خيانة السيسي للمصريين تفاقم أزمة القمح

- ‎فيتقارير

كان الرئيس المنتخب ديمقراطيا من الشعب المصري محمد مرسي أحرص ما يكون على تحقيق الأمن المصري بشتى أنواعه ،سواء الأمني أو الاجتماعي أو الاقتصادي، ساعيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية للمصريين والتي تحقق الاستقلالية للقرار المصري في حال تحقق الاكتفاء منها، وفي مقدمتها القمح، حيث توسع في زراعته ووضع خططا موسعة مع وزيره باسم عودة، مقدما شتى أنواع الدعم الزراعي والاقتصادي للمزارعين ، وهو ما يضمن تقليص الاستيراد وتوفير العملة الصعبة على مصر وتأمين احتياجات المجتمع وغذائه الأساسي، وهو النهج الذي عجّل بدعم الغرب وأمريكا وروسيا للانقلاب على الرئيس الوطني المخلص لشعبه.
وعقب الانقلاب العسكري ، سار السيسي في نهج معاكس تماما لما انتهجه الرئيس محمد مرسي، بتقليص الدعم عن الزراعة والتوسع في إنتاج الخضار والفاكهة من أجل التصدير وتحصيل الأموال للواءات الجيش والعسكريين، الذين يسيطرون على شركات التصدير والاستيراد والصوب الزراعية والمزارع الكبرى.

حتى ضربت زراعة القمح العالمية أزمات المناخ وتقلص إنتاجه العالمي في روسيا وأوكرانيا ، ما يفاقم تكفلة استيراده وهو ما يضع السيسي ونظامه أمام مأزق جديد، إلا أن السيسي المتوحش لن يعدم وسيلة في تحميل المواطن أعباء الزيادات السعرية، سواء بإلغاء الدعم التمويني عن الرغيف الذي سيصل سعره التمويني لنحو 60 قرشا وهو ما يزيد من نسب الفقر والجوع والغلاء في المجتمع المصري.
ووفق موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، فإنه بالتزامن مع انعقاد قمة الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ في جلاسكو، تعاني أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان مصر من آثار مثل هذه التغييرات على إنتاج القمح الدولي.
فنقص المعروض من المخزون والطلب الدولي القوي أدى إلى ارتفاع أسعار القمح في السوق الدولية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2012، ولزيادة الضغط  فقد فرضت روسيا، أحد أهم موردي القمح لمصر، ضرائب على صادرات القمح، هذا بالإضافة إلى ضعف حصاد الربيع من القمح، وهي أخبار سيئة للغاية بالنسبة لمصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، ففي الأول من نوفمبر، حجزت الهيئة العامة للسلع التموينية 180 ألف طن من القمح الروسي المطحون بسعر 332.55 دولار للطن.
كان هذا أعلى بنحو خمسة دولارات مما دفعته الهيئة في القمح لمورديها الرئيسيين، روسيا ورومانيا وأوكرانيا، قبل أقل من أسبوع، كما أن السعر الأخير يعد أعلى بنحو 80 دولارا مما كان متوقعا في موازنة حكومة الانقلاب للسنة المالية 2020/2021. فيما قال المحللون إن "هذه الفجوة الواسعة بين التوقعات والواقع تلقي الضوء على التحديات التي يفرضها تغير المناخ على قدرة البلدان على تأمين احتياجاتها الغذائية".

