها 983.1 مليارا بنسبة تصل إلى 73% من جملة إيرادات الدولة.
أما الإيرادات الأخرى غير الضريبية من صناعة وتصدير وزراعة وقناة السويس وسياحة وغيره فتبلغ نحو 380.6 مليار جنيه فقط.
واعتبرت الورقة أننا أمام كارثة هي سداد أقساط القروض تصل إلى 593 مليار جنيه، والفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في مشروع الموازنة بنحو 579.6 مليار جنيه، وبالتالي فإن إجمالي أقساط وفوائد الديون المستحقة نحو 1.172 تريليون جنيه، فإذا طرحنا هذا الرقم من جملة الإيرادات (1.365 تريليونا) يتبقى 193 مليار جنيه فقط، يفترض أن تخصص لباقي بنود المصاريف في الموازنة والتي تبلغ تريليون و837 مليارا و723 مليون جنيه.