وقف “توكتوك” مصر.. حل للأزمة المرورية أم بيزنس عسكري إضافي؟

- ‎فيتقارير

يوم 10 نوفمبر 2021 قررت وزارة التجارة والصناعة بحكومة الانقلاب وقف استيراد المكونات الأساسية لـ "التوكتوك" وهي القاعدة والشاسيه والمحرك.

سبق لحكومة الانقلاب أن أوقفت استيراد التوكتوك بكامله بنسبة 100% عام 2014 لكنه ظل ينتشر وتزيد أعداده بسبب دخول 40% من مكوناته الأساسية وتجميعها في مصر بالتعاون مع شركات محلية تنتج الـ 60% الباقية.

الشعبة العامة للمستوردين تقدر عدد التكاتك في مصر بأكثر من ثلاثة ملايين، قرابة 227 ألف فقط منها مرخصة بينما تقدرها إحصاءات أخرى بـ 4 أو 5 ملايين، والشباب والأسر المتعمدة على التوكتوك وصناعته بقرابة 10 مليون مصري.

دراسة رسمية أعدتها شركة N Gage Consulting للاستشارات الاقتصادية الحكومية، ذكرت أنه يوفر 200 ألف فرصة عمل سنويا، ويدر 3 مليارات جنيه دخولا شهرية لـ 1.5 مليون مواطن وحصيلة جماركه نصف مليار جنيه، وأن 30 مليون مصري يستخدمون «التوكتوك» يوميا.

 

فوائد ومشكلات

رغم أن التوكتوك حل مشاكل الكثير من الشباب والبطالة إلا أنه تسبب في مشكلات مرورية وأخلاقية وحرفية.

بسبب العائد الأعلى من التوكتوك هرب الحرفيون من الورش والمهن التقليدية للعمل عليه ولجأت أسرة لشرائه للاستثمار فيه وتشغيل أبنائها العاطلين، أصبح يسمى "حائط مبكي" لخريجي الجامعات لأنه أنقذهم من البطالة.

تغاضي الحكومة عن مخالفات التوكتوك والسماح له بالسير في الشوارع دون تراخيص طرح تساؤلا مهما عن صاحب "المصلحة" وراء ذلك.

في ظل سعي السلطة والجيش للتدخل في أي نشاط اقتصادي للاستفادة منه ماليا تدخلت في أزمة التوكتوك لمصلحتها، لأن طرح مبادرة إحلال التوكتوك بسيارات ميني فان ستستفيد منها شركات الجيش التي ستقوم باستيرادها أو تصنيعها مع الشركات الخاصة. 

الدكتور خالد قاسم المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب قال في تصريح سابق إن "هناك تنسيقا مع وزارة الإنتاج الحربي لتجميع السيارات المينى فان في مصر".

وزارة الإنتاج الحربي بحكومة الانقلاب أعلنت بالفعل قبل عدة أشهر إنتاج سيارة صغيرة تعمل بالكهرباء بتعاون صيني سعرها يتراوح بين 78 و120 ألف جنيه.

https://www.youtube.com/watch?v=JIuhD29UHZ4

يُباع التوكتوك في السوق المصري حاليا بما بين 35 و43 ألف جنيه لكن الحكومة تريد بيع الميني فان بديل التوتوك بـ 120 ألف جنيه لصالح بيزنس الجيش ولن تمنع سير التو كتوك في الشوارع الجانبية ما يعني زيادة ازدحام الشوارع لا حلا للأزمة المرورية التي يتسبب فيها التوك توك.

 

فتش عن البيزنس

لذلك لا يبدو أن هدف نظام عبد الفتاح السيسي وحكومته هو مشكلة الأساسية وهي فوضى الشارع والأثار الأخلاقية التي يتسبب فيها التوكتوك، لكن الهدف هو البيزنس وتحصيل أي أموال من المصريين.

وفي 2014 قررت وزارة الصناعة وقف استيراد «التوكتوك» والدراجات النارية وشاسيهاتها بغرض الإتجار. 