سياسة غبية من حكومة فاشلة
وهو التوصيف الذي أطلقته مجلة الإيكونومست البريطانية على سياسة حكومة الانقلاب إزاء القمح.
أكد محمد القرش، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة المصرية، لموقع ميدل إيست آي أن تغير المناخ يتسبب في خسائر فادحة في الإنتاج الزراعي، ليس فقط هنا ولكن في كل مكان آخر في العالم، ويجب على العالم أن يعمل معا لمنع توسع آثار التغير المناخي في المستقبل.
و إذا استوردت مصر الكمية نفسها من القمح في هذه السنة المالية كما في العام السابق، فإن فاتورة استيراد القمح ستزيد بنحو مليار دولار، وقد يكون الضرر المالي للبلاد أكثر حدة إذا ارتفع سعر القمح أكثر في الأسابيع المقبلة، خاصة مع التوقعات المتشائمة بشأن الإنتاج والطلب الدولي المتزايد، كما أن الأموال الإضافية التي يتعين على مصر إنفاقها بسبب ارتفاع أسعار القمح في السوق الدولية تفاقم المشكلات التي يسببها تغيُّر المناخ بالفعل في البلاد، إذ يتسبب الاحتباس الحراري في دمار هائل للإنتاج الزراعي عندما يتعلق الأمر بالمحاصيل المهمة، مثل المانجو والزيتون،  كما يهدد الاحترار الأرضي بغمر بعض المناطق المنخفضة في مصر بالقرب من الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط.
ومثل هذا السيناريو قد يعني خسارة مصر لبعض أخصب أراضيها الزراعية، لا سيما في دلتا النيل، والتسبب في نزوح كبير بين سكان الدلتا، وقد أشار بعض الذين حضروا القمة في جلاسكو إلى مصر أثناء قرع أجراس الإنذار بشأن الأخطار التي يسببها تغير المناخ للمناطق الساحلية.

في غضون ذلك، تسعى مصر للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار القمح العالمية، ويتمثل أحد الإجراءات في تشجيع المزارعين المحليين على زراعة المزيد من القمح، إذ ترفع الحكومة ما تدفعه للمزارعين المحليين مقابل الحبوب بنسبة 20% للموسم الجديد.
قال صدام أبو حسين، رئيس اتحاد المزارعين، وهي النقابة المستقلة للمزارعين في البلاد، لـميدل إيست آي إن "الارتفاع الأخير في أسعار القمح سيشجع المزارعين على زراعة المزيد منه، وكان المزارعون في الماضي قد امتنعوا عن زراعة القمح، لأن الحكومة اشترته بسعر منخفض".
وقد زرعت مصر 3.6 ملايين فدان تقريبا قمحا في عام 2020، بينما بلغ إنتاج القمح القومي 8.9 ملايين طن في العام الماضي.
ومع ذلك، فإن هذا الإنتاج يغطي أقل من 50% من الاستهلاك الوطني السنوي، مما يجعل البلاد تعتمد بشدة على الواردات. وتتجلى جذور هذا الاعتماد في الطلب المحلي الاستثنائي على الخبز، وهو مكون رئيس في النظام الغذائي المصري منذ مئات السنين.
 

تفاقم أزمة المياه

وبسبب سياسات الغباء التي يتبعها السيسي، تفاقمت أزمة المياه بعد بناء أثيوبيا سد النهضة، الذي يقلص فرص التوسع في زراعة القمح وغيره.
فالموارد المائية في مصر ظلت كما هي منذ مئات السنين، بينما تتزايد احتياجاتها، وتقوض هذه الموارد المحدودة خطط التوسع الزراعي.
وأمام أزمة القمح واحتمالات رفع سعر الخبز في مصر، تتزايد المخاوف من أن مثل هذه الخطوة قد تؤجج الغضب في الشوارع، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الأخرى، وخاصة أسعار المواد الغذائية، في جميع المجالات في السوق المحلية.
يشار إلى أن مصر اضطرت الشهر الماضي إلى إلغاء مناقصة قمح للمرة الرابعة هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار، ولتجنب الانقطاعات المحتملة في الإمدادات من الأسواق الخارجية، ستقوم القاهرة بتجنيد بنك استثمار دولي لتوقيع عقود التحوط لاستيراد القمح.
وبجانب الأزمة الحالية فمن المتوقع زيادة نسب التضخم في مصر، حيث كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو العامل الرئيس وراء ارتفاع التضخم في مصر في الأشهر القليلة الماضية؛ إذ ارتفع التضخم العام إلى 6.6% في سبتمبر ، وهو أعلى معدل في 20 شهرا، من 5.7% في أغسطس ، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقد قفزت أسعار بعض السلع في السوق المحلي أكثر من 50%. كما تثير المخاوف من حدوث المزيد من الزيادات دعوات للسلطات لاتخاذ إجراءات لحماية عشرات الملايين من المصريين الفقراء من موجة تضخمية جديدة.
ويبقى المواطن هو الخاسر الأكبر من سياسات السيسي الغبية وغير الوطنية المحكومة بالانتهازية والتوحش العسكري الرأسمالي.