بعد الزيت والغاز.. ارتفاع كبير بأسعار السلع والتضخم والركود يهدد بانهيار الاقتصاد

- ‎فيأخبار

عقب قرارات حكومة الانقلاب برفع أسعار الغاز الطبيعي والزيت التمويني وهو ما أدى إلى موجة غير مسبوقة من ارتفاع أسعار جميع المنتجات في الأسواق، ومع تحذيرات عالمية بوجود موجة ركود تضخمي قد تهبط بمعدلات النمو العالمي وسط توقعات بأزمة غلاء في أسعار الغذاء مع نقص في سلاسل إمداد الغذاء العالمي، زعمت حكومة الانقلاب أنها ستتدخل بحزمة تحفيز جديدة وأن الوضع تحت المراقبة رغم أن هذه الأزمات تهدد الاقتصاد المصري بالانهيار.

وقال مصدر مسئول بحكومة الانقلاب إن "الموازنة تحتوي على حزمة استثمارية ضخمة غير مسبوقة، لتحفيز الاقتصاد للوصول لمعدل نمو ربما يرتفع عن 5.6% بقيمة 375مليار جنيه للعام المالي الحالي وفق تعبيره".

وأضاف المصدر "يتم حاليا التحضير لإطلاق برامج تحفيز تتضمن 3 قطاعات أساسية وستسهم الحوافز في دفع الأسعار في السوق للانخفاض، حيث تستهدف الحوافز قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات من خلال حوافز تمثل دعما مباشرا للقطاعات المستهدفة بحسب زعمه".

وزعم أن حكومة الانقلاب تتحمل ارتفاع تكلفة شحن السلع الإستراتيجية والتي صعدت من 200 و300دولار للطن لأكثر من  5000 دولارا حاليا، بالإضافة لتكلفة استيراد القمح التي ارتفعت والزيوت دون أن يكون هناك زيادة في أسعار السلع الإستراتيجية في الأسواق".

كان مجلس وزراء الانقلاب قد قرر تحديد أسعار الغاز الطبيعي الجديدة للمصانع، وتضمنت، أن يكون سعر 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بنسبة زيادة 26% لصناعة الأسمنت والحديد والصلب والأسمدة والبتروكيماويات، أو طبقا للمعادلة السعرية الواردة في العقود، كما يحدد سعر المليون وحدة حرارية بريطانية لكافة الأنشطة الصناعية الأخرى عند 4.75 دولار بنسبة زيادة 8% فقط.

فيما أعلن علي المصيلحي وزير التموين الانقلابي "رفع أسعار الزيت التمويني من 20 إلى 25 جنيها للزجاجة الواحدة، وألمح إلى أن ارتفاع الأسعار سوف يشمل رغيف الخبز والسكر أيضا خلال فترة قريبة".

 

معدل التضخم

من جانبه اعترف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بأن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ارتفع في سبتمبر الماضي إلى 8% مقابل 6.4% في أغسطس الماضي.

وقال الجهاز المركزي إن "معدل التضخم في المدن إلى 6.6% مقابل 5.7% في أغسطس، في حين قفز معدل التضخم الشهري بنسبة 1.6% لإجمالي الجمهورية خلال سبتمبر الماضي، مقابل معدلا سالبا 0.1% خلال شهر أغسطس".

 

أسباب داخلية

حول ارتفاع الأسعار أكد حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والتي تخطى في بعضها نسبة 100 %، يرجع في الأساس إلى ارتفاع الأسعار العالمية خاصة أن معظم هذه السلع مستوردة ومنها الحبوب والبقول بكافة أنواعها.

وقال أبوصدام في تصريحات صحفية إن "هناك أسبابا داخلية لهذه الارتفاعات، كذلك منها ارتفاع مستلزمات الإنتاج، كالوقود والأعلاف والأسمدة، والتي يتم تحميلها على سعر السلعة".

وكشف عن ارتفاع أسعار الزيتون بنسب تخطت 100 %، إذ تراوح متوسط الأسعار من 15 إلى 30 جنيها للكيلو بحسب النوع مقابل 15 جنيها العام الماضي .

ونوه أبو صدام إلى أنه يمكن زيادة إنتاج القمح بحوالي مليون طن حال الاعتماد على التقاوي التي تتميز بإنتاجيتها العالية، مشيرا إلى أن 75 % من الفلاحين يعتمدون على التقاوي التي يخزنونها من العام السابق (كسر محلي) لرخص سعرها، ولعدم كفاية تقاوي زراعة الانقلاب لكل المساحة المزروعة.

 

السعر العالمي

وقال أشرف غراب، خبير اقتصادي إن "السبب في رفع أسعار الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستهلاك، كمصانع الأسمنت، والحديد، والأسمدة بنسبة 28% هو ارتفاع أسعاره عالميا بصورة غير مسبوقة، لأن تسعير الطاقة في مصر مرتبط بالسعر العالمي".

واعتبر غراب في تصريحات صحفية أن رفع سعر الغاز حاليا هو قرار احترازي لما يحدث بالعالم، موضحا أن رفع أسعار الغاز سيؤثر بالطبع على أسعار الخضر والسلع الغذائية نتيجة زيادة المصانع لأسعار الأسمدة، إضافة إلى رفع أسعار الأسمنت والسيراميك والحديد، لأن الأسواق مرتبطة بالعرض والطلب والمخزون.

وأشار إلى أن موجة الارتفاع في أسعار الغذاء التي يشهدها العالم وفق ما أعلنته منظمة الفاو في سبتمبر لتبلغ ذروة 10 سنوات، حيث ارتفع مؤشر المنظمة لأسعار الغذاء ليسجل 130 نقطة سبتمبر الماضي، مقارنة بـ 128.5 نقطة في أغسطس، ما زاد أسعار الغذاء بنسبة 33 % ، موضحا أن سبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمي يتمثل في ضعف إنتاج المحاصيل، بسبب التغيرات المناخية خاصة الطقس الجاف في بعض الدول المصدرة، ما أثر بالسلب على إنتاجية المحاصيل الزراعية، إضافة إلى الإقبال الشديد من الصين على زيادة الطلب وتخزين احتياطات غذائية لمخاوفها بعد تأثرها بجائحة كورونا .

وأضاف غراب أن صندوق النقد الدولي توقع في تقريره الأخير أن يستمر التضخم  العالمي إلى منتصف عام 2022، موضحا أن المرصد المالي لصندوق النقد الدولي أكد في تقريره أن الدين العالمي ارتفع بنسبة 14 % بحجم بلغ 226 تريليون دولار خلال عام 2020، وأن دولا كثيرة معرضة لأزمة اقتصادية جديدة.

 وأشار إلى أن من الأسباب العالمية لزيادة أسعار الغذاء بعد المناخ السيء، ارتفاع أسعار الطاقة من البترول والغاز وارتفاع تكاليف الشحن والنقل، إضافة إلى الطلب القوي على الوقود الحيوي، وارتفاع أسعار الأسمدة وانخفاض اقتصادات بعض الدول ما تسبب في انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لديها وأثر على استيرادها للغذاء بالسلب.

وأكد غراب، أن ما يحدث بالعالم سيكون له تأثير بالسلب على السوق المحلي من موجة ارتفاع في أسعار الغذاء ما يؤثر على ارتفاع معدل التضخم ومع دخول فصل الشتاء سيكون هناك زيادة على الطلب ونقص في المعروض من السلع، موضحا أن التقارير الرسمية أكدت ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والبيض والدواجن والألبان .

وقال إن "أسعار الحديد في الأسواق المحلية ارتفعت الفترة الأخيرة، لتأثره بموجة ارتفاع الأسعار العالمية، بسبب زيادة المواد الخام ونقص الخامات وارتفاع أسعار البترول والغاز الطبيعي والكهرباء ، والذي تسبب في رفع أسعار النقل وتكلفة الشحن، بالإضافة إلى زيادة أسعار الخردة في البورصات العالمية ومصر، لأنها تدخل في صناعة الصلب لافتا إلى أن زيادة أسعار البليت وصلت لـ 15 % .

وطالب غراب حكومة الانقلاب باتخاذ إجراءات سريعة لتوفير السلع الغذائية، وتشديد الرقابة على الأسواق ومتابعة الأسعار للقضاء على جشع التجار الذين يستغلون الأزمة في رفع الأسعار .

 

ارتفاع معدل الطلب 

وكشف إبراهيم محمود العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، عن مجموعة أسباب غير اعتيادية طرأت على الأسواق الداخلية والدولية كانت وراء الارتفاع الملحوظ في مستوى الأسعار القياسية للمستهلكين خلال الشهرين الماضي والحالي.

وقال العربي في تصريحات صحفية إن "أبرز المتغيرات التي طرأت على الأسواق المحلية ورفعت حجم الطلب الكلي مع ثبات حجم المعروض من السلع، تمثلت في تضاعف حركة السياحة الوافدة خلال الشهرين الماضيين، ووصل عدد السائحين إلى حوالي 4.4 مليون سائح وهو ما أدى إلى زيادة طلب الفنادق على المنتجات الطازجة من الدواجن واللحوم والخضروات والفاكهة لاستيفاء الاحتياجات اليومية للسائحين".

وأشار إلى أن من بين الأسباب أيضا ارتفاع معدل الطلب اليومي على المنتجات الطازجة والذي يعد أحد أنماط ارتفاع حجم الطلب اليومي بغرض التخزين نظرا لبدء العام الدراسي الجديد وبدء الأسر المصرية في رفع حجم المخزون لضمان توافر المخزون اللازم بالمنازل.

وذكر العربي أن من بين الأسباب كذلك ارتفاع حجم الصادرات الزراعية للأسواق الدولية، والذي ارتفع منذ يناير الماضي بحوالي 16% مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبقه نظرا لتعرض العديد من دول العالم لتغيرات مناخية أثرت علي المحاصيل الزراعية بالأسواق الدولية مع ثبات نسبي في إجمالي حجم الإنتاج الزراعي المحلي.

وأوضح أن من بين أسباب ارتفاع الأسعار التغيرات المناخية التي أثرت في حجم الإنتاج الزراعي والحيواني، ما أدى إلى انخفاض حجم الإنتاج الحيواني وزيادة حجم الفاقد (الهالك) خاصة من الدواجن و خروج العديد من صغار المربين من الأسواق.

وأكد العربي أن هذا الخروج ترك فجوة في العرض مقابل الطلب ظهرت آثارها على الأسعار خلال شهر سبتمبر الماضي موضحا أنه على مستوى الأسواق العالمية، شهد الاقتصاد العالمي ارتفاعا غير مسبوق في معدلات التضخم مع ما تشهده الأسواق العالمية من آثار سلبية لجائحة كورونا والتي أدت إلى إغلاق كامل في دول العالم وما ترتب على ذلك من نقص المخزون الإستراتيجي العالمي ونقص في الإنتاج.

وتوقع استمرار أزمة نقص الطاقة في الأسواق العالمية حتى منتصف العام المقبل بجانب تعثر عمليات الشحن الدولية والتي طالت أسواق أوروبا وأمريكا وبريطانيا والصين.