التقارب السعودي الإيراني ينهي حلم إسرائيل في تكوين حلف عربي صهيوني

- ‎فيعربي ودولي

كان الهدف الرئيسي من زوبعة التطبيع التي رعاها الرئيس الأمريكي السابق ترامب بين إسرائيل و4 دول عربية وارتفاع المطبعين إلى 6 دول عربية، هو السعي لتشكيل تحالف عربي إسرائيلي ضد إيران.

كانت هذه هي أُمنية تل أبيب منذ سنوات، وعززها انهيار الربيع العربي وتقارب الرؤى بين حكومات عربية وإسرائيل فيما يخص مواجهة التيارات الإسلامية وإيران معا.

وصل الأمر لحديث رونالد لاودر رئيس الكونجرس اليهودي العالمي عن تشكيل حلف ناتو للشرق الأوسط يضم إسرائيل والدول العربية لمواجهة إيران، واللعب علي وتر تخويف العرب من قنبلة نووية إيرانية.

دعا في مقال نشره بصحيفة يديعوت أحرونوت 4 مارس 2021 لمتابعة اتفاقات أبراهام التطبيعية بخطوة أخرى جريئة بتشكيل ناتو عربي إسرائيلي لضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط ضد التهديد الإيراني.

لذا انزعجت تل أبيب بشدة من محادثات التقارب الإيرانية السعودية الأخيرة، وتبادل التصريحات الودية واللقاءات المتكررة بين مسئولي البلدين لإعادة العلاقات.

 

خوف صهيوني من تحالف السعودية والإمارات

وحذر المحلل السياسي لصحيفة هآرتس تسفي بارئيل 14 أكتوبر 2021 من أن نجاح مفاوضات التقارب بين إيران والسعودية، سيكتب فصل الختام للتحالف العربي الإسرائيلي المناوئ لطهران والذي علقت عليه إسرائيل آمالا عريضة.

قال إن "الإسرائيليين لم يعولوا فقط على التقارب العربي الإسرائيلي ضد إيران في لجم طهران، ولكنهم اعتبروا أن القواسم المشتركة بين إسرائيل والسعودية فيما يخص التهديدات الإيرانية، قد تعجل بالتطبيع مع الرياض".

تمنى ألا يعرقل هذا التقارب احتمالات التطبيع السعودي الإسرائيلي، مشيرا أن الإمارات سبق أن وقعت اتفاقات مع إيران وهناك تقارب بينها وبين إيران، لكن هذا لم يمنعها من التطبيع مع إسرائيل.

ويوم 15 أكتوبر 2021 بعد أربع جولات من المحادثات أجرتها المملكة مع إيران منذ أبريل قال وزير الخارجية السعودي إن "المملكة تدرس السماح لإيران بإعادة فتح قنصليتها في مدينة جدة".

وقال لصحيفة فايننشال تايمز إن "الرياض جادة بشأن محادثاتها مع إيران، لكن المحادثات لم تُحرز تقدما كافيا لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة".

لم يمضِ يوم آخر إلا وتحدثت إيران عن رغبتها في علاقات ودية ليس فقط مع السعودية ولكن أيضا مصر والمغرب.

وقال مدير عام دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسينيان 16 أكتوبر 2021 إن "تحسن علاقتنا مع السعودية مستقبلا سينعكس إيجابا على علاقاتنا مع عدد كبير من دول الخليج وشمال إفريقيا".

أوضح أن بعض دول المنطقة كمصر والسودان والمغرب وغيرها قطعت علاقاتها معنا بعد القطيعة التي حصلت بيننا وبين السعوديين، لذا نتوقع تحسن العلاقة مع القاهرة والمغرب.

والعلاقات بين السعودية وإيران المقطوعة منذ أكثر من 5 سنوات، لكن تقارير تحدثت عن وجود بوادر تحسن في العلاقات وتخفيف التوترات.

هذا التحسن في العلاقات السعودية الإيرانية يزعج الإسرائيليين بشدة حتى إن الكاتب تسفي بارئيل قال في مقاله السابق صحيفة هآرتس إن "عودة العلاقات بين الدولة الفارسية ونظيرتها الخليجية التي لم تعترف بعد بإسرائيل من شأنه أن يرفع الحواجز أمام قنوات الاتصال ما بين جميع الدول العربية من جهة وإيران من جهة أخرى".

وذكر الكاتب أنه يتبين لتلك الدول الآن بأن المعركة ضد إيران لم تعد مرغوبا فيها، وأن إسرائيل ليست سوى وسيط يحصل على العمولة، ولكنه لا يستطيع تسليم البضاعة.

 

اللعب على وتر النووي

ومن سعيها لترهيب دول الخليج من إيران تحذر تل أبيب من النووي الإيراني وخطره علي الخليج مثل إسرائيل.

وخلال زيارته الأخيرة لواشنطن ظل وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد يحذر الخليجيين من السلاح النووي الإيراني رغم أن بلاده تمتلك سلاحا نوويا وإيران لم تمتلكه بعد.

قال إن "إيران أصبحت عنصرا مهددا للأمن في المنطقة بتطوير نظامها النووي والاقتراب من إنتاج صواريخ بالستية، وشدد على أن إسرائيل لا يمكن أن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي".

أيضا قال الرئيس الجديد لجهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك" رونين بار إن "محور الشر الشيعي بقيادة إيران لا يزال يشكل التهديد المركزي للسلام الإقليمي، بحسب صحيفة يسرائيل هيوم 14 أكتوبر الجاري، ودعا لتحسين العلاقات الإسرائيلية العربية ضد إيران".

 

إسرائيل محل أمريكا!