وأوضحت أنه قبل 2014، كانت عملية الاستيراد تتم بدخول 100% من مكونات التوكتوك (وحدات كل توكتوك داخل صندوق)، ويتم تجميعها في مصر، وعقب 2014، وبعد قرار منع الاستيراد، أصبحت قطع الغيار والمكونات المهمة، التي تمثل نحو 60% من التوك توك، تدخل بشكل منفرد، وتم إحلال 40% من مكونات الباقية بأخرى محلية وهو الأمر الذي تم نتيجة تحركات المستثمرين في هذا النشاط تجاه صناع القرار.

ويقول عضو الشعبة العامة للمستوردين، مصطفى المكاوي، والذي يمتلك مصنعا لقطع الغيار التكميلية للتوك توك، عن قرار وقف استيراد كل مكونات التوك توك إنه "قرار كارثي لأنه يتجاهل البعد الاقتصادي والاجتماعي والإنساني لشريحة كبيرة من العاملين والمتعاملين مع التوك توك في الشارع المصري، خاصة أصحاب الاستثمارات الصغيرة وشرائح العمالة المختلفة".

وأشار المكاوي إلى أن تقديرات العمالة المباشرة وغير المباشرة في صناعة التوك توك تتجاوز عشرة ملايين عامل، وأن حجم الاستثمارات في النشاطات المرتبطة بتلك الصناعة يصل إلى خمسة مليارات جنيه، في أنشطة الاستيراد، ونحو 60 إلى 80 للصناعات المغذية، بخلاف نشاط التجميع نفسه.

وقال مجلس إدارة شركة «جي بي غبور أوتو»، منصور قباني، إن "الخسائر الحقيقة سيتكبدها نحو 19 مصنعا تنتج المكونات المحلية التي يعتمد عليها ممارسي نشاط التجميع، «المصانع دي ما لهاش بديل ولا شغل تاني، بمجرد ما قطع الغيار الموجودة في السوق تخلص في خلال ثلاث شهور لازم يلاقولهم شغلانة تانية».

 

ماذا وراء الصفقة الجديدة؟

وكانت خطة التخلص التدريجي من التوكتوك قيد التنفيذ منذ فترة، وذلك عبر قيام هيئة التنمية الصناعية بوقف منح تراخيص مصانع تصنيع وتجميع التوك توك وبالتزامن مع إصدار مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، قرارا بالبدء في برنامج لاستبدال وإحلال عربات "التوك توك" التي تزدحم بها شوارع مصر بسيارات صغيرة "ميني فان"، وصلت مئات "الميني فان" لمواني مصر.

سرعة وصول الـ "ميني فان" أثار تساؤلات حول: من صاحب الصفقة الجديدة؟ وما مصير عربات "التوكتوك" الحالية، المسجل منها لدى إدارات المرور فقط 260 ألف توك توك، بينما الأعداد الحقيقية في الشارع المصري تتعدى المليونين؟

https://www.facebook.com/ms5ramsrya/photos/a.473685932726898/2435422653219873/?type=3&theater

ليتم الكشف لاحقا عن استفادة شركات الجيش من ذلك وهو ما كشف عنه ساويرس في تصريحات للوكالة الفرنسية 21 نوفمبر 2021 حيث أكد أن شركات الحكومة والجيش لا تدفع ضرائب وتزاحم القطاع الخاص.

حيث قال الملياردير نجيب ساويرس في مقابلة مع فرانس برس "يجب أن تكون الدولة المصرية جهة تنظيمية وليست مالكة  للنشاط الاقتصادي وأوضح أن الشركات المملوكة للحكومة أو التابعة للجيش لا تدفع ضرائب أو جمارك،  وأن المنافسة من البداية غير عادلة".

وقالت الوكالة الفرنسية إنه "في حكم عبد الفتاح السيسي منذ 2014، حقق اقتصاد الجيش نموا ملحوظا إذ تسند له العديد من المشاريع وبناء على ذلك يقيم شراكات مع مجموعات القطاع الخاص لمشاركته التنفيذ، من بينها أوراسكوم للإنشاء المملوكة لعائلة ساويرس".

وقال السيسي في أحد المؤتمرات العامة عام 2016 إن "اقتصاد الجيش يمثل نحو 2 في المئة من الاقتصاد الوطني وأضاف نود أن يصل إلى 50 في المئة" وفي مصر لا يتم نشر أي أرقام رسمية حول الوضع المالي للجيش.