هدم مصر لأجل “العاصمة الإدارية”.. حي ألماظة أحدث الضحايا

- ‎فيتقارير

باتت يد الظلم والاستكبار في عهد المنقلب السفاح على المصريين أشد إيلاما، وتجاوزت الأحياء الفقيرة إلى الأحياء الراقية والتاريخية، فالكل بات تحت معول الهدم، فمن أحياء ماسبيرو ومنشاة ناصر والكيلو 4.5 بمدينة نصر والوفاء والأمل إلى أحياء المنيب والهرم ونزلة السمان بالجيزة وصولا إلى حي ألماظة بمصر الجديدة، لم يعد يعبأ السيسي بأحد من الشعب. فمن أجل حلم عسكر الانقلاب بعاصمة جديدة ، يبدو أنها لن تعمل كما يهوى السفيه السيسي قريبا، نظرا للأزمات الاقتصادية والبنائية التي تواجهها، وعلى رأسها انصراف كثير من الاستثمارات عن تنفيذ المشاريع، ما دفع السيسي ليقرر عدم منح أراضي جديدة لمستثمرين مالم ينجزوا نحو 30% من المشاريع التي لديهم.

 وعلى ما يبدو زاد جنون السيسي فقرر هدم منازل حي ألماظة الراقي، لصالح مشروع العاصمة، حيث نشرت الجريدة الرسمية قرارا لرئيس مجلس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، حمل رقم 3025 لسنة 2021 يقضي بـإزالة جميع العقارات السكنية المطلة على شارع حسين كامل سليم الرئيسي بمنطقة ألماظة في حي مصر الجديدة".

 ونص القرار على "الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضي والعقارات اللازمة لتنفيذ مشروع توسعة وتطوير شارع حسين كامل سليم، باعتبار ذلك من أعمال المنفعة العامة، في إطار تسهيل حركة المرور من وإلى العاصمة الإدارية الجديدة".

 

حصر العقارات 

وأوردت المذكرة الإيضاحية للقرار أن "حي مصر الجديدة أجرى حصرا للعقارات المقررة إزالتها، بحجة التعارض مع مشروع توسعة وتطوير الشارع، بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المسؤولة عن تنفيذ المشروع". وأضافت أن "محافظة القاهرة قدرت تعويضات العقارات المطلوب نزع ملكيتها بإجمالي 186 مليونا و772 ألف جنيه، فيما أدرجت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مبلغ 251 مليونا و772 ألف جنيه تحت بند أراض وقيمة تعويضات نزع الملكية لصالح تنفيذ المشروع، في خطة ديوان عام محافظة القاهرة للعام المالي 2021-2022".

 

توسعة شارع

وزعمت المذكرة أن "مشروع توسعة وتطوير شارع حسين كامل سليم بحي مصر الجديدة، يحقق نفعا عاما لأهالي القاهرة، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقرير هذه الصفة له، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات اللازمة لتنفيذه" وكان سكان منطقة ألماظة في حي مصر الجديدة، قد أرسلوا استغاثة إلى عبد الفتاح السيسي، من دون جدوى، يشكون فيها من قرار نزع ملكيتهم الخاصة بهدف توسيع شارع حسين كامل سليم، بما يمثل ضررا جسيما بأمن وملكية أسر وعائلات عاشت لعقود طويلة في المنطقة ولطالما كانت مثالا يُحتذى به في رقي عوائلها، ووطنيتهم ومنازلهم المنظمة ضمن شوارع المنطقة الواسعة".

وأضافت الاستغاثة أن "وحداتهم السكنية هي ملكية خاصة، تم شراؤها بعقود موثقة، ولها حصة في الأرض من شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وهي إحدى الشركات التابعة للدولة، وبالتالي فإنها ليست منطقة عشوائية أو مغتصبة أرضها، وتابعت أن جميع أهالي منطقة ألماظة ليسوا ضد التطوير، ولكن توجد بدائل كثيرة لتطوير الشارع بخلاف هدم منازلهم". 

 

تأليه الدكتاتور

وساهم مجلس نواب السامسونج في تسريع مآسي هدم المنازل والإزالات العقارية في مصر، إذ وافق العام الماضي، على تعديل قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، بغرض منح رئيس الجمهورية  أو من يفوضه  سلطة تقرير المنفعة العامة، تسريعا لوتيرة إجراءات نزع الملكية من المواطنين بشكل جبري، للانتهاء من مشاريع الطرق والجسور الجاري تنفيذها في بعض المحافظات، مع منح المحافظ المختص سلطة إصدار قرارات الاستيلاء المؤقت على بعض العقارات المملوكة للمواطنين في حالات الضرورة.

 

هدم عقارات الهرم 

وكان أمن السيسي هجر عددا من أهالي شارع ترسا، بحي الهرم بالجيزة، على خلفية تظاهرهم ضد قرار المحافظة إزالة مساكنهم لتوسعة الشارع، على الرغم من عدم مخالفتها قانون البناء، وذلك حتى يكون بديلا لشارع الهرم الرئيسي خلال فترة إغلاقه ، بسبب أعمال تنفيذ الخط الرابع من مترو الأنفاق، و في مارس الماضي، قرر وزير نقل السيسي، كامل الوزير، إزالة نحو 1200 عقار مأهول بالسكان من أجل توسعة الطريق الدائري، الرابط بين محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، مقابل منح المواطنين تعويضات هزيلة تبلغ 40 ألف جنيه للغرفة الواحدة ، مع اعتبار صالة الاستقبال والمطبخ غرفة واحدة، أي ما يصل إلى 160 ألف جنيه للوحدة السكنية المكونة من ثلاث غرف.

 

أسعار الوحدات السكنية 

وتتراوح أسعار الوحدات السكنية المطلة على الطريق الدائري بين 500 و800 ألف جنيه في المتوسط، أي أن قيمة التعويض لا تتجاوز نسبة 20% من سعر الوحدة الفعلي، علما أنه لا توجد وحدات في محافظات القاهرة الكبرى تبلغ قيمتها 160 ألف جنيه في الوقت الراهن، على أثر تضاعف أسعار العقارات نتيجة قرار تحرير سعر صرف الجنيه في أواخر عام 2016.

 

جيش الهدم والدمار

 ولم يشهد المصريون طوال حياتهم أي إزالات أو هدم للبيوت بداعي التطوير والتوسعة، حيث كان يقوم التخطيط العمراني بالبحث عن مسارات بديلة لمنازل وعقارات المواطنين القامة، بينما في عهد السيسي باتت جميع الأحياء معرضة للهدم، سواء أ كانت أحياء راقية أو عشوائية أو ريفية ، من أجل شبكات طرق هزيلة ومحاور مرورية بلا قيمة أو جدوى اقتصادية تكافئ العقارات التي يجري إزالتها.