منذ نشأتها، شهدت الولايات المتحدة ما يسميه علماء السياسة الأمريكان "نظرية البندول" التي تتلخص في اتجاه السياسة الخارجية للإدارات المختلفة لفترات تدخلية في شئون العالم، يعقبها فترات انعزالية تنكفي فيها على شئونها الداخلية.

بموجبها باتت السياسة في الولايات المتحدة أشبه بحركة بندول ساعة الحائط الذي يتحرك من أقصي اليمين إلى اليسار، ثم العودة من أقصى اليسار لليمين، وهكذا.

غالبا ما تتميز الفترة التدخلية، في شئون العالم بغوص أمريكا في وحل حروب وتدخلات خارجية، وترتبط أكثر بالرؤساء الجمهوريين، ويعقبها فترة انعزالية يقودها غالبا رؤساء من الحزب الديمقراطي، يركزون على الاصلاحات الداخلية.

لأن خياري الانعزالية والتدخل أو الانفتاح الأممي لم يُفضِيا إلى تحقيق مصالح الولايات المتحدة بالشكل المطلوب، أصبح إيجاد خيار ثالث وسطي للسياسة الخارجية الأمريكية أمرا لا مفر منه يركز على المصالح ذات الأولوية.

أشار لها الخيار الثالث للسياسة الخارجية الأمريكية بين الانعزالية والتدخلية "تشارلز كوبشان" أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون، في مقال بعنوان المسار الأوسط في السياسة الخارجية الأمريكية، نشرته مجلة فورين بوليسي 15 يناير 2021.

وتطرق له الرئيس الأمريكي بايدن في أول خطاب له عن السياسة الخارجية بربط الداخل بالخارج، مشيرا لنية الربط بين الداخل الاقتصادي والسياسة الخارجية الأمريكية.

اتضح ذلك في خطوتين مهمتين، الأولى: إعلان بايدن فور توليه، أنه سوف يتبنى سياسة خارجية للطبقة الوسطى، والثانية: تشكيل جديد لمجلس الأمن القومي الأمريكي عكس أولوية الداخل الاقتصادي الأمريكي في السياسات الخارجية.

لكن هذه السياسة الوسط التي اتبعها بايدن، ركزت على الانسحاب من المنطقة العربية خصوصا الشرق الأوسط، كما ظهر في حالات مثل تقليص الوجود في العراق والانسحاب الكامل من أفغانستان ووقف دعم حرب اليمن وغيرها.

الانسحاب أو الهروب الأمريكي من المنطقة طرح سؤالا، من الذي سيلعب دور ضابط الإيقاع الرئيسي في المنطقة العربية عموما، والشرق الأوسط خصوصا، مع استمرار خطة الانسحاب الأمريكية؟.

كانت اتفاقات إبراهام التطبيعية التي أبرمتها إسرائيل مع أربعة دول عربية بدعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، مدخلا لحديث مراكز الأبحاث الإسرائيلية عن تحالف إسرائيلي عربي تارة ضد إيران وتارة أخرى ضد التطرف الاسلامي.

وجاءت القفزة الكبيرة في حجم التطبيع الاقتصادي بين إسرائيل والدول العربية والتي بلغت 243 بالمئة خلال السبعة أشهر الأولى من 2021، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل 5 سبتمبر 2021 لتعزز الحديث عن تحالف اقتصادي إسرائيلي عربي.

الجديد هو أن المستشرق خبير الأمن القومي الصهيوني "دان شوفتان" نشر مقالا في صحيفة يسرائيل هيوم 10 سبتمبر/ أيلول 2021 يرى في الإهانة التي تلقتها أمريكا في أفغانستان فرصة إستراتيجية لإسرائيل لطرح نفسها كقائدة حلف يضم الدول العربية.

قال إن "هدف هذا الحلف الذي يضم دولا عربية هو سد الفراغ الذي ستتركه أمريكا في المنطقة مقابل مكاسب هائلة تجنيها إسرائيل من واشنطن.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني صالح النعامي ما كتبه "شوفتان" طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت صراحة على بايدن في لقائهما الأخير بواشنطن، ويتبناه الكثيرون في إسرائيل.

أكد في تغريده على حسابه تعليقا على مقال "شوفتان" إن هذه السردية تفترض أن تحصل إسرائيل فقط على مكاسب هائلة، متسائلا، وماذا ستحصل نظم الحكم العربية التابعة لها؟.

 

خطط إسرائيل من التطبيع

ما خطط إسرائيل لتشكيل تحالف مع الأنظمة العربية لسد الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي من المنطقة؟ وهل تصبح تل أبيب كولاية أمريكية عمليا هي من تحكم المنظمة وتدير الأنظمة التي تقدم فروض الطاعة لأمريكا ونائبتها في المنطقة؟.

وهل انهارت أحلام الدولة الصهيونية بعد تحسن علاقات السعودية وإيران علما أن هذا التحسن يصب في مصلحة البلدين؟

وقطعت الرياض وطهران العلاقات الدبلوماسية في يناير 2016 بعد تعرض السفارة السعودية للنهب في طهران، بعد أن أعدمت المملكة رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر.

وتصاعدت التوترات بين السعودية وإيران بعد دعم الرياض قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في 2018 بانسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي مع طهران وفرض عقوبات شديدة عليها.

وفي العام التالي تعرضت السعودية لهجوم بطائرات من دون طيار على البنية التحتية النفطية، أدى إلى توقف نصف إنتاج المملكة مؤقتا، وهو الهجوم الذي اتهمت فيه المملكة إيران بتخطيطه.

ويقول دبلوماسيون إن "الرياض تريد من طهران استخدام نفوذها على الحوثيين في اليمن للمساعدة بإنهاء الحرب هناك، مع حرص المملكة على الخروج من الصراع بعد التدخل عام 2015 لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا".